السبت 2020-02-22 14:55:32 تحقيقات
التأكيداتُ والتوجيهاتُ مستمرةً والواقعُ صفراً !! المشروعات الصغيرة بحاجةٍ لدعمٍ فعلي وأسطوانة الحكي /ببلاش/ !!
أين قاعدةُ البيانات المتكاملة على مستوى المحافظات لتكون نقطة انطلاق؟

• أدال خليل
على مدار سنواتٍ طويلةٍ ونحن نقرأ ونسمع زخماً من الدعم الكلامي للمشروعات الصغيرة، خاصةً في الأشهر الأخيرة، لكن معاناة الشباب من خريجي الجامعات والمعاهد وغيرهم لم يحصدوا إلا الوعود الخلّبية التي جعلتهم يرسمون أحلاماً وردية لكنها في كل مرة تذهب أدراج الرياح!!.
يحدث ذلك في ظل انكماش فرص العمل التي لم تعد تلبي طموحات ورغبات الشباب من طالبي العمل الذين تزايد عددهم لأكثر من 300 ألف سنوياً، وهو الرقم الذي يفوق التقديرات الصادرة عن الجهات المعنية بأكثر من 50 ألفاً!.
هذه المعادلة غير المتكافئة أحبطت الشباب وأصابتهم باليأس لدرجة التخلي عن أحلامهم، ما أجبر الغالبية منهم لوضع أحلامه بحقيبة سفر وجعل الهجرة هدفاً أملاً بتحقيق بعضاً من أحلامه التي انكمشت وتلاشت وسط غيابٍ واضحٍ لإستراتيجيةٍ لتشغيل الشباب التي بدأ العمل بها منذ أكثر من عقد ولكنها بكل أسف ما زالت على الورق حبيسة الأدراج، ودائماً شماعة الأزمة أو الظروف الراهنة هي السبب!

تاريخٌ ووقائعٌ!
لو عدنا أربعُ سنواتٍ للوراء واستعرضنا ما تمّ بخصوص المشروعات الصغيرة، نجد أنه في عام 2015 أقر مجلس الشعب "مشروع القانون المتضمن إحداث هيئة تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة ترتبط بوزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية لتحل محل الهيئة العامة للتشغيل وتنمية المشروعات بما لها من حقوق وما عليها من التزامات وتعود إليها جميع أموالها المنقولة وغير المنقولة المستثمرة والمشغولة من قبلها".

وفي عام 2019 وتحديداً في شهر تشرين الثاني عُقد اجتماع في رئاسة مجلس الوزراء تقييماً لعمل هيئة تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومؤسسة ضمان مخاطر القروض وهيئة دعم وتنمية الإنتاج المحلي والصادرات بهدف الخروج بخطة عملٍ تكامليةٍ بين المؤسسات الثلاث للانطلاق بالمشاريع الصغيرة والمتوسطة وتوسيع انتشارها.
لكنّ السؤال الذي يطرح نفسهُ ما الذي تغيّر خلالَ أربعِ سنوات؟!
للأسف ما زلنا في الاجتماعات والتوجيهات وكأن المشروعات الصغيرة والمتوسطة ستقلع "بالحكي" المعسول!،
حيث لم يتم "وضع قاعدة بيانات متكاملة حول المشاريع المتوسطة والصغيرة على مستوى كل محافظة لتكون نقطة انطلاق لتنظيم هذا القطاع وتفعيل دوره التنموي، وتقرر تشميل المشاريع المتوسطة والصغيرة بخطة التوسع بالمناطق الصناعية المزمع البدء بها مع تأمين الخدمات اللازمة لتسريع تشغيل هذه المشاريع وزيادة معدلات الإنتاج وتوفير المزيد من فرص العمل"، وذلك بحسب ما دعا إليه الاجتماع المذكور!.

وضعُ برامجُ عملٍ
الراغبون في إقامة مشاريع صغيرة دعوا إلى وضع برامج اقتصادية ترتكز على دعمها ومراقبة تنفيذها لتطوير العملية الإنتاجية في ظل هذه الظروف الصعبة التي يمر بها الوطن، فهل تكون هناك مرونةً في التعامل مع متطلباتهم وخاصة لجهة تسهيل القروض وزيادتها وسهولة الحصول عليها بما يتوافق مع الواقع الحالي الذي نشهد فيه تذبذباً في سعر الصرف وانعكاسه الواضح على الليرة السورية؟!.

انخفاضُ رأسُ مالها
يٌعرّف الدكتور سامر المصطفى أستاذ الاقتصاد بجامعة دمشق المشروعات الصغيرة بأنها منشآت تتميز بانخفاض رأس مالها، وقله عدد العاملين فيها ، وصغر حجم مبيعاتها ، وقلة الطاقة اللازمة لتشغيلها، وحسب قوله هي ترتبط بشكل وثيق بالبيئة المحيطة بها ، وتعتمد على الخدمات المتوافرة محلياً ، وعلى تسويق منتجاتها في نفس المنطقة التي تنشأ فيها ، والمناطق المجاورة لها.

من أينَ تأتي أهميتها؟
ولدى سؤال الدكتور مصطفى، من أين تأتي أهمية المشروعات الصغيرة؟
بيّن أنها توفرُ فرصَ عملٍ للشباب بنسبةٍ أكبر مقارنةً مع المشروعات الكبيرة، عدا عن كونها من أهم عناصر دمج المرأة في النشاط الاقتصادي.
وأضاف: هي أيضاً تحققُ توازناً اقتصادياً واجتماعياً أكثر وضوحاً بسبب قدرتها العالية على الانتشار الجغرافي والتوسع داخل المجتمع في أطراف المدن والقرى على عكس المشروعات الكبيرة.
وبيّن أن للمشاريع الصغيرة أهمية في معالجة الخلل في ميزان المدفوعات سواءً أكان بتصنيع بعض السلع بدلاً من استيرادها، كما أنها تعد من أهم الآليات الفعالة في تنويع وتوسيع قاعدة المنتجات والصناعات والخدمات، إضافةً على ما سبق تسهم المشروعات الصغيرة إسهاماً كبيراً في التصدير والإسهام في زيادة الناتج القومي إذ تؤدي المشروعات الصغيرة إلى تحقيق مشاركة جميع شرائح المجتمع من خلال عمليتي الادخار والاستثمار، كما أنها تحافظ على الموروث الثقافي من خلال العديد من المصنوعات اليدوية ، وزيادةً على ذلك يتميز أصحاب المشروعات الصغيرة بأن لديهم قدرةً عاليةً على الابتكار وتجريب أفكار جديدة.

صعوباتٌ وتحديات!
ورداً على سؤالٍ بخصوص الصعوبات والتحديات التي تواجه المشروعات الصغيرة، بيّن مصطفى أن هناك صعوبات تمويلية تتمثل بارتفاع معدلات الفائدة على القروض، ووجود تعقيداتٍ لمبالغ فيها كطلب مؤسسات الإقراض الحصول على الضمانات المادية نظراً لارتفاع درجة مخاطر الإقراض لهذه الفئة من المشروعات، بالإضافة إلى تشدّد مؤسسات التمويل في عدم توفير فترات سماح للمشروعات الصغيرة وفي أساليب السداد ومجالات استخدام القرض، وعدم قدرة أصحابها في كثيرٍ من الأحيان على توفير الضمانات للمؤسسات المالية.

أيضاً عدم قيام مؤسسات وزارة المالية بتقديم التسهيلات والإعفاءات الضريبية المناسبة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، واللجوء إلى مصادرِ ائتمانٍ خاصةٍ غير رسمية بأسعار فائدة مرتفعة جداً ، وذلك لسهولة الوصول إلى هذه المصادر بشروطٍ مرنة ولقلة ما تتطلبه من مستندات وانخفاض تكلفة المعاملات فيها.

صعوباتٌ فنيةٌ وإدارية
أما بشأن أهمِ الصعوبات الفنية والإدارية التي تواجه نجاح المشاريع الصغيرة؟
عبّر الدكتور مصطفى عن أسفه من الصعوبات العديدة ، وأمُل أن يتم تطويقها، لكن يبدو أن الآمال انكمشت – حسب قوله - نتيجة صعوباتٍ عديدة ذكر منها: قلة وارتفاع تكلفة الأراضي المتاحة للمشروعات الصغيرة أو وجود تلك المشروعات في مدنٍ صناعيةٍ غير مكتملة الخدمات ببعدها عن أسواقها مما يرفع تكلفة شراء المدخلات وبيع المنتجات.
إضافةً إلى وجود مشكلةٍ في محدودية الحصول على مدخلاتٍ إنتاجيةٍ عالية الجودة نتيجة فرض تعريفة جمركية، وعدم توافر المواد الأولية بشكلٍ دائمٍ وعدم ثبات أسعارها.
أيضاً غياب الهياكل التنظيمية والإدارية واللوائح الداخلية الناظمة لعمل كافة المفاصل الوظيفية، وقصور السلطات وعدم تحديد المسؤوليات، وصعوبة توفير برامج التدريب المناسبة نظراً لضعف الإمكانات المادية وعدم قناعة الإدارات والعاملين بجدوى التدريب، إضافةً لاستخدام موادٍ خام أو مستلزمات إنتاجٍ غير خاضعةٍ لمعايير فنية وهندسية مدروسة، وقلة الخبرات الفنية ونقص العمالة المؤهلة في المشروعات الصغيرة وخاصة الأطر الإدارية العليا، واستخدام أجهزةٍ ومعداتٍ أقلُ تطوراً وعدم إتباع أساليب الصيانة الدورية المطلوبة، وعدم توافر الأطر التسويقية المعاصرة.

ٍ جميع الحقوق محفوظة لموقع syriandays - syrianews - سيريانديز- أخبار سورية © 2024