الثلاثاء 2023-04-11 05:28:31 رئيس التحرير
رسالة صباحية للسادة الوزراء قبيل اجتماع الحكومة اليوم : حان الوقت لاستبدال الخوف بمصلحة البلد ؟!
رسالة صباحية للسادة الوزراء قبيل اجتماع الحكومة اليوم : حان الوقت لاستبدال الخوف بمصلحة البلد ؟!

بقلم ايمن قحف
**  تجتمع الحكومة اليوم  في جلستها الاسبوعية ، ولديها كما هو معتاد جدول اعمال يهدف لادارة شؤون البلاد والعباد وتحقيق المصلحة العامة ..
أفترض ، كما جرت العادة ، أن يحصل نقاش من داخل أو خارج جدول الاعمال حول موضوع ( الاصلاح الاداري )..
أتمنى من قلبي أن تكونوا صريحين و جريئين تراعون المصلحة العامة ومستقبل البلد ومؤسساته بعيداً عن المجاملات أو الخوف أو السطحية !
نحن اليوم أمام حالة تغيير في بنية الدولة ومؤسساتها عبر فرض نماذج غريبة عن واقعنا تركز على الهياكل ومواصفات ورقية وتنسى الواقع والاهداف والنتائج ، وتتجاهل الانسان والابداع ومواهب القيادة التي يملكها أشخاص ويفقدها آخرون ..
ليس من السهل الاستغناء عن أكثر من 300 معاون وزير ومدير عام و امين عام دفعة واحدة تحت مسمى ( المسار الوظيفي )!
هؤلاء عموماً الناس الناجحون الذين يديرون مفاصل الدولة والمؤسسات العامة ، ولا يجوز الاطاحة بهم تحت مسمى وحيد !
متى كان الزمن معيار تقييم وتقويم ؟!
متى كنا ( نعاقب ) المدير الناجح بإعفائه ونقله لوظيفة ادنى وهذه من العقوبات الشديدة وفق القانون الاساسي للعاملين في الدولة ..
هناك قاعدة قانونية تقول : القانون الخاص يعقل العام ، والاصلاح الاداري وقوانينه أمور عامة على مستوى البلد ، بينما قانون المؤسسات والشركات هو قانون خاص ، وهو يعطي الاستقلال الاداري والمالي للمؤسسة ويعطي مجلس الادارة والمدير العام أوسع الصلاحيات ، و أولها تعيين كوادرها المناسبة لخصوصية كل مؤسسة ..
سأستذكر معكم مجموعة ملاحظات وافكار ناتجة عن تأملات الواقع الاداري في بلدنا وخبرة اكثر من ثلاثين عاماً في العمل مع الحكومات المختلفة والعمل العام ..
————-
الفاتحة العسكرية التي تعلمناها في خدمتنا الإلزامية تصلح ك( منطلقات نظرية ) لأي عمل اداري وهذا نصها :
" بما أن قوة الجيش في نظامه فقد اقتضى ذلك أن يحوز القائد على طاعة مرؤوسيه التامة، و خضوعهم في جميع الأوقات،  و أن تنفذ الأوامر بحذافيرها دون تردد أو تذمر، فالسلطة التي تصدرها مسؤولة عنها، و لا يحق لمرؤوس أن يعترض حتى ينفذ ما أمر به... "
هكذا يجب ان تكون سلطة الوزير والمحافظ والمدير العام ، يحوز على ثقة من عينه ، ويقوم من خلال خبرته و أخلاقياته بممارسة سلطته الكاملة ، وفي النهاية تتم محاسبته على النتائج وليس الإجراءات والتفاصيل .
بعد 32 عاماً من متابعة عمل الحكومات والوزارات والمحافظات والمؤسسات والمنظمات وحتى شركات القطاع الخاص ورجال الأعمال ، فإن شريطاً طويلاً من الذكريات والانظباعات يمر أمامي عندما تطرح أي فكرة أو قضية أو مشكلة تتعلق بالشأن العام ..
قبل الخوض في أي تفصيل ، سأتجرأ على الخوض في قضية حساسة يتجنبها الأكثرية ..
تستمع لعبارات طنانة لاسكاتك عن قول كلمة الحق ، من قبيل : هذا الرجل ثقة السيد الرئيس ومسمى بمرسوم ..هذا الأمر صدر بمرسوم أو قانون عن السيد رئيس الجمهورية ،هذا البرنامج أو المبادرة أطلقها السيد رئيس الجمهورية ..
بما معناه : ممنوع الكلام والانتقاد ، وكأننا لا نعلم أن السيد الرئيس تحدث مراراً عن مراجعة القوانين حتى لو بعد أيام من صدورها إذا كان فيها خلل ،
وكأننا لا نعرف أن أي مسؤول حتى لو حظي بثقة السيد الرئيس – بناء على اقتراح المؤسسات –يخضع للتقييم والتقويم ويعفى ويحاسب أيضاً ..
كما أننا نعلم أن السيد الرئيس يؤمن بالنقد البناء ، وخاصة دور الاعلام ، وما دام القانون ومسؤولياتنا الأخلاقية والمهنية توجب علينا تغليب الصالح العام ، فلن نسمح لأحد أن يخيفنا ..
أود أيضاً أن أطرح بعض الأسئلة قبل الحديث عن الإصلاح الإداري :
• هل تم التفكير بمكون التخطيط كأساس للإدارة الناجحة ووضع الخطط الإنتاجية والمالية والموازنات ، وبالتالي تكون المرجعية الاساسية للتقييم هي تنفيذ الخطط وليس الورقيات المتعلقة بمؤهلات المدير؟!
• هناك الحوكمة (الحكم الرشيد ) هل هي ضمن المكونات ؟
• وظائف الادارة هي :التخطيط – التنظيم –التوجيه( القيادة – التحفيز – الاتصال)- الرقابة - اتخاذ القرار
• وظائف المؤسسة : الإنتاج – المالية – البحث والتطوير – إدارة المخازين – الموارد البشرية (حسب طبيعة المؤسسة ) كل واحدة من وظائف المؤسسة تحتاج وظائف العملية الإدارية ..هل تمت مراعاة ألف باء الإدارة؟
• هناك مخالفات تكاد تكون دستورية : الوزير هو رأس السلطة في وزارته ومسؤؤول أمام رئيس الجمهورية ..كيف يكون مسؤولاً وقد كثرت التداخلات في عمله باسم الإصلاح الإداري وغيره؟!!
• هناك في القوانين النافذة : مجلس الإدارة والمدير العام يتمتعان بأوسع الصلاحيات في إدارة المؤسسة وخاصة في القطاع الاقتصادي حيث هناك استقلال مالي واداري وتعتبر المؤسسة تاجراً في تعاملها مع الغير؟!
• هناك تجارب سابقة ، أهمها التجربة الفرنسية و أولادها معهد هبا ومعهد اينا وخريجيهم وأساتذتهم : هل هم من مكونات الإصلاح الإداري مع المعهد العالي للتنمية الإدارية وأقسام الإدارة في عشرات الكليات الجامعية؟!!
كما قلت سابقاً ، أقوله حاليا عن المشروع الوطني للادارة في وزارة التنمية الادارية ،هو عبارة عن اصلاح مؤسساتي وليس اصلاح اداري من حيث جوهر التطبيق وما نراه هو عبارة عن هياكل مؤسساتية وتوصيف وظيفي ونوع من أنواع التدريب وهذا كله ضمن اطار الاصلاح المؤسساتي ..
طبعا العمل مع الاصلاح المؤسساتي أسهل لأنه قابل للنمذجة ونستطيع أن نأخذ منه تجارب أو هياكل أو نماذج أخرى نقيس عليها ونعممه على قطاع واسع كهيكليات أو انظمة داخلية
بينما الاصلاح الاداري الذي يتعلق بالادارة –القيادة- هذه الامور جزء منها خبرة  وجزء ثاني منها علم ولكن الجزء الأهم هو الموهبة فهناك أشخاص خلقوا بمواهب فذة للقيادة وبصفات ادارية وشخصية قوية ناجحة جداً وهم يشكلون حالات استثنائية لا يجوز تطبيق المعايير الاعتيادية عليهم ..
نحن نعلم أن السيد الرئيس صاحب هذا المشروع بالمطلق والمبادرة بالمطلق صحيحة وضرورية، ونحن نرغب باصلاح اداري كامل وشامل والعنوان صحيح لكن ليس دور رئيس الجمهورية أن يعمل عمل المؤسسات وهو رجل مؤسساتي بالمطلق عبر 21 سنة من ممارسة مهامه كرئيس للجمهورية ..
لاحظنا خلال اللقاء مع مسؤولين كبار أنهم يكررون عبارة أن السيد الرئيس رجل مؤسساتي وفي 99% من الحالات يحترم رغبة وإدارة وقرارات المؤسسات حسب التراتبية ونادراً ما يتدخل إلا في حالات الضرورة القصوى حين يمارس سلطته الدستورية كرئيس لتصويب المسار ويصلح الاعوجاج .
بالاصلاح الإداري ،إذاً الموضوع موضوع خلل بالوزارة وأدائها ويتعلق بالوزارة بأنها غير مدركة تماماً كما نلاحظ الفرق بين الإصلاح المؤسساتي والإصلاح الإداري ومابين دور المدير ودور البيروقراطية التي هي ضرورية في بعض المفاصل وبين الإدارة الإبداعية .
ولا يوجد مراعاة بين الإدارة في الزمن السهل زمن الرخاء ومابين الإدارة في الزمن الصعب ، في زمن الحروب والأزمات.. وتوضع الأنظمة وكأننا في ظروف نموذجية ، ولايراعون الفروق الفردية بين الأشخاص ..
نحن على الصعيد العام بما يتعلق بالموظفين وجزء من المدراء عندما نقول أن أبناء المؤسسة هم الذين ينهضون بها يكون صحيح ماقلناه أي بعبارة أخرى :الشعب هو من يحمل البلد ويبنيها، ولكن شعب من دون قيادة ماهي النتيجة ؟
شعب من دون مسؤولين يعرفون كيفية الاستفادة من طاقاته وكذلك نفس الحالة المؤسسة جزء من الشعب ويجب أن يصح أحياناً إذا وجد قائد خبير لديه علم ومن أبناء المؤسسة وأصبح قائداً لها فهذا جيد ولكن هذا لا يعني أنه القانون الوحيد ففي بعض الأحيان يكون لدى المؤسسة مشكلة فنية أو إدارية أو تسويقية نأتي بمدير عام ذو خبرة بالتسويق يحل هذه المشكلة وتنتج أنت إنتاج مسوَّق وهو غير موجود ضمن هذه الكوادر هل يعني أننا مستغنين عنه؟؟؟
وكما قلنا في زمن الأزمات يجب عليك تعيين قادة استثنائيين الآن دعنا ندرس تجارب الإدارة في سوريا بنوعيها التجارب الناجحة والتجارب الفاشلة
هل التجارب الناجحة هي التي أخذنا خلاصتها وبنينا المشروع على أساسها وخاصة بتكليف أصحاب المناصب ؟
أكيد لا .....
هناك أشخاص لايملكون شهادات ملائمة أو أشخاص لا يملكون سيرة ذاتية قوية عندما استلموا مناصبهم وهناك أشخاص غير متحدثين ولكنهم أبدعوا باختصاصهم ضمن مجالهم في مؤسساتهم .
هذا الشخص تم تقييمه بشكل صحيح أو لا ؟
درس حتى قلنا أنه ليس بالضرورة أن يكون مهندس ليدير مؤسسة صناعات هندسية أو ممكن يكون إداري لأنه لديها مشكلة في التسويق . والفاشلين تمت دراسة أسباب فشلهم وأن سيرته الذاتية نموذجية من حيث التراتب الوظيفي المؤسساتي والشهادة والدورات ولكنه فاشل وأودى بالمؤسسة إلى الفشل هل درسنا هذا الموضوع ؟؟
طيب عندما نقول أبناء المؤسسة لماذا لا نعممها على كرة القدم اضطررنا إلى استقطاب مدرب أجنبي بدل من اختيار شخص من أهل المؤسسة .
في التنمية الإدارية هل عيننا وزير وكان قبلها معاون وزير، وهو ليس من أهل الوزارة ..هل يمكن أن نقول أنه قادر على حل مشاكلها جلبناه من الخارج!!
هل هو من أصحاب الاختصاص ؟ لا ليس من أصحاب الاختصاص !
إذاً دعنا نبدأ بأنفسنا أصحاب المشروع هل يا ترى يتم تطبيق هذه المعايير ؟
موضوع معاوني الوزراء ،معاون وزير سابقاً كان الأمين العام وفي الدول الأخرى اسمه وكيل وزارة هو خلاصة الخبرة بهذه المؤسسة .
طيب إذا هو كان يجب أن يكون لديه 15 عام خبرة وعمره 30 سنة عند تعيينه وتنقل واستلم منصب مدير أربع أو خمس سنوات معناها (1) بالعشر آلاف يحق له أن يصبح بعمر الخمسين معاون وزير ولديه هذه الخبرة والسيرة الذاتية.
هذا لم يكن بمكانه ،يجب أن تكون مفتوحة على الأقل حتى عمر 56 – 57 عام يخدم عندها دورة كاملة 4سنوات وهو يملك خبرة كافية في هذه المؤسسة وليس بالضرورة أن يكون من ضمن المؤسسة .
طبعاً حصلت تعديلات على هذا البند سمحت بتسمية شابة عمرها 33 سنة بمنصب معاون وزير ، بينما يطاح بمعاونين بخبرة وظيفية تزيد عن عمر تلك الصبية !
يعني أن نحتاج بإحدى الوزارات إلى مسؤول تسويق ولا يملكون هذا الشخص الخبير بالتسويق تحتاجه لمرتبة معاون وزير لماذا لا استطيع جلبه من خارج المؤسسة ولو كان عمره 56 سنة؟؟
دكاترة الجامعات يعودون من الإيفاد بعمر 40 سنة فمتى سيستطيع البدء بالوظيفة ؟ ومتى سيتم الاستفادة منه وبالأساس القانون يمنحه حتى سن 70 عام ؟!
إذاً الواضح أن نعود لنراجع ونفكر ونقرر أن الإدارة والقيادة ليست مجرد دراسة أو مواصفات أو ورقة وقلم ونكتب عليها هي بالحقيقة إبداع واختراقات .
مثال عندما تم تعيين وزير خارجية النمسا ومن ثم مستشار بعمر 27 عام في دولة من أرقى دول العالم هل انتظروه حتى نضج؟ بالطبع لا هو بالأصل يملك إمكانات كبيرة من صباه .
ولا ندري إن كانت معاونة الوزيرة الشابة سترغب بمغادرة منصبها قبل ان تبلغ سن الاربعين بموجب مسارهم الوظيفي ؟!
وأنت اليوم في ثورة الاتصالات والتكنولوجية تستطيع تحصيل معلومات كثيرة في عمر صغير .
لكن نحن للأسف نعمل بالعكس فإرادة الرئيس مهمة جداً أن نصلح الإدارة و لكن تنفيذ المؤسسات تنفيذ بائس!
ننتظر أخباراً جيدة من اجتماعكم اليوم ..

ٍ جميع الحقوق محفوظة لموقع syriandays - syrianews - سيريانديز- أخبار سورية © 2024