غسان فطوم
تتوارثٌ حكوماتنا المتعاقبة عن بعضها أمراضاً مزمنة عمرها عشرات السنين، ويبدو أنها تعايشت معها لدرجة أنها لا تفكر بالشفاء منها رغم منعكساتها السلبية على آلية العمل، فعن "المطمطة" بإيجاد الحلول "حدث ولا حرج"، والتسويف والتأجيل، وبيع الوعود المعسولة بات علامةً مسجلة، وغير ذلك من أمراض الروتين القاتل الذي تفشى في غالبية الإدارات والمؤسسات بسبب الفساد الإداري في ظل غياب المساءلة والمحاسبة!.
أمام هذا الأداء العشوائي الممل نستغرب أن نجد حماساً زائداً باتجاه "مشاريع" لا ضرورة لها بالوقت الراهن، بينما توضع العصي في عجلات مشاريعٍ وقضايا ملحّة جداً لا تحتمل التأجيل نظراً للحاجة الماسة لها!.
ولعل الأداء التقليدي الحالي للحكومة يلخّص جزءاً من هذه الأمراض الإدارية، حيث يُلاحظ غياب الرؤية الصائبة في مواجهة ومعالجة الأزمات التي مررنا بها على مدار الثمان سنوات الماضية!!.
ولو وضعنا الأزمة المعيشية للمواطن صاحب الدخل "المهدود" تحت المجهر وتفحصناها من كل الجوانب سنجد كم هو حجم الألم الذي عانى وما زال يعاني منه ابن البلد الغارق في بحرٍ من الأزمات، ولا حيلة بيده للخروج منه!.
لا نريد الدخول في متاهات توصيف تفاصيل الحالات فالإشارة تغني عن العبارة، طالما كل شيءٍ واضح، قوامهُ تراخٍ واضح في التعاطي مع حاجات ومتطلبات المواطن اليومية والموسمية، ودائماً الأعذار حاضرة "نحن في حرب".
لا شك المواطن يقدّر ذلك، ولكن ليس لدرجة التطنيش على أبسط حقوقه!.
بالمختصر، لغة المماطلة في الرد على المطالب المحقة لم تعد مقبولة، فهناك مطالبٌ يمكن تحقيقها فوراً ولا تحتاج إلى مئة ألف حساب ورأي خبير بحجة "أن القوانين والأنظمة لا تسمح"، فلِما كل هذا التعقيد، ولماذا لا يتم تعديل القوانين لصيغة تسمح بالتعاطي مع كل حالة يتحقق بموجبها الغاية والهدف من القانون؟!.
إن الاستمرار بالتعاطي الكلاسيكي مع الأزمات رغم خطورتها بات مخجلاَ، رغم ما نحن فيه من تخبطٍ وعشوائية ألحقت الضرر في الكثير من القطاعات، لذا من المفروض أن نعمل على تغيير أساليبنا في التعاطي مع ما يجري من حولنا محلياً وخارجياُ، وإلاّ سنبقى نراوح في المكان بانتظار معجزةٍ إلهية!!.