الخميس 2015-12-24 20:42:07 رئيس التحرير
..وهؤلاء أيضاً ثروة؟!!

كتب أيمن قحف
قضيت قرابة عشرة ايام في جولة قادتني من دمشق إلى بيروت فلندن ثم فيينا وبراتسلافا وجيلينا في سلوفاكيا ثم فيينا وختمت جولتي في لندن مجدداً قبل العودة إلى بيروت فدمشق..
من دمشق ننطلق وإلى دمشق نعود مع الشوق وخلاصة تجربة يكتسبها المرء مع كل سفر..
دمشق تعيش في قلوب المغتربين أكثر مما تعيش في قلوب ساكنيها، ويعشقها المغتربون أكثر من المدن التي يعيشون فيها ويسترزقون منها!
في فيينا يسألني كبير المغتربين السوريين نبيل الكزبري عن دمشق وأحوالها،  أحكي له بعشق حيث يختلط الألم بالأمل. نبيل الكزبري دمشقي أصيل خرج من تراب دمشق ويعشق ترابها وبيوتها وهواءها وناسها، ولم تغيره كل الظروف عن محبة بلده، يستمع لسيرة دمشق فتغرق عيناه بالدموع!! يخرج لي من درج مكتبه كراساً أنجزه عن سورية كيف كانت وكيف صارت اليوم في زمن«الربيع العربي»!!
بأعوامه التي تقارب الثمانين، مازال الكزبري يخطط للمستقبل وكيف  سيساهم في بناء سورية الجديدة، ليس لديه طموح في جمع المال، لكنه يحلم بأن يجد سورية الحبيبة معافاة وقد أعيد بناء ما تهدم..
في براتسلافا يحاول القنصل الفخري السوري مصطفى صابوني الذي تجاوز الثمانين عاماً أن يبيع الفيلا التي يسكنها هناك ليشتري بيتاً ويقيم مشروعاً في سورية يقضي به بقية حياته!!
في جيلينا السلوفاكية أصبح جورج طرابلسية ابن مدينة اللاذقية أبرز الوجوه الاقتصادية هناك، ويقيم مشاريع كبرى جعلته أهم من السياسيين هناك، وانضم إليه سوري آخر هو الصديق فراس معلا في عالم الأعمال، يفتخران بسورية وأهلها ويحدوهما الأمل بالاستثمار في الوطن الأم..
في برنو التشيكية اصبح أبي حمود من وجوه المدينة ويملك سلسلة مطاعم ومحلات وبات شخصية معروفة، لكنه يرجوني أن أنتقي له فرصة استثمارية سياحية تعيده إلى أرض الوطن!!
في لندن، يتألق المهندس حسام شقوف في مكتب زها حديد- أحد أهم خمسة مكاتب تصميم هندسي معماري في العالم- ليصبح من مهندسي الصف الأول في المؤسسة، أنجز مشاريع عملاقة حول العالم، لكنه يريد أن يترك بصماته في سورية مهما كلف الأمر!!
بينما يحاول صديقي عمر الحمصي أن يعرف مني شيئاً عن مشاريعه العقارية التي تركها على تخوم مناطق التماس مع المسلحين، يحاول أن يعرف إن كانت ما زالت قائمة ولم تتهدم، يتابع أمور مدرسته كل يوم، يشتاق للعودة للاستثمار في سورية عندما تسنح الفرصة..
يستطيع الدكتور نضال دوبا– المغترب منذ قرابة ثلاثين عاماً في لندن- أن يقدم الكثير للبلد في مجال عمله وخبرته العريضة في مجال تمويل المشاريع الحكومية الكبرى الذي يمارسه ما بين زوريخ ولندن لصالح بلاد كثيرة ومع البنوك الكبرى ويمتلك مصداقية كبيرة. وينتظر أن تسنح الفرصة ليقوم بذلك..
لست هنا في معرض مديح أصدقائي أو تعداد أسماء من رأيتهم، لكنني هنا في معرض سرد أمثلة من رحلة بضعة ايام التقيت فيها بضعة سوريين رائعين ناجحين متعلقين بالبلد..
ما أريد قوله هو أن ثروة سورية تبدأ من خيرات البلد و أبنائها المقيمين، لكنها تمتد في بلد الاغتراب حيث هناك ملايين السوريين الرائعين الذين يودون ويحاولون أن يقدموا شيئاً لبلدهم ولمستقبلها ولإعادة إعمارها..
ما يربطهم هو محبة البلد وليس المصالح، لكن ما المانع أن نجمع الاثنين معاً؟!!
أليس من الضروري اليوم أن نربط هؤلاء بالبلد في علاقة مؤسساتية تبادلية تجعلهم يردون الجميل لبلدهم دون أن يخسروا بل يجب أن يربحوا؟!!
أبناء سورية ثروة كبرى تحتاج لإدارة صحيحة كي نراكم خبراتهم ورؤوس أموالهم الممتزجة بمحبة البلد ليكون ملف إعادة الإعمار من السوريين وللسوريين وليس كعكة تتقاسمها الشركات العالمية!!
يسأل البعض عن التوقيت؟
اليوم هو التوقيت المناسب لاستقطاب الناس وللتخطيط الصحيح ولتكوين الشركات والشراكات..
اليوم يمكن لمغترب متوسط الحال أن يقيم مشروعاً صغيراً في بلده ويربح، ويمكن لمجموعة مغتربين أن يقيموا شركات كبرى تنهض بملفات إعادة الإعمار.
اليوم هو موعد استقطاب المستثمر الذكي، بل وحتى المتردد، ولكن هذا يحتاج أدوات جديدة؟
نحتاج قوانين جديدة والأهم أدوات جديدة للتطبيق في الوزارات والهيئات المعنية فالعقليات القائمة لا يمكنها على الإطلاق أن تحدث التغيير المطلوب لجذب الاستثمار..
الموظفون البيروقراطيون، والعقول المتبلدة، والابتسامات الغبية البلهاء ورقابة الشك بالجميع لا تنتج استثماراً صحيحاً..
افردوا الأجنحة وتنشقوا هواء نقياً.. رحبوا بالاستثمار ..رحبوا بأبناء البلد يا أبناء البلد..
 

ٍ جميع الحقوق محفوظة لموقع syriandays - syrianews - سيريانديز- أخبار سورية © 2024