من غير المسموح توقف المعمل عن العمل؛ نظراً لأهميته بتأمين مستلزمات السوق المحلية من المواد التي ينتجها، ووجوب موافاة مجلس الوزراء أسبوعياً بقائمة تتضمن مبيعات المعمل والشركات المستهدفة بالمبيع، هذا ما شدد عليه رئيس مجلس الوزراء المهندس عماد خميس، حيث كانت الشركة العامة للمنتجات الفولاذية والحديدية في حماة (حديد حماة)، محط اهتمام مجلس الوزراء خلال جلسته الأخيرة.
ولأجل غير المسموح، أكد خميس ضرورة تأمين متطلبات استمرار العمل في الشركة، حيث كانت الأخيرة تعاني ومنذ إعادة تشغيلها وإقلاعها على فترات متقطعة، من عدم التزود بالكهرباء على مدى الـ 12 ساعة، إذ كانت التغذية لا تتجاوز أحياناً الـ 8 ساعات، إضافة إلى نقص كميات الخردة اللازمة للتشغيل.
في مقابل..!؟
في هذا السياق كان أعلن وزير الصناعة المهندس محمد معن زين العابدين جذبة خلال زيارته للمعمل في فترة عيد الفطر الأسبوع الماضي عن موافقة الحكومة على تزويد المعمل بالكهرباء 24/24 ساعة.
في مقابل هذا الواقع التشغيلي لحديد حماة، كان ولا يزال معملا الصهر اللذان تعود ملكيتهما للقطاع الخاص، في حالة التشغيل والتزود بالمواد الأولية لتصنيع الحديد وبالكميات المطلوبة دون أي قطع أو انقطاع في ذلك..؟!
لماذا..؟!
“البعث” وبحسب مصادر في وزارة الكهرباء استطاعت معرفة الكمية التي يستجرها المعملان الخاصان من الطاقة الكهربائية، إذ أكد المصدر أنها تبلغ 300 ميغاواط يومياً، بينما في الفترة نفسها كان معمل “حديد حماة” يعاني ما يعانيه من انقطاع التيار الكهربائي اللازم لعمليات الصهر والتصنيع، لحد أن ما كان يصله لا يتجاوز الـ 4 ساعات يومياً وفقاً لمصادرنا في وزارة الصناعة..!؟
تساؤلات واجبة
والسؤال الذي قد يحرج المسؤولين في الحكومة هو: هل يعقل ألا يكونوا عارفين بمثل تلك الأمور لغاية أيام قليلة ماضية..؟! وكيف يمكن تبرير كل تلك المدة الفائتة، وبذلك الواقع السلبي من التعاطي مع “حديد حماة”..؟ أي تزويده بساعات معدودة من الكهرباء لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة..، وعدم تأمين متطلبات المعمل من المواد الأولية من خردة وغيرها، في الوقت الذي يحصل المعملان الخاصان على كل ما يحتاجان إليه للتشغيل والإنتاج..!
وكذلك نسأل: هل يعقل أن يتدخل رئيس مجلس الوزراء شخصياً كي يقر ويوجه بتزويد معمل حماة بالطاقة الكهربائية، وبالخردة (المادة الأولية في صناعة القضبان الحديدية)، حيث الحاجة اليومية للمعمل من الخردة تقدر بـ500 طن بالحد الأدنى، علماً أن شركة حديد حماة تعمل بموجب وردية واحدة على مدار 24 ساعة فقط نظراً لغياب المادة الأولية..؟!
تكرار غير مبرر
وللعلم أيضاً أن المعمل كان توقف عن العمل في حزيران من العام الماضي 2018، أي بعد أقل من عام على إعادة تأهيله بكلفة وصلت لـ40 مليون دولار؛ الأمر الذي دفع البعض للتساؤل: لمصلحة من يتوقف المعمل (أكثر من مرة..)، في حين أن نظيريه يعملان بطاقتهما شبه الكاملة..؟! وكم هو مقدار فوات المنفعة..، وكم هي الزيادة غير المبررة في تكلفة المنتج والتشغيل..؟
عدم اهتمام
وبحسب المصادر فإن الموضوع كان يتابع من قبل رئاسة مجلس الوزراء ووزارة الصناعة، دون أية معلومات إضافية حول طبيعة الحلول أو المعالجة التي سيتم اعتمادها، أي إن المتابعة أخذت عاماً كاملاً، وبعد فترات كان المعمل خارج دائرة الاهتمام المطلوب وبالمقدار الذي يستحقه، حتى جاء رئيس مجلس الوزراء ليعلن قبل أيام، ويوجه بتأمين كل ما يحتاجه المعمل..!
طاقة مهدورة
علماً أن طاقة المعمل تصل إلى 288 ألف طن سنوياً، وعلى مدار 24 ساعة وعبر ثلاث ورديات، بدأ التشغيل التجريبي في نيسان 2016 بعد تحديث خطوط إنتاجه، والجدير ذكره أن “المعمل كان ينتج المعدن وفق جميع المواصفات العالمية ما رفد الميزانية بأرباح كبيرة قبل الأزمة تجاوزت في عدد من الأعوام 150 مليون ليرة؛ بينما بلغ متوسط الإنتاج اليومي بداية العام الحالي 2019 إلى ما بين 150 – 170 طن يومياً، وفقاً لمدير عام المعمل، الذي أشار آنذاك إلى أن ارتفاع الإنتاج بلغ 30 طناً يومياً، وأن الزيادة تلك أدت لانخفاض تكاليفه بشكل عام…
بكلمة ونصف..
سقنا ما سقنا من باب أن هناك قضايا صناعية تحتاج إلى قرارات، تكمن أهميتها في أن تكون بالوقت المناسب، دون أي إبطاء أو تأخير؛ منعاً لأي اتهامات قد تصح أو لا..، خاصة أن معمل حديد حماة ليس الوحيد الذي عانى ويعاني مما ذكرنا، وإنما هناك معامل أخرى بذات الأهمية والضرورة، ومنها معمل الأسمدة في حمص، وقصته مع الطاقة الكهربائية أيضاً.. فما هي حقيقة ما يحدث مع معامل قطاعنا الصناعي العام..!؟
قسيم دحدل