الإثنين 2024-10-14 17:33:23 **المرصد**
أسباب فشل القطاع العام الصناعي و الخدمي
أسباب فشل القطاع العام الصناعي و الخدمي

كتب الصناعي مازن ديروان

أود أن أشكر جميع من شارك في هذا النقاش. ذكرتم العديد من الأسباب منها ما اعتبرته صحيحاً و منها ما أعتقد أنه يتحمل بعض التصويب. و هنا أناقش بعضها:

أولاً: تحدث بعض الأصدقاء عن أن تحفيز موظفي القطاع العام و/أو معاقبتهم سيحل المشكل. هذا كلام بعيد جداً عن الواقع و لا يمكن أن يحل المشكل لأن فاقد الشيء لا يعطيه. الشخص الذي يقرر العمل في القطاع الحكومي هو يفعل ذلك لأنه بطبيعته يخاف المجازفة و لا يرغب بالعمل لساعات طوال و لا يهتم بالخلق و الإبداع و يرغب بالرتابة بحياته و الربح المادي ليس أولوية له.

هل تعتقدون أن زيادة راتبه و حوافزه سيجعلونه يفكر ليل نهار بطرق ل "تطوير" أعمال مؤسسته و تعتقدون أن كوادره من موظفي الحكومة سيتفانون في متابعة برامج التطوير و التحديث؟! هذا ضرب من الخيال! في أحسن حال و في حال حسن النوايا سيتابعون إنتاج ما تم إنجازه من قبل و بجودة و كفاءة متراجعة. ثم، ما هي صلاحيات المدير العام لهذه المؤسسات في معاقبة الموظفين ذوي الأداء السيء؟ هل يستطيع إنهاء خدماتهم؟!

ثانياً: عندما يقدم لنا القطاع الخاص التنافسي سلعة أو خدمة ما دون المستوى الذي نتوقع، بإمكاننا أن نقاضيه، عند الحاجة؛ و بإمكاننا أيضاً أن نحكم عليه ب"الإعدام التجاري" و ذلك بالتعامل مع منافسيه و التوقف عن التعامل معه.

هذا يعني أن متلقي الخدمة بإمكانه معاقبة مقدم الخدمة في حال عدم تأديته لعمله كما يجب. هل باستطاعة زبون مؤسسات القطاع العام أن يقوم بذلك؟ لذلك لا يكترث القائمون على إدارة القطاع العام برضا زبائنهم إلا من رحم ربي.

ثالثاً، عندما تفشل شركة ما بتقديم منتجاتها أو خدماتها بشكل تنافسي من ناحية الجودة أو السعر ينفض الناس من حولها و تفلس إفلاسها ينعكس على القائمين عليها حصراً و لا ينعكس على خزينة الدولة؛ و تتلقى هذه الشركة العقوبة بأعلى سرعة و دون رحمة. هذا يعني أن يَدهم "في النار" و هذا الواقع يفرض على القائمين عليها محاولة شتى الوسائل لتجنب هذه الكارثة التي قد تدمرهم.

هل يشعر بهذه الضرورة موظفو القطاع العام؟! هم ليس فقط لا يشعرون بذلك و لكنهم أيضاً يقومون بتحميل الخزينة المركزية "نحن" الخسائر الكبيرة سنة تلو الأخرى مبررين ذلك بأنهم يقومون "بخدمة للمجتمع"!!

رابعاً: المحسوبيات و ما أدراك ما المحسوبيات. مؤسسات القطاع العام عادة ما تكون مأوى لجامعي الرواتب و فرصة لكسب مودة جميع أصدقاء و أقرباء القائمين على تلك المؤسسات و على حسابها و ذلك بتقديمهم لهم فرص "للدوام" بدل فرص "للعمل"! هذا كله تتحمل وزره الخزينة العامة، في حال البيع بأسعار متدنية؛ أو المشتري المسكين المجبور في حال التسعير بناء على الكلفة العالية (تلفزيونات سيرونيكس كمثال). بالنتيجة نحن المواطنين المستهلكين ندفع ثمن هذه الإدارة السيئة من قبل رواد أعمال هواة و غير مكترثين.

خامساً: عادة ما يتم "تعيين" مدراء تلك المؤسسات على أساس الولاء و ليس الأداء. هذا يجعل جل تركيزهم هم على إرضاء من عينهم. المستهلك "نحن" يبقى خارج الاهتمام.

سادساً: البيروقراطية و بطء اتخاذ القرارات. هذا المرض الحكومي لا يمكن الاستغناء عنه بسبب طبيعة الكيان الحكومي. إذا تم استخدام ديناميكية القطاع الخاص، سيستباح المال العام أكثر مما هو مستباح. البيروقراطية الحكومية بالكاد تكون مقبولة في إدارة إدارات الدولة كوزارة المالية و الإدارة المحلية و الدفاع و الداخلية و ماشابه! أما في البيئات التي تتطلب سرعة وابتكار يستحيل أن يتم هذا في هكذا بيئات.

سادساً و أخيراً و ليس آخراً: بسبب معرفة القائمين على القطاع العام أنه لا يستطيع مجارات كفاءة إدارة القطاع الخاص، تفرض الحكومات بيئة إحتكارية تمنع بموجبها القطاع الخاص من العمل في ذات القطاعات التي قرر القطاع العام العمل فيها!

في هذه الحال تصبح خيارات المواطن المسكين هي بين أن يشتري منتجات القطاع العام الفاشلة و كثيراً من الأحيان بأسعار باهظة، أو الاستغناء عن تلك المنتجات و العيش بدونها! بالنتيجة، طبيعة بنية القطاع العام تجعله غير قادر على الابتكار و الإبداع و العمل بكفاءة عالية مما يجعلني أستغرب مطالبات البعض بإبقائه أو حتى إعادته! القطاع العام الصناعي و الزراعي و الخدمي ليس فقط غير قابل للإصلاح، بل أكثر من ذلك هو غير جدير بالوجود أصلاً، إذا كان التقدم و الرخاء الفردي و المجتمعي هو المبتغى!!

ٍ جميع الحقوق محفوظة لموقع syriandays - syrianews - سيريانديز- أخبار سورية © 2024