كتب أ.د عطا الله الرمحين
ولادة الأخلاق
(عملية طويلة للعمل المشترك بين التطبيق الاجتماعي المكتسب وبين وعي الفرد المتكون وهي عملية تؤدي إلى تعميم نتائج هذا العمل المشترك بواسطة اللغة وبالتالي نشوء الوعي الاجتماعي)
لكل مهنة ميثاقها
إن سبب نشوء الأخلاق المهنية هو مادة شيقة للغاية للتأمل، ولاسيما أن هذه المادة لم تجذب إليها الاهتمام اللازم وإن علم الأخلاق العام يتطرق إلى هذه المسائل دون التعمق بها، أما علم الأخلاق المهنية وبفضل مسيرته التاريخية لايزال إلى الآن بعيداً عن المادة النظرية ويشكل أكثر فهماً عاماً.
ويوجد بين العقائد الأخلاقية المميزة لأنواع نشاط محددة أو وضع معايير قواعد السلوك التي يمكن لها أن تساعد عند حل المصادمات الأخلاقية النوذجية بالنسبة لهذا النشاط.ان الباحث في مجال الاخلاق الصحفي أبراموف د.س عالج بأهتمام الظروف التي تحدد تلك الحقيقة، أن تطور الأخلاق يؤدي إلى انشقاق المعايير المهنية الخاصة بها.
وباعتماده على نظرية نشوء الأخلاق أثناء العمل وهو بذلك يكون قد أتبع كلاً من غريشين وموغوروف، حيث يعد نشوء الأخلاق المهنية نتيجة لتحديد أخلاق العمل تحت تأثير عملية التوزيع الاجتماعي للعمل الذي يستدعي تضيق ظروف العمل.
ومن جهة النظر هذه فإن الأخلاق المهنية تكون مايشبه الموشور الذي من خلاله تنكسر المتطلبات الأخلاقية العامة للشخص بفضل الخصوصية المناسبة للعمل في الحفاظ على الجوهر، بالإضافة إلى ذلك إن ابراموف يدعم ويعزز بالاثبات الجدي بإثبات أخر.
وبناءً على هذه الأثبات فإن الأخلاق في المجموعات المهنية حيث الأنسان يعد موضوع العمل يمتلك خصوصية معينة يظهر بوضوح في توافر المتطلبات الاجتماعية التي لاتعد بديلاً عن المتطلبات العامة، وكذلك في الترتيب الأخر للقيم الأخلاقية في وعي المختصين.
هذه التصورات يطورها الباحث في أطر التصورات عن مكانة دور الأخلاق المهنية التي تنحصر جوهرها حسب رآيه في الآتي:
إن الأخلاق المهنية لا تطمح إلى المنظم الشامل للسلوك من المختصين، وإن مجال تأثيرها محدود بالعلاقات في العمل أما متطلباتها فهي محلية ..... وإن الأخلاق تطال دوافع وأهداف وطرق ونتائج العمل أيضاً من جهة واحدة مهنية للغاية، أي من جهة المعاني القيمة وأنها تمثل الطريقة الإرشادية – التقويمية الخاصة لاستيعاب المختص لأهداف ومضامين نشاطه المهني.
ومن دون الجدل حول دور العمل في الأخلاق المهنية ومع الموافقة على وصف مجال تأثير الأخلاق المهنية فإننا نشير إلى أن الأخلاق في درجة وجودها الأول هيهات أن تستطيع أمتلاك طبيعة الاختصاص، إي أن تكون أخلاق عمل موجهة فقط إلى تنظيم سير العمل، ومن الطبيعي أن توقع العمل بالذات أيضاً في هذه المرحلة لم يستقل بعد ليصبح مجالاً مستقلاً للنشاط، وككل الظواهر غير المتطورة كان جانباً ولحظة ومجالاً لعملية واحدة للنشاط الحياتي للمجتمع الناشئ وإن حقيقة هذا الجانب (اللحظة و المجال) التي تحددت لم تلغي أبداً وجود الجوانب الأخرى، ولنقل مثل تعاون الجنسين بهدف أنجاب السلالة أو تعاون الأجيال ، ومن هنا ينتج أن الأخلاق التي نشؤها كان حقاً بتحريض في كثير من الأحيان الحاجة لتنسيق الأفعال أثناء سير العمل، ومع ذلك فأنها كآلية تنظيم يتوجب عليها أن تخدم نظام النشاط الحياتي للمجتمع بشكل عام، وأن الهدف الأخلاقي الذي تكون داخل كل فرد وأضحى عملياً شمولياً كان لايزال ككتلة واحدة.
لقد أرشد (آمر) الواجب الأخلاقي السلوك للغاية لأنها تسمح بتسجيل العنصر الذاتي (الدائم) للعلاقات الأخلاقية لتلك الآلية المنظمة للحياة الاجتماعية التي كان عليها أن تتعرض أثناء عملية تطوير المجتمع لذاته إلى تحولات عديدة تؤدي إلى أن يتمتع هو بالذات بطبيعة منتظمة.
لابد من التوقع أن أول هذه التحولات كانت قد حصلت بفعل تركيب النشاط الحياتي للمجتمع ففي مرحلة معينة وبالتناسب مع توجه النشاط برزت فيها ثلاثة عناصر مستقلة نسبياً هي:
مجال العمل، مجال الحياة، مجال العلاقات المدنية.
وكان على هذا الأمر أن يجر وراءه تعقيداً في هدف الأخلاق، وأن عملية هذا التعقيد، طويلة وعلى مدى عقود وقرون، لكنها حتمية، ففي مختلف مجالات النشاط الحياتي إن السلوك الموجه يكون متطلباً من الواجب لخيرك وخير الجميع تتطلب من الناس ظهورات متنوعة ومختلفة.
وهذه الظهورات انعكست في نفس الأنسان كنماذج و موديلات، غير متشابه لكنها حسنه من حيث السلوك وثبتت في التجربة الاجتماعية على شكل عادات مدنية وحياتية وعملية، وأخيراً قد أدركت مضيفة إلى الهدف الأخلاقي الأولي ثلاث مجموعات جديدة من الإرشادات التي تحددها وتدققها.
إن مضمون الهدف الأخلاقي المعقد في عموم وعي المجتمع سجل ونما بواسطة المقاييس المناسبة ومعايير السلوك أو فصلت حتى المعايير الدقيقة.
وبذلك كون بداية لحلقات جديدة مستقلة نسبياً في علاقات المجتمع الأخلاقية أو هذه الحلقات قد حصلت على تسمية لها في علم الأخلاق هي أخلاقية العمل، أخلاقية الحياة، أخلاقية المواطنين.
وعلى مستوى التصور فإن اهداف الأخلاق المفضلة والمحولة أصبحت تمتلك طبيعة المتطلبات الأكثر من الشخصية، لكن في الواقع أصبحت في المجتمع معايير الأخلاق عند تعزيز سلوك الإنسان في هذا المجال أو ذاك من نشاطه الحياتي هذه هي وظيفتها الرئيسية التي كانت.
إن تاريخ البشرية يشهد على أن التطور اللاحق لمجال العمل والحياة والعلاقات المدنية، خلال فترة طويلة من الزمن قد حدد بوساطة تباين الحياة الاجتماعية في حين أن اسس التباين كانت كثيرة، وإن التشكيلات العرقية انتشرت في جميع أنحاء الكرة الأرضية وبالتالي تغيرت بالنسبة لها البيئة الحياتية، وبدا التقسيم الأساس داخل القبائل الأمر الذي أدى إلى عدم توافق العديد من المصالح (وفي مقدمتها الاقتصادية).
وأنطلقت عملية توزيع العمل الاجتماعي.
إن هذا كله يعني إن الإنسان في لحظة بدء من جديد في أوضاع حرجة، عندما كان عليه البحث في ظروف مختلفة عن مختلف أنواع السلوك لوضع حد ما لهدفه الأخلاقي وفي النهاية يجب أن يكون هذا الهدف محددا في ظروف مختلفة عن مختلف أنواع السلوك لوضع حد ما لهدفه الاخلاقي وفي النهاية يجب أن يكون هذا الهدف محدداً ولفهم أن ذلك يحدث هكذا ننظر في مجال العمل لأنه في هذا المجال بالذات تولد الأخلاق المهنية وهي موضوع مجال اهتمامنا المباشر.