سيريانديز
لقد أسمعت أصداء تحرير حلب " من به صمم"..فالحدث لم يكن عادياً بنظر كل من يدرك الأثر الإستراتيجي لهذا المنعطف، على كلّ المستويات لاسيما الاقتصادية والسياسية، بكل ما في هذين البعدين من علاقة ارتباط وثيق في الأثر والتأثير المتبادل.
و إن كان ثمة " دستة" رسائل متنوّعة، يتضمّنها تطهير هذه المحافظة التي صمدت طويلاً وانتصرت، رسائل يلتقط منها كل متابع ومهتمّ ما يناسبه منها، إلّا أن للرسالة الاقتصادية وقعها الخاص، التي من المفترض أن تكون قد تلقفتها أذهان رجال الأعمال و المستثمرين عموماً، لاسيما من هم خارج الحدود من السوريين، وكانوا قد غادروا تحت وطأة الإرهاب وعمليات الاستهداف والتهجير المنظّم التي مورست عليهم، عبر "بنك أهداف" أعدّ خصيصاً لسورية، وبالأخصّ لحلب عاصمة الشمال والجناح الحيوي للاقتصاد السوري.
احتفينا بتحرير حلب، والآن بدأنا بإعادة إعمارها و إنعاشها اقتصادياً وخدمياً..بداية ليست مجرد ادعاء.. فإن كانت الحكومة قد حملت في حقائبها 140 مليار ليرة كدفعة على حساب إعادة دفق الحياة كاملاً إلى مدينة الصناعة والتجارة والفن والثقافة... فهذا يعني أن هناك شطراً آخر من المهمّة يقع على كاهل من لم يقولوا كلمتهم بعد، ليكتمل المشهد وتكتمل دائرة الطموح والأمل، وهم رجال الأعمال..لأن التشاركيّة لا تبدو هنا خياراً بل قراراً في مثل هذه الظروف نعتقد أن قطاع الأعمال اتخذه أو ربما في طريقه لاتخاذه و إعلانه.
ففي حلب – كما في كل المحافظات السورية - الكثير من رجال الأعمال الوطنيين الشرفاء القادرين على إحداث خرق حقيقي في جدار صعوبات الظرف الراهن، ومنها أيضاً الكثيرين الذين غادروا مرغمين تحت ضربات الإرهاب، وهم يحتفظون ويفاخرون بانتمائهم وهويتهم، وما زالوا أوفياء لمطارح نعمتهم الأساس ورزقهم وثرواتهم التي وجدوا لها مستقرات يجب أن تكون طارئة حتى يحين ظرف العودة، ونظنّه قد حان الآن فعلاً.. فقد آن أوان العودة لأن بلدنا أولى بنا جميعاً..بلدنا – أمّنا العطوف الرؤوم التي تتعافى وتتماثل للشفاء، تنتظر أن نسرّع في شفائها وتعافيها.
وإن كنّا في غرفة تجارة ريف دمشق، نملك صلاحيّة الدعوة الوديّة لكل تاجر سوري خارج البلاد، ليعود ويطبع بصمته الخاصّة في سفر سوريّة ما بعد الحرب..سورية المستقبل، فإننا أيضاً ندعوا أخوتنا وزملاءنا الصناعيين للعودة، إلى حلب ودمشق وريف دمشق وكل المدن سورية الحبيبة. إنّه لمن الموجع أن نطالع يومياً الأخبار والتقارير عن حصص الاستثمارات السورية في نمو اقتصادات بلدان أخرى عربية وغير عربيّة..وعن حجوم هذه الاستثمارات التي تتكفّل بحرق مراحل إعمار سورية، واختصارها بشكل يمكن أن يجعل من قصّة معاودة النهوض السوري حكاية أو مثلاً يسجّله التاريخ.
كلّنا معنيون بإعادة بناء اقتصاد حلب، كما أنن معنيون ببناء اقتصاد ريف دمشق ودمشق، وحمص ودرعا والسويداء واللاذقية وطرطوس..لأننا معنيون ببناء اقتصاد سورية...سورية وليس مصر أو سواها من بلدان نظن أننا لن نكون مجحفين ونحن نسميها " بلدان الشتات الاستثماري السوري"..سورية هي الأم..ونقول في أمثالنا الشعبية وبالعاميّة البسيطة والمعبّرة " الأم بتلمّ"، أي سورية بتجمعنا..ولا تتأخروا لأننا بانتظاركم وعلى حبّ سورية نلتقي.