الأربعاء 2014-09-10 02:00:12 **المرصد**
سيد الإليزيه .. وشعبية الحضيض ؟؟

د. تركي صقر    
لم تصل شعبية ساكن قصر الإليزيه الرئيس فرانسوا هولاند إلى الحضيض لسبب واحد فقط هو الكتاب الفضائحي لتريافيلير تحت عنوان “ميرسي بور سو مومان” (شكرا لهذه اللحظة) حيث تروي الصحفية الفرنسية كيف أنها اطلعت مطلع العام الماضي على خيانتها من الرئيس فرنسوا هولاند شريك حياتها حينها بعلاقته مع الممثلة جولي غاييه بل هناك آسباب أخرى كثيرة أدت إلى تدني شعبيته فوصلت في آخر استطلاع للرأي العام الفرنسي إلى أقل من 13% وهي في تدهور مستمر قد تنحدر إلى 5% في حالة لم يسبق لأي رئيس فرنسي قد وصل إليها والسبب الأساسي إضافة إلى أسباب أخرى أن هولاند ووزير خارجيته فابيوس جعلا من السياسة الفرنسية ذيلا للسياسة الأمريكية وتابعا صغيرا لها بل أن فابيوس حول "الكي دوسيه" إلى دائرة من دوائر الخارجية الأمريكية تأتمر بأمرها وتنصاع أيضا لما يأتيها من الخارجية الإسرائيلية وبذلك تقزمت فرنسا وغدت لعبة بيد الدوائر الصهيو أمريكية وأداة تخدم مشاريعها ولاتخدم المصالح الوطنية للفرنسيين الذين باتوا يشعرون بتراجع الدور العالمي لفرنسا وهبوطهم من مستوى الدول العظمى إلى حد انعدام التأثير المستقل في المشهد الدولي الراهن ..
لقد حاول هولاند أن يصدر أزماته الداخلية السياسية والشخصية الأخلاقية وفشله الاقتصادي إلى الخارج من خلال التعلق بحبال الحروب الارهابية وبالمناسبة وصل التدهور الاقتصادي في فرنسا إلى مستويات غير مسبوقة فنسبة البطالة تجاوزت 10% والتي تقترب من الرقم القياسي فضلا عن تضاؤل دورها في منطقة اليورو وتأتى هذا نتيجة التبعية المطلقة للولايات المتحدة وفقدان القرار المستقل الذي كان يميز السياسة الفرنسية منذ عهد شارل ديغول .. وفي سياق هذه التبعية زجت واشنطن فرنسا في حروب الفوضى المدمرة التي أشعلتها في دول ما يسمى الربيع العربي وظهر هذا الدور أكثر ما ظهر في ليبيا وعدوان الناتو عليها الذي كانت فرنسا رأس الحربة فيه كما ظهر في دورها المعادي والحاقد على سورية وتبنيها للمعارضة العميلة وتسليحها لعدد من الجهات الإرهابية بتمويل سعودي وقطري للاستمرار في قتل السوريين وتدمير دولتهم  وبقيت حتى الآن ترعى بنفسها وبالنيابة عن الولايات المتحدة الأمريكية ما يسمى مجموعة أصدقاء الشعب السوري وتسمسر لقاء هذه الرعاية للحصول على الأموال الطائلة من دول الخليج .
وحين تفشت ظاهرة الإرهاب انتقلت حكومة هولاند لركوب موجة محاربة الإرهاب وبصورة انتقائية ومسيسة حسب الأوامر الأمريكية وتوجهاتها فبقيت تدعم الإرهابيين في سورية بكل أنواع الدعم بينما دفعت بقواتها إلى مالي في أعماق إفريقيا لمحاربة الإرهاب هناك لقاء وضع يدها على مكامن الثروة من اليورانيوم والمعادن الثمينة وفتح باب الحروب الداخلية التي تستجر بيع الأسلحة الفرنسية لكل الأطراف المتصارعة وسمحت لها واشنطن نتيجة خدماتها للسياسة الأمريكية أن تعقد صفقات التسلح الكبرى مع دول الخليج وخاصة السعودية بالمليارات حيث جرى الاتفاق مع الرياض في زيارة هولاند الأخيرة للمملكة بعقد صفقة ب 25 مليار يورو لتسليح الجيش السعودي وأحيلت الهبة السعودية ذات المليارات الثلاثة لتسليح الجيش اللبناني إلى فرنسا عدا عن حصول هولاند على مليار دولار اثناء الزيارة تنطوي على رشوة له لوقوف فرنسا في وجه الفيتو الروسي والصيني والاستمرار بدعم المعارضة السورية العميلة للسعودية .
إن دعوة داعمي الإرهاب  لقيام تحالف دولي لمكافحة التنظيمات الإرهابية وتحديدا تنظيم داعش والنصرة واستثناء تنظيمات أخرى لا تقل عنها إرهابا كالجبهة الإسلامية التابعة للسعودية وكذلك استثناء سورية من الانضمام إلى هذا التحالف يضع دعوة هولاند ولاحقا دعوة أوباما والاتحاد الأوروبي في دائرة الشبهة إن لم نقل إنها تفتقد إلى الجدية وصدق النوايا وماهي الا إصرار على الاستمرار في حملات التضليل والتحريض على سورية وإنكار وتنكر لدورها المفصلي في مواجهة التنظيمات الإرهابية والقضاء عليها فيما أجمعت معظم الأوساط السياسية والدبلوماسية ووسائل الإعلام في الغرب وأمريكا وفرنسا ذاتها أنه لا يمكن محاربة الإرهاب في المنطقة بمعزل عن سورية .
لا يمكن تفسير شدة حماس ساكن الاليزيه وحلفائه باستبعاد سورية من الشراكة في مكافحة الإرهاب وهي المعنية الأولى بهذا الأمر إلا باحتمالات ثلاثة: أولها رغبة هذه الأطراف التي أوجدت بالأصل التنظيمات الإرهابية بإطالة عمر الحروب الإرهابية لجني أقصى المكاسب من جرائها. وثانيها استمرار سياسة الابتزاز الامريكية وسياسة السمسرة الفرنسية لفتح مخازن الأسلحة فيهما على مصاريعها لمعالجة أزماتها الاقتصادية والمالية الخانقة من عائداتها. وثالثها توظيف التنظيمات الإرهابية التي تسميها معتدلة لتحويل القرار 2170 إلى منصة تحالف دولي يؤدي إلى تضييق الخناق على النظام السياسي في سورية بهدف إسقاطه عسكريا وسياسيا.
ولكن ما عجزوا عن تحقيقه بالحرب الإرهابية الكونية خلال ما يزيد عن ثلاث سنوات ونصف على سورية لن يقدروا على تحقيقه بالتحايل المكشوف والالتفاف الفاضح على القرارات الدولية.
tu.saqr@gmail.com 
 

ٍ جميع الحقوق محفوظة لموقع syriandays - syrianews - سيريانديز- أخبار سورية © 2024