الأحد 2017-12-03 00:02:43 **المرصد**
ثقافة الإعاقة في سورية بين الواقع والطموح.. الدكتور عبد اللطيف لسيريانديز: تحدٍ بمدى تقبل الأسرة للمعوق.. ولابد من تصور واضح عن آلية دمج الأطفال المعوقين في المعاهد والمجتمع
ثقافة الإعاقة في سورية بين الواقع والطموح.. الدكتور عبد اللطيف لسيريانديز: تحدٍ بمدى تقبل الأسرة للمعوق.. ولابد من تصور واضح عن آلية دمج الأطفال المعوقين في المعاهد والمجتمع

خاص سيريانديز

في كل عام وبتاريخ (3 كانون الأول) يشارك ذوي الإعاقة في سوري معاقو العالم الاحتفال بيوم المعاق العالمي، وقد كانت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل من بين الوزارات التي كان الاهتمام بذوي الإعاقة ومشكلاته من أولوياتها وخاصة بعد أن حددت الأمم المتحدة ومنذ مؤتمر سلامنكا بأن الاحتفال بشريحة ذوي الإعاقة يحدد كل عام في (3 كانون الأول من كل عام). ولعل هذا الحدث السنوي يطرح أمام المجتمعات ومنها المجتمع السوري جملة من التساؤلات من حيث مدى الاهتمام بالمعوقين ومدى تلبية احتياجاتهم واحتياجات أسرهم على كافة الصعد  النفسية والتعليمية والمهنية و.. و.. .

نود في حديثنا اليوم أن نلقي الضوء حول واقع الإعاقة في سورية ومدى الطموح المشروع أمام المجتمع لتحسين واقع المعوقون وأسرهم ومدى اهتمام وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل والوزارات الأخرى بهذه الاحتفالية. وبهذه المناسبة يسعدنا أن نلتقي مع الدكتور آذار عباس عبد اللطيف الأستاذ المساعد في قسم التربية الخاصة بجامعة دمشق –كلية التربية والمتخصص بعلم نفس ذوي الحاجات الخاصات(معوقين- متفوقين) لإلقاء الضوء على هذه النقاط وسواها.

دكتور مرحباً بكم ثانية وبداية ومن خلال سؤالي الأول نود منكم أن تبينوا لنا ولقرائنا أهمية الاحتفال السنوي بيوم ذوي الإعاقة العالمي سنوياً؟

بداية أشكركم وأشكر رئيس تحرير الموقع الذي عودنا على إلقاء الضوء على قضايا هامة ومنها قضية الإعاقة. وبالنسبة لأهمية هذا الحدث السنوي فإنها تتمثل بأهمية إلقاء الضوء على شريحة اجتماعية لها وجودها ودورها البناء في تنمية المجتمع مهما صغُرَ هذا الدور. ومن جهة ثانية تتمثل أهميته من خلال شعور وإحساس المعوق وأسرته بأن المجتمع لا ينسى أبنائه مهما كانت المشكلات التي تواجههم وبالتالي يشعر بأنه شخص منتجٌ ومهتمٌ به وليس فرداً مهمشاً.

أفهم من كلامكم دكتور أن ثمة تحديات تواجه المعوق وذويه في سورية؟

الجواب: نعم، فقد بات المجتمع السوري يواجه تحديات جديدة في رحاب الإعاقة وبكافة تصنيفاتها سيما خلال الأزمة التي يعيشها وطننا الحبيب. والتحدي الأكبر يتمثل بازدياد عدد المعوقين وبروز نماذج وأشكال جديدة من الإعاقة لم نكن نراها أو نعهدها قبل الأزمة.وقد تصدت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل متمثلة بالسيدة الوزيرة الأستاذة ريمه القادري لمثل هذه المشكلات وقد تم إيجاد الحلول الناجعة وفق معايير تتناسب وتطلعات الوزارة بمساعدة أبناء هذه الشريحة.

سرها وإن كان ثمة ملاحظات بنّاءة ولكن النتائج بشكل عام ووفق الامكانات المتوافرة جيدة، ومن الأمور التي تقف بوجه الوزارة على سبيل المثال بأن التخطيط الاستراتيجي لتلبية احتياجات /500 ألف معاق/ يختلف عن التخطيط والعمل لتلبية احتياجات أكثر من هذا الرقم بأضعاف مضاعفة.

ولكن وبما أن العمل في مجال الإعاقة عمل مؤسساتي مشترك بين القطاعين الحكومي والأهلي فإن مواجهة التحديات وحلها تكون مشتركة بين القطاعين وبالتالي يفترض أن تكون النتائج أفضل بكثير مما لو أن كل قِطاع عمل بمفرده، ولكن برأي التحدي الأكثر بروزاً يتمثل بمدى تقبل الأسرة للمعوق وكذلك مدى تقبل المعوق لذاته ووضعه الصحي الناجم عن الإعاقة وإيمانه بالقدرات التي يتمتع بها بغض النظر عن الدعم الاجتماعي الممكن أن يُقدم له.

لعل كلماتك الأخيرة تشير إلى أننا مازلنا بعيدين عن تقبل فكرة الإعاقة على المستوى المجتمعي والمؤسساتي؟

نعم هو كذلك. وهنا أنوه بأن المجلس المركزي للإعاقة لم يلعب دوره البنّاء بذلك وأنا على يقين بأن من واجبات المجلس المركزي للإعاقة نشر الوعي نحو الإعاقة وأسبابها وطرق علاجها وتفاديها لاسيما وأن هذه المشكلة أي مشكلة الإعاقة يواجهها المجتمع السوري كبقية المجتمعات في بلدان العالم الثالث، وعلى الرغم من التفاوت المادي أحيانا بين تلك المجتمعات إلا أن الموضوع موضوع ثقافة. فعلى سبيل المثال عندما يأتي شخص ما ويركن سيارته بمكان مخصص لسيارة معاق وهو يعلم ذلك وقد قرأ التعليمات وشاهد الشاخصة فهذا يعني أنه لا يمتلك مثل هذه الثقافة وهكذا دواليك؟

بما أنكم تطرقتم لمسألة ثقافة الإعاقة، هل بإمكانكم أن تبينوا لنا ومن وجهة نظركم مقومات نجاح نشر ثقافة الإعاقة؟

عندما تواجه أي مجتمع مشكلة ما يلاحظ تكاتف الجهود أولاً ومن ثم العمل على وضع استراتيجية أو استراتيجيات لمواجهة تحديات تلك المشكلة.

 وبالنسبة لقضية الإعاقة  أعتقد أن أول عامل من عوامل نجاح نشر ثقافتها يتمثل بإعداد الكادر البشري إعداداً علمياً وممنهجاً وبذلك نكون قد نجحنا بوضع اللبنة الأساسية للنجاح ولكي نحقق ذلك لابد من تكاتف جهود كافة القطاعات الحكومية والأهلية وليس فقط جهود وزارتي الشؤون الاجتماعية والعمل والتربية وكذلك التعليم العالي فلابد لنا من ان نستذكر الكلام التي قالته الخبيرة البريطانية /كريستين مايلز عام 2000 بدمشق/ : بدأنا تجربة الدمج في بريطانيا منذ مائة عام ولم ننجح بتحقيق أهدافه.

إن هذا الكلام لا يعني أبداً تثبيط للهمم بل دعوة صريحة لتجاوز الثغرات والحفاظ على الانجازات ضمن استراتيجية حرق المراحل. والمقوّم الثاني برأي وجود استراتيجية شاملة مدروسة بتجرد وتحاكي الواقع وخاضعة للتقييم الدوري للشامل بما في ذلك تقييم أداء العاملين على تحقيقها لأن الخطأ البشري قادرين على تجاوزه أما الخطأ القيمي والأخلاقي فأشك بإمكانية تجاوزه.

وهنا أعود ثانية للإشارة إلى المجلس المركزي للإعاقة الذي تترأسه السيدة وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل فهو يضم بين أعضائه ممثلين لمعظم الوزارات منها التربية والتعليم العالي والصحة والثقافة والأوقاف والممثلين بمرتبة معاون وزير وكذلك ممثلين عن المعوقين وبالتالي ينوط بهذا المجلس وضع الخطط المدروسة وتقسيم الأدوار التي تناسب كل وزارة لإنجاح التعامل مع المعوقين سواء من حيث دمجهم أو من حيث تأهيلهم المهني والاجتماعي ولكنني بالواقع لا أرى هذا التكاتف بل على العكس كل جهة فهمت قضية الإعاقة من معطياتها الخاصة وبالتالي النتيجة غير مقنعة وهذه الرؤية أعتبر أنها تمثل الواقع الميداني بين المعوقين فمعظم المعوقين يعبون لي عن ذلك من خلال علاقتي الشبه يومية معهم ومع أسرهم.

كنتم ممن شارك بتجربة الدمج بسورية منذ تأسيسها إلى الآن؟ بصراحة هل أنتم راضون عما تحقق لتاريخه؟

 بصراحة لا. لأن المقومات التي بُنيت عليها تجربة دمج المعوقين في سورية لم تتبع كما هو مطلوب الأمر الذي انعكس سلباً على الأداء ولاسيما في تجربة الدمج في وزارة التربية والسبب الأساسي عدم تمتع المجتمع بثقافة الإعاقة، لأن إعداد الكادر البشري العامل في مجال الإعاقة من أهم المقومات وهذا الكادر ينبغي أن يتم اختياره بتقنية عالية فتعاطف وشفقة الفرد مع هذه الشريحة لا يعني بالمطلق أنه سيغدو أخصائي ناجح ومثل هذه الخطوات خطوات مؤسساتية وليست فردية.

كما أن وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل ولتاريخه ومن وجهة نظري لم تضع تصوراً واضحاً عن آلية دمج الأطفال المعوقين حتى بمعاهدها ولاسيما وأن تجربة الدمج بمعظم دول العالم المتقدم هدفها الأساسي مساعدة الفرد المعوق على الدمج الاجتماعي والمجتمعي.

كيف تُعرفون ثقافة الإعاقة؟

باختصار تكييف المجتمع ليتناسب مع احتياجات المعوق وليس العكس أي أن يتكيف المعوق مع المجتمع وخدماته فكيف على سبيل المثال مطلوب من المعاق حركياً الذي يعتمد على العكاز أو الكرسي المتحرك أن يتجاوز الأرصفة التي يزيد ارتفاعها عن/50-60سم/ والتي يعجز العادي عن تجاوزها بسهولة. وكذلك يجب أن يدرك المجتمع أن المعوق فرد له دور بالتنمية المجتمعية مهما كان دوره بسيطاً. وأخيراً ثقافة الإعاقة تشمل العمل على تنفيذ القرارات الحكومية الصادرة بحق المعوق على ارض الواقع فطالما أن المعاق لا يحسم له نسبة/50%/ من قيمة التنقلات البرية والبحرية والجوية فإننا لم نطبق ثقافة الإعاقة والأمثلة كثيرة.

ما تقييمكم للدور الذي تقوم به وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل بملف الإعاقة والمعوقين وكذلك المجلس المركزي للإعاقة؟

لقد ازداد العبء على الوزارة  والمجلس بهذا الملف والسبب طبعا ازدياد عدد المعوقين بسبب الأزمة التي نمر بها في سورية ولكن وبغض النظر عن هذا الأمر فلي وجهة نظر مزدوجة الأولى تتمثل بأن الجهد الدؤوب والحثيث لمواجهة مشكلات هذه الشريحة كان واضحاً والثانية تتمثل بعدم امتلاك الرؤية والاستراتيجية المناسبة لتطوير العمل بمجال الإعاقة فأضعف الإيمان وفي مجال الإعاقة يجب أن أرى الشخص المناسب بالمكان المناسب وخاصة بعد المكرمة الكبيرة التي تقدم بها السيد الرئيس بشار السد لملف الإعاقة بعد إصداره للقانون رقم/34/لعام/2004/ والتعديلات التي طرأت على بعض مواده وبالمقابل فإنني أستشعر بأن المستقبل سيكون مشرقاً.

هل يمكنكم تقييم واقع الإعاقة بسورية والتطلعات المشرقة حولها؟

بداية نقول أن سورية الحبيبة كانت من أوائل البلاد العربية التي اهتمت بقضايا الإعاقة والمعوقين ووفرت لها العديد من الامتيازات. وقد شهد العقدين الأخيرين نهضة ثقافية وحضارية لاسيما منذ صدور القانون رقم/34/ لعام/2004/ الذي أصدره السيد الرئيس بشار الأسد /كما ذكرت منذ قليل/، وكذلك من خلال مشاركة المجتمع الأهلي للقطاع الحكومي بدعم هذه الشريحة. إلا أن الأزمة التي يعيشها وطننا الحبيب أثرت كثيراً على هذا الملف ولاسيما ازدياد عدد المعوقين الأمر الذي يستدعي تكاتف كافة الجهود الحكومية والأهلية وبالتالي ليس من الأمر السهل تقييم واقع الإعاقة والتطلعات حولها ولكني أشير إلى أهمية، العمل على تقييم واقعي لواقع الإعاق، وتطوير الأنظمة والقرارات الخاصة بملف الإعاقة، وإعداد الكادر البشري إعداداً ممنهجاً ومدروسا، وتطوير كفاءة العاملين بمجال الإعاقة، ووضع مناهج خاصة للمعوقين عقلياً، وتكييف المناهج التعليمية بما يتناسب وطبيعة الإعاقة، و تفعيل القرارات الوزارية التي صدرت لخدمة المعوقين والتي لم ترى النور مطلقاً فعلى سبيل المثال المعوق الذي يحمل بطاقة إعاقة بدفع/50%/ من تكاليف النقل البري والجوي والمائي ولكن بالواقع ولا شركة تطبق هذا القانون وكذلك الطوابع وغير ذلك.

ومع ذلك فأنا على ثقة مطلقة بأنه سيتم وضع ما هو مناسب مع هذه الشريحة بمرحلة إعادة الإعمار بعزيمة قيادتنا وبواسل جيشنا وصمود شعبنا .

بالختام نشكركم دكتور آذار عباس عبد اللطيف على وقتكم وما قدمتموه لنا من معطيات بهذه المناسبة على أمل اللقاء معكم في قضايا أخرى تمس شريحة المعوقين.

ٍ جميع الحقوق محفوظة لموقع syriandays - syrianews - سيريانديز- أخبار سورية © 2024