الجمعة 2025-06-13 18:40:46 |
أخبار المال والمصارف |
الدولار يجتاح السوق السورية.. ومطالبات بتوحيد سعر الصرف |
 |
خاص -سيريانديز
"نقبل التعامل بالدولار وبكل العملات الأجنبية" عبارة تطالعنا على واجهة المتاجر والمولات ومحطات الوقود وحتى على البسطات في عموم الوطن السوري بعد أن كان السوريون حتى زمن قريب وتحديدا 8 كانون أول الماضي يخافون لفظ كلمة دولار في أحاديثهم واتصالاتهم ولذلك اخترعوا كلمات سر بديلة من قبيل "نعناع، الأخضر، فاصوليا، الأول، والقائمة تطول.
هذا المشهد الجديد على حياة السوريين يجسد بدون أدنى شك، بحسب العديد من الخبراء الاقتصاديين، ما يمكن تسميته ب"الحرية المالية" بعد أن تحرر السوريون من فزاعة التعامل بالدولار الذي وضعته التشريعات النافذة أيام النظام السابق في مصاف الجرائم ضد العملة الوطنية التي تهاوت قيمتها رغم كل الإجراءات والقرارات غير المنطقية وغير المبررة في علم الاقتصاد.
“الحرية المالية” التي عاشها السوريون ويعيشونها منذ ستة أشهر لم تكن بلا ثمن، بحسب الخبير الاقتصادي تمام ديبو الذي اعتبر في حديث لشبكة سيريانديز أن هذا خلق تحديات حقيقية طارئة أربكت السوق السورية وأثرت على المستهلكين والباعة سواء بوجود عملات مزوّرة أو تذبذب وانخفاض أسعار الصريف.
يقول محمود، محاسب في أحد مولات دمشق لشبكة سيرياديز: نقبل في المول التعامل بجميع العملات الأجنبية وهناك عدد كبير من الزبائن، لم يعودوا يحملون الليرة السورية بل يفضلون الدفع بالليرة التركية أو الدولار الأمريكي مباشرة، لكن المشكلة التي تواجهنا في هذا الجانب عدم توفر الفئات الصغيرة من العملات الأجنبية مما يضطرنا إلى استخدام الليرة السورية في تصفية الحسابات مع الزبائن وهذا الأمر يربك عملنا بسبب تفاوت سعر الصرف وعدم استقراره وربط الأسعار بسعر الدولار في السوق السوداء أو ما يسمى السوق الموازية".
تذبذب سعر الصرف بين ساعة وأخرى في السوق السوداء غالبا ما يخلق إشكاليات في المعاملات التجارية البسيطة حيث يقول يوسف وهو صاحب أحد المقاهي في باب توما: نتعامل بالدولار ونصرف الدولار بسعر أقل من السوق لأن أسعار الدولار متقلبة باستمرار، لذا نحدد السعر الذي يناسبنا، وهذا ما لا يروق للعديد من الزبائن، بحسب تعبيره.
واستطرد قائلا لشبكة سيريانديز: "لا نلزم الزبون بالتصريف لدينا، ويمكنه تبديل العملة خارج المقهى ودفع فاتورته بالليرة السورية، معتبرا أن التفاوت في أسعار الصرف بين مكان وآخر أمر طبيعي، فنحن لسنا مكتب صرافة محذرا في الوقت نفسه من انتشار حالات تزوير الدولار، لا سيما من الفئات الكبيرة مثل ورقتي 50 و100 دولار، مشيرًا إلى أن “كثيرًا من الناس لا يملكون الخبرة الكافية للتأكد من صحة العملة، ما يجعلهم عرضة للنصب".
التفاوت في سعر الصرف وتحكم أصحاب المحلات به يلقى استهجان الزبائن الراغبين بدفع قيمة مشترياتهم بالدولار حيث قال أبو شاكر الذي صادفناه في أحد المحلات بدمشق: "أصحاب المحلات يتعاملون وفق أهوائهم، ويضعون سعر صرف أعلى من الأسعار المتداولة في مناطقنا والفرق يتحمله الزبون" وهذا التفاوت، بحسب تعبيره، يخلق حالة من "الغبن المالي" بحسب تعبيره.
مجمل التحديات والاشكاليات الناجمة عن "الحرية المالية" يمكن تقليصها على أقل تقدير بحسب الخبير الاقتصادي تمام ديبو عبر تدخل الجهات المعنية لتوحيد نشرة أسعار الصرف في المتاجر والمحلات والمقاهي وغيرها ويمكن أن يكون ذلك عبر ربط الأسعار بسعر الصرف المقرر من المصرف المركزي وعدم ترك التسعير بناء على سعر الدولار في السوق الموازية "السوداء".
وحذر ديبو من إن غياب سلطة نقدية موحدة في سوريا يفتح السوق أمام احتمالات غير محسوبة”، معتبرا أن الاعتماد المتزايد على العملات الأجنبية يستدعي وجود جهة رقابية مالية تضبط عمليات الصرف، وتحد من عمليات التزوير والتلاعب بسعر الدولار في السوق المحلية.
وفي المحصلة تظل الفوضى في التعامل بالدولار تحديا كبيرا أمام السلطات السورية حيث تحتاج البلاد إلى إجراءات جذرية وإصلاحات اقتصادية شاملة لتعزيز عملتها الوطنية، وتطوير سوق نقدي رسمي أكثر شفافية ومرونة الأمر الذي من شأنه المساعدة في تعزيز مكاسب "الحرية المالية" لدى السوريين.
|
|