السبت 2014-02-08 03:23:44 صحافة وإعلام
المربع الأول و«فائض» التعطيل
في ظل شحن إعلامي وسياسي ودبلوماسي، يقارب في مفرداته ما سبق أن لمسناه قبل انطلاق الجولة الأولى من محادثات جنيف، يستجمع الأميركي ما لديه من فائض التعطيل،

وهو يزداد غرقاً في أوحال الأوهام التي توّردها له أدواته وجملة من مرتزقتها المعتمدين في الإعلام والسياسة، والتي تتقاسم جبهات الاختلاف، وتتوازع نصب المتاريس للعودة إلى المربع الأول.‏

وفيما تتبعثر المواقف على جبهة الاتهامات المحتدمة بين تلك الأدوات والمرتزقة في الآن ذاته، تخرج إلى العلن مواطن الخلاف وتأجيج الصراعات البينية، في موقف يستدرج بالضرورة إشعال جبهات جانبية وافتعال معارك هامشية في قصف تمهيدي يسبق التحضيرات الملتبسة، ويشحن الأجواء بطاقة تعطيل إضافية، تجيد الإدارة الأميركية استحضار عوامل تأجيجها.‏

والدليل الحسي والمادي أن التعاطي مع الجولة الثانية يتم بالمقدمات نفسها التي جاءت بها الجولة الأولى، وهناك من يروِّج بأن الظروف التي سبقت انعقاد الجولة الأولى قابلة للتطبيق، بل وقد تكون السياق الأنسب لاستنساخ العراقيل ذاتها، وحتى لاختلاق العقبات التي حالت دون أن تحقق الجولة الأولى أي اختراق يُذكر، رغم فارق الحقائق التي لم يعد بمقدور أحد أن يتجاوزها أو يتجاهلها، بعد أن باتت جزءاً من تراكمات المؤتمر الدولي، وسجلت حضورها في دفاتره ووثائقه.‏

وكما قادت المقدمات الخاطئة في الجولة الأولى إلى تعثّر واضح، فإن ما يجري اليوم يؤشر إلى الرغبة في تقمّص الحالة من البوابة ذاتها، بعد أن فشلت أميركا وأدواتها في تحقيق حدّ أدنى من التوافق بين هياكل وتنظيمات المعارضة، التي تعود إلى التمترس خلف أجندتها الخاصة التي تعكس هوية المموّل والراعي السياسي والحاضن الدبلوماسي لهذا الفصيل أو ذاك، بدليل أن السماح لرئيس ائتلاف الدوحة بزيارة موسكو لم يكن مرفقاً بصلاحية تتيح له اتخاذ أي مواقف ولا تسمح بتقديم أي التزامات، بل لم يكن مخوّلاً بالإجابة حتى عن الأسئلة.‏

العودة إلى المربع الأول لم تكن في الشروط المسبقة التي يتسابق مرتزقة الفنادق إلى التمترس خلفها، بل في الدفع الأميركي نحو إشعال الجبهات المتعددة على نسق واحد، وفي آن معاً، حيث ما تشعله في أروقة الأمم المتحدة كانت توقد نيرانه في المواقع والجبهات الأخرى، معتمداً مرة أخرى على تحريك الأدوات والتابعين داخل المنطقة وخارجها لتبنّي ملفاته وتسويق أوراقه بعناوين تتشابه في المضمون حتى لو اختلفت المفردات ومكان التصويب.‏

فالأساس في كل ما يجري كان يفترض استدراك نقاط الخلل القائمة وما نراه هو إضافة المزيد منها، والجوهري كان إثبات حسن النيات من خلال محاولة تخطّي العقبات والعراقيل التي برزت، وما نشهده على الأرض إعادة تعويم لتلك العقبات مع إضافات متعددة على الجبهات المشتعلة ليمتد الاختلاف في المقاربات ويستعيد ما كان قد تجاوزه في الجولة الأولى.‏

طبعاً المسألة ليست في تفنيد ما يتم افتعاله كمقدمة في القصف المسبق على الجولة الثانية، لأن أغلبه يحمل في مضمونه ما يكفي من عوامل تفنيد ذاتي وموضوعي، وبالتالي فإن الاقتباسات المتعددة من رحى المعارك القائمة في الأروقة الجانبية تشي بما ستخلص إليه في نهاية المطاف، وأن الأميركي الذي يُبحر في شراع الاجتزاء والتسريب وينشغل بمعارك النفي والنفي المضاد، وفي الاعتذار وتدوير اعترافاته، لا يوحي بالثقة ولا يشي بالأهلية ليكون شريكاً في الحلّ السياسي بقدر ما هو طرف مباشر وأساسي في تصعيد الموقف وفي إضرام المزيد من النيران.‏

لا نريد استباق الأحداث لكن كما كانت هوية الجولة الأولى ضائعة في سراديب التفسيرات ها هي مؤشرات الجولة الثانية تنحو باتجاه إغراقها في أروقة المحاصصة السياسية والنفعية للدول والأطراف والتنظيمات الإرهابية التي تراهن على قوة التعطيل الأميركية، وفائض الرغبة في تأجيل الحلول السياسية, مقابل استماتة الدبلوماسية الأميركية في إضرام النيران وإشعال المزيد من جبهات المواجهة مع الروسي التي تمتد على مساحة حضورها في المشهد العالمي.‏

a.ka667@yahoo.com
ٍ جميع الحقوق محفوظة لموقع syriandays - syrianews - سيريانديز- أخبار سورية © 2024