سيريانديز – مجد عبيسي

أثار خبر متداول عبر مواقع التواصل الاجتماعي موجة من ردود الأفعال الغريبة، والتي تنم عن تغير حقيقي في إيديولوجيا المواطن السوري ومبادئه، الأمر الذي يعد مؤشراً خطراً على مفرزات ما يحدث في الواقع المعيشي، وما سيحدث في المقبل من الأيام.

الخبر أن لصاً سرق كيلو ونصف من الذهب، و500 الف "شوئسمو"، و17 مليون ليرة سورية من منزل في منطقة المالكي في دمشق..!

 

الخبر في حد ذاته ليس غريباً، فهناك الكثير من كانزي الأموال، وأثرياء الأزمة خلال السنتين الأخيرتين. الغريب في الأمر هو مئات التعليقات التي تشجع السارق، وتشد على يده، وتدعو له بالرزق، وتتهم صاحب المنزل بأنه لص!!

منهم من علّق فقط على سرقة الـ 17 مليون ليرة سورية، ولام اللص على دناءة نفسه لسرقتهم، بسبب حجمهم الكبير الذي قد يربكه أثناء الهروب والتنقلات، والمخاوف عليه من مصادرة المبلغ !.. وآخرون كثيرون سألوا اللص إن كان بحاجة إلى مساعد او شريك !

 

إن تجاوزنا الطابع "الطريف" للتعليقات، وإن اعتمدنا على القاعدة النفسية الشعبية التي تقول "بالمزاح تستشف الأرواح"، فنحن امام مؤشر خطر عن نمو بذور الإجرام لدى المواطن الطبيعي، والتي -إن وقفنا على دوافعها-، فبإمكان أي "مهدود دخل" أن يفندها عبر صفحات من القطع الكبير!

 

نحن يا سادة –على ما يبدو- وصلنا إلى حالة من العوز المفرط، وصلت بالأفراد إلى حد التعبير عن الاحتقان العام بتعليقات مازحة خوفاً من المحاسبة –ربما- او تورية للغرائز المرفوضة اجتماعية والمقبولة نفسياً وعقلياً، والمقياس الوحيد لعدم انفجار هذه الهواجس -كممارسات اجتماعية متفلتة- هو قدرة الشعب "الفريدة" على الصبر الذي تمرس عليه خلال سنوات، أو ترقبه لقوارب النجاة تنشله من الغرق في لجة الإجراءات غير الفاعلة للحكومة وأذرعها، خصوصاً أنه لم تعد هناك وزارة -على الإطلاق_ /تفش/ قلب المواطن أو المستثمر او حتى الضمير الإنساني..

اظن ان الأمر بات يحتاج الى قراءة متمعنة من الجهات المعنية، فهو يدخل بوضوح تحت بند الأمن الاجتماعي قبل ان تخرج السفينة عن مسارها..

لندعو الله بالفرج.