أكد وزير الزراعة والإصلاح الزراعي المهندس محمد حسان قطنا أن التعاون والتكتل الدولي بات ضرورة ملحة اليوم لمواجهة تحديات جسيمة من أجل استعادة الأمن الغذائي واستثمار الموارد وتطوير نظم الزراعة والغذاء والتجارة والتكيف مع تغيرات المناخ.
وأشار الوزير قطنا في كلمة أمام المؤتمر الإقليمي لمنظمة الأغذية والزراعة للشرق الأدنى وشمال إفريقيا (الفاو) المنعقد في العاصمة الأردنية عمان إلى أن الاصطفافات والتكتلات الاقتصادية الدولية والإقليمية أضحت سمة من سمات أي نشاط اقتصادي يراد له النجاح في ظل عالم سريع التغيير، لافتاً إلى أن الاجتماع بين الدول العربية خلال المؤتمر ليس إلا استجابةً للتحديات واعترافاً بأهمية التكتل الاقتصادي المناسب والتعاون في المجال الزراعي.
واستعرض وزير الزراعة ما واجهته سورية على مدى اثني عشر عاماً من الحرب الإرهابية وتداعياتها، وما أدت إليه من أضرار على كافة القطاعات الزراعية والاقتصادية والخدمية، وما تبعها من جائحة كورونا والأزمات الدولية والتغيرات المناخية والاضطرابات الاقتصادية العالمية وقانون قيصر والحصار الجائر على الشعب السوري، والتي كان لها جميعها أثراً سلبياً ليس فقط على إمدادات وأسعار الغذاء وارتفاع نسبة السكان غير الآمنين غذائياً، بل أيضاً على تأمين مستلزمات الإنتاج الزراعي كالطاقة والأسمدة والأعلاف، وفي تقويض أركان المسار التنموي الذي قطعت فيه دولنا شوطاً كبيراً سابقاً.
وقال قطنا: إن استمرار نشوء الأزمات يدفعنا إلى اتباع سياسات اقتصادية فردية دفاعية لبناء الاكتفاء الذاتي، من خلال استخدام غير مستدام للموارد الطبيعية المتاحة في كل دولة، وبشكل ينذر بالخطر والوصول إلى نقطة اللاعودة في فقدان التنوع الحيوي وانهيار النظم الإيكولوجية، وما يتبعه من تراجع لنظم الزراعة وإنتاج الغذاء كماً ونوعاً، ما يهدد مستويات الأمن الغذائي وخاصة في الدول الأقل قدرة على تمويل الاستثمارات الزراعية، الأمر الذي سيجلب مخاطر الركود التنموي في المجالات الاقتصادية والاجتماعية، ويفرض ضغوطاً تضخمية تواجه هذه الدول، وتنشأ نتيجة لذلك عواقب اقتصادية واجتماعية وأزمات في سبل العيش، وتفضي إلى موجات من الهجرة غير الطوعية.
وأضاف الوزير قطنا: إن ما تم ذكره ما هو إلا بعض المخاطر المحتملة والآثار المتسلسلة التي يمكن أن تفضي إلى أزمة متعددة المخاطر البيئية والاقتصادية والاجتماعية المترابطة، المتعلقة بالعرض والطلب على الموارد الطبيعية والغذاء والطاقة، ولن يكون بمقدور أي دولة أن تسلم من آثارها بمفردها دون تعاون وتكتلات إقليمية اقتصادية في مجال الزراعة والغذاء والبيئة والمياه والطاقة، موضحاً أن العمل على هذه المحاور من شأنه أن يفضي إلى ضمان وجود أنماط إنتاج واستهلاك مستدامة من خلال سلاسل قيمة زراعية وغذائية كفوءة وشاملة وقادرة على الصمود في ظل تغيرات المناخ، وبالتالي التقدم نحو تحقيق الأمن الغذائي، وحماية النظم الإيكولوجية وصيانتها واستدامتها، لتكون النتيجة نمواً اقتصادياً شاملاً قائماً على التعاون في المجال الزراعي بين الدول العربية ويصب في مصلحة سكانها.
وفي الجلسة الخاصة بالتنمية الريفية استعرض قطنا تجربة سورية في هذا المجال وضرورة توجه منظمة الفاو والمنظمات الأخرى الشريكة لدعم المبادرات السورية فيها، مع مراعاة التحديات التي تواجه الدول التي تعاني من أزمات في المنطقة وتوجيه الدعم الأكبر لها، إضافة إلى التمييز في قياس مؤشرات الأمن الغذائي في هذه الدول وفق الأنماط الغذائية السائدة فيها، وكذلك عند وضع برامج التنمية الزراعية والريفية فيها.
وكانت أعمال الدورة 37 للمؤتمر الإقليمي لمنظمة الأغذية والزراعة للشرق الأدنى وشمال إفريقيا (الفاو) انطلقت أمس بمشاركة وفد سورية برئاسة وزير الزراعة والإصلاح الزراعي، ويضم الوفد معاون الوزير الدكتور فايز المقداد والقائم بأعمال السفارة السورية في الأردن عصام نيال.