الثلاثاء 2011-09-27 17:46:39 تحقيقات
أرادت تغيير لون عينيها ففقدت النظر.. طبيب عيون أجرى عملية غير شرعية ويتهمه القانونيون بالاحتيال المتعمد وما زال طليقاً !!
أرادت تغيير لون عينيها ففقدت النظر.. طبيب عيون أجرى عملية غير شرعية ويتهمه القانونيون بالاحتيال المتعمد وما زال طليقاً !!


سيريانديز – نور ملحم
في بداية العام الفائت لعام 2010 عقد الدكتور محمد شجاع المختص بطب العيون مؤتمر صحفي لشرح العملية التي قام بها هو وكادر من الأطباء السوريين لأول عملية في العالم لتغيير لون العيون وذلك عن طريقة تغيير القزحية وتخلل المؤتمر عرض فيلم للعملية وكيفية إجراء العمل الجراحي وطريقة تنظيف العين بعد القيام بالعملية لتجد بعد ذلك لون عيناك قد تغير كما ترغب وتحب من البني إلى الأزرق أو الأخضر وكان موقع سيريانديز قد نشر الخبر في تلك الفترة نقلا عن الطبيب ذاته..
كما أنه صرح أمام وسائل الإعلام السورية والدولية والعربية بأنه أول طبيب ينجح بالقيام بعملية استبدال لون العينين في العالم وبأنه حقق سبقا طبيا يعطي الأمل لفاقدي القزحية في العالم ليبصروا النور من جديد وكان من الواضح في ذلك الوقت بأن الطبيب كان يحرص كل الحرص على الاعلان لنفسه سعيا وراء الشهرة .
إلا أن ذلك ما ظهر, وما خفي كان أعظم حيث استطاعت سيريانديز الحصول على وثائق تدل عكس ما يتداوله الطبيب من أقوال، فالضحية التي كانت قد شاهدت الطبيب يظهر بشكل مستمر على قنوات التلفزة اللبنانية ليعلن بأنه قادر على تغيير لون العيون بعملية بسيطة تسمى زرع العدسات, وقامت بدورها بمراجعته في مدينة دمشق الذي كان يستهدف من خلال إعلانه طبقة السيدات اللاتي يسعين وراء الجمال وتحسين صورتهن بشكل مستمر، وعندئذ قام الطبيب ذاته باقناع الضحية بأنه قادر على القيام بتلك العملية التي لا يعرفها أطباء سورية وأبرز عدة شهادات حصل عليها من دول أخرى مثل ألمانيا وبريطانيا موهما الضحية بأنها شهادات اختصاص تؤيد قدرته على القيام بعملية زرع العدسة لتغيير لون العين , ولأن المريض والمراجع يكون عادة منحازا لجهة الطب لشعوره بالثقة والاطمئنان بدافع إنسانية مهنة الطب ومصداقية أطبائنا فلقد وافقت ضحيتنا على القيام بهذه العملية بعد أن قام الطبيب باقناعها بها على مدى 6 أشهر وقيامه بإيهامها بأن عملية زرع العدسة هي عملية من العمليات المضمونة والسهلة والروتينية لديه وبأنه كان قد عمل عدة عمليات مشابهة في ألمانيا وبأن جميع مشاهير ومطربات العرب والغرب كانوا قد عملوا نفس العملية وهي مضمونة النتائج , وفعلا تقاضى الطبيب مبلغ (800,000) ثمانمئة ألف ليرة سورية لقاء قيامه بهذه العملية التي قضت على مستقبل الضحية في وقت لاحق .
فلقد قام الطبيب بادخال المريضة الى مشفى الرشيد في دمشق تحت عنوان (زرع عدسة ثانوي) وقام باستئصال القزحية لكلا العينين معا مخالفا بذلك أصول الفن الطبي ومخالفا للعنوان الذي أدخل المريضة بسببه للمشفى ومخالفا لأصول طب العيون بقيامه بالعملية للعينين معا , وبعد نزيف عين المريضة قام الطبيب مرة أخرى بادخال الضحية للمشفى تحت مسمى (غسيل بيت أمامي للعين), علما بأن عينها كانت تنزف نزيفا حادا , وخلال هذه الفترة ظهر الطبيب على التلفزة العربية والمحلية موضحا بأن العملية ناجحة وبأن المريضة بأحسن حال وتشجع القيام بهذا النوع من العمليات, ولكن فعليا فإن الضحية كانت قد خسرت قزحيتي العينين معا بدون أن يكون لها علم وكانت ضحية الدجل من الطبيب الذي يسعى وراء المال والشهرة .
وبعد ذلك بدأت حالة الضحية بالتدهور رويدا رويدا , فقامت بالادعاء على الطبيب أمام نقابة الأطباء وقام السيد وزير الصحة السابق مشكورا بتوجيه السادة في الرقابة الداخلية بعمل تحقيق عن الموضوع, وفعلا قاموا مشكورين بالقيام بالتحقيق عن الموضوع وخلصوا إلى تقرير مفصل يصف حالة المريضة ويؤيد بأن الطبيب كان قد قام بعملية مخالفة لأصول الفن الطبي وغير معترف عليها في بروتوكولات وزارة الصحة السورية ومحظورة دوليا ولا يمكن اجراؤها على الاطلاق كعملية تجميلية اذ أنها تنطوي على استئصال عضو نبيل في العين يعمل بكافة وظائفه وحرمان عين المريضة من كافة وظائف القزحية من منعكس فطري لا ارداي متعلق بكمية الضوء التي تدخل الى العين حسب الاضاءة التي تتعرض لها, وليست وظيفة القزحية فقط هي اعطاء اللون للعين كما زعم الطبيب في خضم إقناعه للضحية للقيام بالعملية, كما أن تقرير الرقابة الداخلية لوزارة الصحة كان قد ذكر أن مضاعفات ونتائج هذه العملية متوقعة ومعروفة لأنها فشلت عند تجربتها في دول أخرى وهي ذاتها النتائج التي وصلت اليها عيون الضحية, وبدوره كشف التقرير على أن الشهادات التي أبرزها الطبيب بدعوى أنه مختص بذلك النوع من العمليات هي شهادة OCT وهي دورة تدريبية على استعمال نوع من المنظار لتشخيص أمراض العين لا جراحتها وهي دورة تدريبية لمدة 3 أيام في المانيا يحضرها أي جامعي أو بائع عدسات, وشهادة الزمالة البريطانية والتي حصل عليها بالمراسلة ولا تضيف له أي قيمة علمية تخوله القيام بأي جراحة, كما أن الطبيب لم يسجل أي شهادة تفيد بخبرته بهذا النوع من العمليات لدى نقابة أطباء دمشق, وكما أنه لم يعمل أي عملية مشابهة في وقت سابق, كاشفين زيف ادعاءاته وقيامه بالاحتيال على المريضة.
الا أن الطبيب تابع أساليب احتياله وقام بترجي الضحية بوقف الدعوى ضده أمام المجلس التأديبي لنقابة الأطباء متعهدا بنفقات علاج المريضة وموقعا لذلك التعهد بشكل خطي, وبعد أن أوقفت الادعاء عليه أمام المجلس التأديبي قام الطبيب كعادته وحنث بوعده بدفع نفقات العلاج وقال لها: (لقد تغيرت الحكومة وتغير وزير الصحة.. وروحي بلطي البحر, لن أدفع حتى لو حبستيني ورح ادفع شو ما كان مشان ما تصلي لحقك).
قامت الضحية بدورها بالاتصال بمحاميها وقامت برفع دعوى قضائية أمام القضاء الجزائي في مدينة دمشق, وقامت دائرة التحقيق المختصة بعرض المريضة على خبرة طبية عينية اختصاصية ثلاثية عينتها دائرة التحقيق وبدورها أكدت الخبرة بأن الضحية مصابة بعاهة دائمة بسبب العملية المجراه لها والمخالفة لأصول الفن الطبي وبان العملية محظورة دوليا وبأن المريضة مصابة بالساد والزرق والمياه البيضاء , وبأنها مصابة بعجز دائم مقداره 60 % وأنها ترى بالعينين بدرجة تقارب 1/10 فقط وبأن الطبيب كان قد ارتكب خطأ مهني جسيم عند قيامه بهذه العملية.
و فعلا قامت دائرة التحقيق مشكورة باستدعاء الطبيب والتحقيق معه بالجرائم المسندة إليه من احتيال وإيذاء مقصود مفضي إلى عاهة دائمة وتركه بدون أن توقفه وتحاكمه موقوفا .
ولاحقا حاولت الضحية مطالبة الطبيب باسترجاع القزحية التي كان قد استئصلها بعد أن كان قد أدخلها الى العملية على أساس بانه سوف يزرع عدسة اضافية ثانوية بالإضافة للعدسة الأصلية للعين, إلا أن الطبيب امتنع عن ارجاع القزحية فقامت الضحية بالادعاء عليه أمام النيابة العامة بجرم تجارة الأعضاء والسرقة, حيث أن الضحية تخشى بأن يكون الطبيب قد باع القزحية لأحد المطلوبين دوليا الذين يقومون بتغيير جوازات سفرهم وبصمة عيونهم لتجاوز فحص بصمة العيون المتقدم تكنولوجيا والهروب عبر الحدود, الا أن الطبيب حضر مرة أخرى وتذرع بأنه قد أتلف القزحية ورماها في القمامة, متجاهلا جميع أصول الفن الطبي والعرف في الطب الذي يلزم الطبيب على إعطاء المريض أي شيء يستأصله من جسمه حتى لو كان تالفاً وبلا فائدة, وخرج الطبيب دون أن يتم توقيفه مرة أخرى.
و هكذا نرى بأن ضحيتنا التي تبلغ من العمر اثنين وثلاثون ربيعا فقدت مستقبلها وعيونها ونظرها بسبب أنها كانت ضحية لأحد الدجالين في المجال الطبي, كما أنها لم تستطع استرداد حقها منه حتى الآن وهي تحتاج لعمليات خطيرة ومتعددة ومكلفة جدا في أوروبا بسبب عدم قدرة أطبائنا على معالجة هذا النوع العقيم من العمليات وامتناع بعضهم عن معاينتها خوفا من التعرض للمساءلة القانونية , وبقيت لوحدها في مهب العاصفة تنتظر الأقدار لتجمعها بقدر أفضل يجعلها تبصر النور من جديد .
كما أن طبيبنا الفاعل حر طليق يروج لعملياته من جديد ويحاول اصطياد زبائن جدد للقيام بنفس النوع من العمليات لايقاع مزيد من الضحايا الجدد , مروجا بعدم قدرة الضحية الأولى على تحصيل حقها من القضاء بسبب أنه قد دفع مبلغا من المال غير آبه بكافة الاجراءات المتخذة ضده , مستعدا للسفر هروبا الى الخارج الذي قد يكون السبب وراء قيامه بهذا النوع من العمليات لشراء قزحياته المسروقة لتهريب رجال العصابات, غير آبه بصحة وعيون مواطني سورية الأكارم , وكل هذا بسبب الجشع والطمع الذي لا حدود له.
ولكن أصدقاء وأقارب الضحية على ثقة بقضائنا العادل وبأنه سوف ينصف المظلومين ويعاقب المسيئين الذين يستهدفون زعزعة بلادنا وإشاعة عدم الثقة بأطبائنا الشرفاء الذين اتخذوا مهنة الطب منبرا للإنسانية والمعافاة.
وعند سؤال المحامي فادي حسون عن العقاب لمثل هذه الجريمة أكد لسيريانديز أنه يجب دائما إعطاء المجال للطب والطبيب للقيام بما يلزم من أجل حماية مرضاه وعدم تركه عرضة للمساءلة القانونية عندما ينطبق عمله على أصول الفن الطبي , لذلك اعتبر قانوننا السوري بأن الأخطاء الطبية هي أخطاء غير مقصودة في حال ارتكبها الطبيب في معرض قيامه بالعلاجات الطبية اللازمة والمنطبقة على أصول الفن الطبي والتي لم يختلف على مشروعيتها الأطباء ولم تكن محلا للجدل والاجتهاد , فعند قيام الطبيب بالعمل الطبي وجب عليه مراعاة القواعد والأنظمة المرعية والتي تستهدف في النهاية سلامة المريض ونجاته من محنته , ولا يجوز للطيب الاجتهاد إلا في حالات الضرورة القصوى وبعد أخذ موافقة المريض الخطية .
ونظم المشرع السوري عمل الأطباء بالمرسوم التشريعي رقم 12 لعام 1973 ,
إلا أن حالتنا المعروضة أمام القضاء , هي حالة تخرج عن حالات الخطأ الطبي المعتاد إلى حالة نوعية من الخطأ المهني الجسيم , فقيام الطبيب بإجراء عملية تجميلية لعيني المريضة التي لم تكن تعاني من أي مشكلة في النظر , بالرغم من عدم مشروعية القيام بهذه العملية المحظورة دوليا وغير المذكورة في بروتوكولات وزارة الصحة السورية , وعدم تقديم الدراسة واستشارة وزارة الصحة بشكل مسبق لهذه العملية يعد خطأ مهنيا جسيما , يوجب مرتكبه المحاسبة القانونية والجنائية , إذ أنه كان قد خالف أحكام المرسوم التشريعي الناظم لمهنة الطب في سوريا , كما أنه قد تجاوز ذلك ليقع تحت طائلة العقوبات المقررة في قانون العقوبات السوري , حيث أنه بداية قد أبرز شهادات قد حصل عليها من دورات تدريبية على استعمال مجهر تشخيص لأمراض العين لمدة 3 أيام موهما المريضة بأن هذه الشهادات هي من الشهادات التي تخوله القيام بهذا النوع من العمليات علما بأنه مسجل كطبيب اختصاصي أمراض عيون خريج جامعة دمشق في نقابة الأطباء بدمشق ولم يسجل أي شهادة أخرى حاصل عليها, كما أنه كان قد أوهمها بأن العملية من العمليات السهلة والمجربة سابقا وبأنه أجراها على عدد من الناس الذين يرغبون بتغيير لون العيون مستعملا أعمال المناورة والمراوغة من أجل أن يتقاضى مبلغا طائلا يبلغ ثمانمائة ألف ليرة سورية ومن أجل أن يحقق الشهرة على حساب صحة المريضة ونقودها كما أنه كان قد أدخل المريضة إلى المشفى تحت مسمى (زرع عدسة ثانوي) كما كان قد أوهمها وذلك الوصف هو وصف مغاير لحقيقة العملية التي تنم عن (استئصال القزحية الطبيعية وزرع قزحية صناعية) , وبذلك نكون في هذه الحالة أمام جرم الاحتيال حسب المادة (641) من قانون العقوبات السوري وبالتالي فانه يعاقب بالحبس من 3 أشهر إلى سنتين وبالغرامة من مئة إلى خمسمائة ليرة سورية .
و في حالتنا هذه نرى بأن الطبيب توفر لديه القصد الجرمي وذلك لأنه كان قد أجرى العملية بقصد تغيير لون العيون الا أنه كان من المتوقع أن تصاب المريضة بالأذى جراء القيام بهذه العملية الممنوعة دوليا متجاوزة القصد من العملية وهو تغيير لون العيون إلا أن الطبيب كان قد توقع ذلك وقبل بالمخاطرة فحسب المادة 188 من قانون العقوبات تعد الجريمة قصدية وبالتالي فهي خارجة تماما عن أصول الفن الطبي .
و على اعتبار بأن الطبيب كان قد تسبب بالعملية المذكورة بأن فقدت المريضة نظرها بشكل دائم بنسبة تفوق 60 % حسب تقرير الخبرة المجراه أمام المحكمة فنحن أمام عاهة دائمة وتعطيل إحدى الحواس عن العمل ,و هذه جريمة يعاقب عليها القانون بالمادة ( 543) عقوبات سوري بالأشغال الشاقة المؤقتة عشر سنوات على الأكثر .
كما أن الطبيب كان قد استئصل القزحية الطبيعية دون أن يقوم بتسليمها للمريضة مخالفا أصول الفن الطبي وبذلك فان مصير القزحية المستأصلة مجهول وبالتالي فان النيابة العامة حركت ضد المتهم جرم تجارة الأعضاء البشرية وهذا جرم يستوجب عقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة وبالغرامة من 50 ألف حتى 100 ألف ليرة سورية حسب القانون رقم 30 لعام 2003 .
و في هذا الحالة فانه لا يعتد برضا المريض للقيام بهذا النوع من العمليات , إذ أن المريض دائما يكون منحازا لجهة الطب وفي حالتنا هذه فان الرضا يسمى رضا غير مشروع لأننا في صدد عملية تجميلية غير ضرورية للحفاظ على حياة المريض أو صحته , وهذا الرضا مخالف للنظام العام , ويكون الرضا مشروعا فقط في حالات الضرورة الملحة والتي تستوجب القيام ببعض التجاوزات الطبية من أجل الحفاظ على حياة المريض ونجاته من الموت وليس بسبب تغيير لون العيون أو من أجل رفع المسؤولية الجزائية عن طبيب تجاوز أصول وأعراف مهنة الطب بدافع الجشع والطمع وهذا كان محل اجتهادات عدة محاكم عربية وأوروبية في وقت سابق بأن الرضا يعد غير مشروع في حال كان يتعلق بأمور غير ضرورية وغير منطبقة على أصول الفن الطبي لأن الطبيب هو العارف بأمور الطب ويجب عليه عدم القيام بهذا النوع من العمليات في حال وجود خطورة على صحة المريض أو على حواسه كما في حالتنا هذه.


ٍ جميع الحقوق محفوظة لموقع syriandays - syrianews - سيريانديز- أخبار سورية © 2024