الجمعة 2009-01-02 13:06:17 تحقيقات
إقبال على مادة «الجفت» الناتجة عن عصر الزيتون لمواجهة برد الشتاء وأسعاره تنافس المازوت

تشكل مادة الجفت التي تستخرج من عملية عصر الزيتون مادة مهمة لصناعات مختلفة يلجأ إليها أصحاب معاصر الزيتون في محافظة ادلب منذ سنوات. قبل ذلك لم تكن هذه المادة مهمة لتستغل وكانت بمثابة بقايا الزيتون أو كانت تجفف للاستعمال كوقود للتدفئة.

اليوم هناك الحطب المصنع في قوالب مخصصة لصب الجفت للتدفئة في المواقد. وهذه الصناعة بدأت تظهر جليا بين الكثيرين في ادلب وغيرها من المحافظات السورية المنتجة للزيتون. وهناك السماد العضوي الذي يستعمل في مشاتل الازهار، بالاضافة الى انه يصبح صالحا للتدفئة بعد تجفيف وتحميص الجفت في الافران لتحويله الى « دق» للتدفئة. وتعتبر هذه الخطوة باتجاه صناعة جديدة ولدت منذ سنوات بتصنيع الجفت المستخرج من الزيتون المعصور، خطوة رائدة ومتقدمة على الصعد الاقتصادية والصناعية والبيئية. فالجفت بات مادة مصنعة للتدفئة يوفر كلفة على المواطن، وهو صناعة جديدة تميزت بها بعض مناطق محافظة ادلب ، وهي عملية تعوض على الطبيعة أشجارها وتحد من عملية حلق الأحراج وتساهم في حماية الثروة الحراجية وتعيد لطبيعة ادلب وأحراجها وجبالها الرونق والجمال الذي طالما تغنت به منذ العصر

ہالبحث عن بديل ‏

لقد لاحظ المراقبون تزايداً واضحا في انتشار استخدام جفت الزيتون كوقود للتدفئة في منازل الادالبة خلال الموسم الشتوي الجاري، وذلك بعد الارتفاعات الكبيرة لأسعار المحروقات وعجز العديد من المواطنين عن تأمين حاجاتهم من الغاز أو المازوت بعدما باعوا القسائم المدعومة في ظل انتشار الفقر وثبات الأجور مع الارتفاعات في الأسعار، وحتى الكهرباء هي الاخرى باتت تشد احزمتها من خلال برنامج التقنين. ‏

وبعد أن تزايد انتشار استخدام جفت الزيتون، الذي يشكل مخلفات معاصر الزيتون بعد طحنه وعصره لاستخراج زيت الزيتون منه تحديدا في القرى والريف الادلبي كحل طبيعي لارتفاع أسعار المحروقات وعجز الناس عن تأمين هذه المحروقات لجأ صناعيون ومستوردون سوريون إلى تلبية حاجة السوق المحلي بتوفير مدافئ خاصة تعمل بجفت الزيتون، حيث أفادت مصادر تجارية أن ثمة إقبالا لافتا من قبل المواطنين على شراء واقتناء مثل هذه المدافئ. ‏

وقدّرت مصادر تجارية أن حجم المبيعات من هذه الأنواع من المدافئ، التي لم تكن رائجة في السوق الادلبي قد ارتفع بصورة واضحة مؤخرا ليصل حجم المبيعات من هذه المدافئ إلى المئات أسبوعيا، وتتوقع أن تتزايد أكثر. ‏

ويتوقع المراقبون أن يتزايد اعتماد شرائح واسعة من المجتمع الادلبي على مصادر بديلة للمشتقات النفطية مع ارتفاع أسعارها وعجز فئات عديدة عن توفيرها، حيث يقف جفت الزيتون والحطب على رأس هذه البدائل على الرغم من الآثار البيئية والصحية التي قد ترافق استخدام مثل هذه البدائل خاصة في المدن وظروف تهوية المنازل فيها. ‏

الى ذلك يتجه مواطنون ، حاليا ، الى استخدام مادة «الجفت» لاغراض التدفئة بهدف الحد من وطأة فاتورة الطاقة المنزلية.ومعلوم ان مادة «الجفت» مسمى يطلق على مخلفات الزيتون بعد استخلاص مادة الزيت منه ، حيث تصبح المخلفات بمثابة مادة سريعة الاشتعال ، تعطي ديمومة اشتعال آمنة فيما يسمى «مدافىء الحطب». وكانت قد بدأت كثير من الأسر، خصوصا من ذوي الدخل المحدود والمتدني تلمس الأثر السلبي لارتفاع فاتورة الطاقة على معيشتها وحياتها اليومية بعد ارتفاع الطلب على المحروقات ، خصوصا مادتي الغاز والمازوت مع بدء موسم الشتاء. ‏

وبين مستهلكون ممن لديهم تدفئة مركزية عدم الاعتماد عليها كليا نظرا لارتفاع اسعار المازوت الى معدلات مرتفعة والاستعانة بوسائل اخرى مثل مدافىء الغاز، والكهرباء حيث ان تشغيل التدفئة لعدة ساعات يعني مزيدا من الأعباء المالية.

واشاروا لـ/ تشرين/ ان من ضمن خططهم لتوفير التدفئة لأسرهم بأقل التكاليف خلال الشتاء الحالي الاعتماد على«مدافىء الحطب» واستخدام مخلفات عصر الزيتون «الجفت». ‏

وقال محمد سعيد حمادة انه طرأ ارتفاع على اسعار مادة «الجفت» ، حيث بلغ سعر الطن الواحد ثلاثة الاف ليرة سورية من المعصرة مباشرة ، بينما وصل سعر الطن للمصنع سبعة الاف ليرة. واضاف ان اسعاره كانت منخفضة خلال العام الماضي حيث كان «الجفت» المتواجد في المعاصر يعطى للمواطنين دون مقابل ، بينما كانت اسعار المصنع منه تتراوح بين 1500 الى 2000 ليرة للطن. ‏

ہ الحاجة أم الاختراع ‏

ـ الحاجة أم الاختراع ـ بحيث لم يعد صعباً التخلص من ـ مادة الجفت ـ البقايا التي تستخرج من الزيتون، بل باتت تستعمل هذه المواد لإعداد أنواع من الحطب والفحم على السواء. وهذا التحول في تدوير البقايا من الملوثات يساهم من دون شك في المحافظة على الثروة الحراجية من خلال الحد من قطع الأشجار في ادلب مؤخراً. ‏

فقد تمكن أكثر من مواطن من إعداد آلة صناعية تعمل بواسطة الضغط، لتخرج المواد الجفتية على شكل حطب سريع الاشتعال يستخدم في المواقد للتدفئة. ‏

وها هو المواطن مصطفى حمدون يؤكد أنه عكف على تركيب ـ المصنع ـ منذ فترة طويلة وبدأ في عملية الإنتاج عبر تحويل الجفت إلى حطب يستعمل للتدفئة في المواقد، وكذلك يستخرج منه الفحم. ويعمل على بيعه والترويج له في الأسواق المحلية. وهذا يخفف من عملية قطع الأشجار، كما يوفر على المستهلك على اعتبار ان كلفته اقل من قيمة الحطب أو حتى أسعار المحروقات ولا سيما المازوت. ‏

وقال: بدأنا بشكل متواضع وأخذ يتطور شيئاً فشيئاً. حتى بتنا نستعمل ألفي طن من الجفت سنوياً، وبإمكاننا ان نزيد الإنتاج أكثر، لأن بقايا الجفت تقدر بأكثر من خمسة آلاف طن سنوياً، وكميات كبيرة يتم تصديرها الى الخارج. ‏

ويوضح أن هذا النوع من الحطب أصبح سلعة مطلوبة بعد ارتفاع أسعار المحروقات، ويبقى سعرها أقل ثلاث مرات من تكاليف المازوت والحطب. ‏

وهذه المادة التي لاقت استحساناً عند المواطنين وبخاصة الذين جربوها بحاجة الى عناية من المعنيين لتطويرها أكثر وتعميمها حماية للطبيعة من أجل أن تعود خضراء زاهية، وكذلك حماية لجيوب الناس. ‏

ہ عناء فقراء في تأمين «مونة الشتوية» من الجفت ‏

تجدّ أم ياسر البكور (50 عاما) من قرية الهباط قضاء منطقة ادلب لتأمين «مونة الشتوية» من الجفت في وقت مبكر لتفادي ارتفاع أسعاره في ظل ارتفاع أسعار المحروقات. ‏

وتشرح الحاجة أم ياسر هذه الآلية بقولها «نقوم بشراء كمية من الجفت (...) ونضعها في الساحة المجاورة للمنزل».وبعد جفاف الجفت تزول العوالق المختلطة فيه من مخلفات عصر الزيتون، وفق أم ياسر التي تتابع «يتم تحريك الجفت وتقليبه باستخدام بعض الماء، ومن ثم تصنيعه على شكل كرات صغيرة الحجم يتم وضعها في المدفأة وإشعال النار فيها حتى تنتهي ومن ثم وضع كرات جديدة». ‏

وتحتاج التدفئة بالجفت إلى مدافئ خاصة، وهي عبارة عن صندوق معدني يحوي فتحتين دائريتين تستخدمان في وضع الكرات في داخل المدفأة التي يخرج من فوهتها أنبوب معدني يمتد إلى خارج المنزل لنفث الغازات والدخان الناتج عن احتراق الجفت. ‏

وأمام زيادة أسعار المازوت، وجدت مدافئ الجفت رواجا كبيرا بين مواطنين وخصوصا من ذوي الدخل المحدود والمتدني.ويؤكد مواطنون أن اعتمادهم المتزايد على الجفت في مواسم الشتاء الماضية بما تحمله من برد وصقيع وثلوج وأمطار جاء من باب تقليل نفقات المحروقات، والتي لم تعد كثير من العائلات كبيرة العدد ذات الدخل المحدود تتحملها. ‏

وتسعى الحاجة أم ياسر في وقت مبكر لشراء الجفت تخوفا من فقدان المادة من السوق من جهة أو ارتفاع سعرها من جهة أخرى قبيل الدخول بموسم شتاء قارس يحتاج إلى تكاليف مالية إضافية. ‏

وتشير إلى أن أسعار الجفت ارتفعت بشكل ملموس لهذا العام، وبحسب أم ياسر، فإن حاجة عائلتها، المكونة من 9 أفراد، من الجفت تتراوح بين طن واحد وطنين، وبالتالي فإن التكلفة المادية لموسم الشتاء تبلغ حوالي عشرة الاف ليرة سورية، إضافة إلى أن العائلة تعتمد على حرق الأشياء المستعملة والحطب من أجل تفادي نفاد كميات الجفت. ‏

وتجدر الاشارة الى ان سورية تنتج عن الكميات المعصورة من ثمار الزيتون حوالي 350 ألف طن من الجفت و 800 ألف متر مكعب من مياه عصر الزيتون ويتوقع تزايد الإنتاج بشكل مستمر خلال السنوات القليلة القادمة وبالتالي تزايد كمية المنتجات الثانوية نتيجة التوسع في هذه الزراعة ودخول أشجار جديدة في الإنتاج بمعدل 2 ـ 3 ملايين شجرة سنويا. ‏  

ہكلمة لابد منها : ‏

بعد أن تأمل العديد من المواطنون أن يأتي فصل الشتاء لهذا العام دافئا، كي لا تزيد جيوبهم المهترئة اهتراء نتيجة لما سيتحملونه من نفقات إضافية عند شرائهم للمشتقات النفطية كالغاز والمازوت من أجل التدفئة في فصل الشتاء، خصوصا بعد ارتفاع اسعار المازوت جاء الفصل على غير ما تأملوا. ‏

العديد من المواطنين في المحافظات لجؤوا إلى تقطيع الأحطاب من أجل التدفئة، ليستعيضوا بها عن المازوت الذي على ما يبدو أصبح بينه وبين الكثير من المواطنين جفاء وقطيعة . ‏

ٍ جميع الحقوق محفوظة لموقع syriandays - syrianews - سيريانديز- أخبار سورية © 2024