كتب أيمن قحف
تعود بورصات وأسواق للصدور بعد عطلةٍ إجبارية سببها كورونا..
ربما سنكون حالياً المطبوعة الوحيدة التي تصدر سواءً من المطبوعات الحكومية أو الخاصة ..
نحن نعلم أن الاعلام الإلكتروني سيّطر على المشهد، ونعلم فارق التكاليف والجهد الكبير ما بين أن تصدر ورقياً أو إلكترونياً، وبالمقابل نعيش قلة الموارد بسبب ضغط الإنفاق الإعلاني خاصةً لدى الحكومة و إيقاف الاشتراكات التي كانت تشكّل مورداً مهماً لكل المطبوعات ..
بكل الأحوال، قرارنا في بورصات وأسواق أن نبقى أوفياء لقرائنا الذين يرغبون بالتعامل مع الورق بكل حميميته ومهابته وإبهاره، قد نخسر مادياً، لكننا سنبقى أوفياء للورق ولقراء الورق ..
مع بداية عامٍ جديد، وعودةٍ جديدة، وحكومةٍ جديدة جاءت بعد توقف الاعلام المطبوع ، عام تلا عام 2020 المرعب بكل تفاصيله الصحيّة والاقتصادية والاجتماعية والبيئية ، عام كوارث صاحبتنا حتى اليوم الأخير ..
هل هناك فسحة للتفاؤل ؟
الجواب :نعم مشروطة؟!!
للمرة الألف أقول أن سورية – حتى بوضعها الراهن هي أغنى بلد في العالم بمواردها المادية والبشرية ، ومشكلتنا فقط في إدارة الموارد...
ليست لدينا إدارة كفؤة للموارد ، وليس لدينا إدارات ، وبالنسبة لي لا أعتقد أن ثمار المشروع الوطني للإصلاح الإداري ستظهر في القريب العاجل لتنعكس على الإدارة الحكومية للموارد ، فهناك بالتأكيد مقاومة للإصلاح والتغيير وبيئة غير مساعدة ، وبنفس الوقت هناك خلل بنيوي في المشروع تظهره الكثير من المؤشرات ، والأهم من ذلك أنني شخصياً أراه مشروعاً للإصلاح المؤسساتي وليس الإداري ، هناك تركيز على البنى والأشخاص وغياب للفكر الإداري القيادي الذي يصنع التغيير ويقوم بالإنجاز عبر أفضل استثمار للموارد المتاحة.
القيادة والإدارة موهبة أولاً ، تصقلها الشهادات العلمية والتأهيل والخبرة ، وفي زمننا الصعب لا بدَّ من اختيار قادة إداريين موهوبين ، ويمكن إغناء تجربتهم وشهاداتهم بتأهيل مستمر ، أما حالة القادة الإداريين الحاليين فمعظمهم موظفين بمرتبة وزير أو محافظ أو مدير عام ، بسبب آليات الاختيار البالية ..
ابنتي هند خريجة إدارة أعمال ، وتعمل مديرة موارد بشرية في مؤسسة اقتصادية خاصة كبرى ، ولديها نشاط خاص في التوظيف ، تعلمت منها معايير وضع مواصفات الأشخاص المطلوبين لأي وظيفة ، وكيف تنشر الاعلان ، وكيف تقابل المرشحين ، وكيف يتم التقييم ، وحتى طريقة إبلاغهم بالقبول أو الرفض ، كذلك كيف تصرف موظفاً من عمله بطريقة لائقة !!
ومن أصدقاء تسلموا مناصب –بعضها لا علاقة لها باختصاصهم وخبراتهم – تعلّمت أن القيادة والإدارة فن وموهبة قد يتقنها حائز ثانوية ويفتقدها حامل دكتوراه ..
تعلّمت كيف ينجح القائد عبر خبرته ومقدرته على قيادة الفريق واختياره ، وكيف ينجح المدير بالتركيز المطلق على النتائج وليس الإجراءات !!
خلاصة القول : كي تستمر بورصات وأسواق بالصدور في هذا الزمن الصعب هي بحاجة لـ (إدارة) ..
كذلك البلد كي يصمد وينهض من جديد ويستثمر موارده بالطاقة القصوى لا يحتاج إلا ل_ (إدارة)...