سيريانديز – لانا الهادي
أصبحت المشروعات الصغيرة والمتوسطة مؤخراً تحظى بدعمٍ واهتمامٍ حكوميٍ واسع باعتبارها رافعة التنمية الأساسية خلال مرحلة التعافي، لكن هناك العديد من الصعوبات التي تواجه تلك المشروعات بحاجة لجهود حكومية تضمن استمراريتها ونجاحها.
الباحث والخبير الاقتصادي الدكتور فادي عياش أكد وجود مشكلة فعلية تواجه المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر من حيث التعريف والتحديد والتصنيف، وكذلك من حيث الأولوية والأهمية بالإضافة إلى العديد من الصعوبات والمعوقات التي تكمن في بيئة العمل الداخلية والخارجية العامة.
وفي تصريح لـ "سيريانديز" رأى عياش أن أبرزها هي "ثقافة العمل"، قائلاً : للأسف مازالت ثقافة الوظيفة مهيمنة، واستجد عليها وفاقم منها "ثقافة الهجرة" التي فرضتها ظروف الحرب القاهرة.
وحول مفهوم ريادة الأعمال الذي يعتبر المحرك الأساسي في تطوير المشروعات الصغيرة والمتوسطة رأى أنه هناك افتقار "لثقافة ريادة الأعمال "والتي تقوم على العمل الخاص المستقل.
وأكد أن ريادة الأعمال يجب أن تكون ميل عام وأسلوب حياة وسلوك مرغوب لذلك هناك حاجة للوعي والرعاية لتنمو مع الزمن وهذا ما يفتقده مجتمعنا.
ولفت عياش إلى وجود فئات كثيرة في المجتمع تعتمد المهن والحرف ولا تعتمد على العمل بأجر أو وظيفة، معتبراً أن لهذه المهن والحرف الخاصة مفهوم مغاير لمفهوم المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
وبرأيه أن ثقافة العمل السائدة كانت من أهم المعوقات التي واجهت معظم التجارب السابقة سواء على مستوى الحكومة أو المنظمات وحتى المبادرات الفردية مثل تجارب مكافحة البطالة المتعددة وكذلك تجارب لعدة منظمات دولية حيث لم تكن النتائج مرضية رغم توفر الدعم الإداري والتدريبي وحتى التمويلي.
وبالعودة إلى مفهوم ريادة الأعمال فريادة الأعمال من وجهة نظره تقوم على أربعة مبادئ وهي (المبادرة والمخاطرة أو المجازفة والثروة والإبداع) .
وذكر أن أهمها من حيث القدرة على الاستدامة والأنسب لمفهوم تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة هو "مبدأ الإبداع" والذي يتجلى في الإبداع بتقديم سلع وخدمات تسهم في حل مشكلات حالية أو إيجاد بدائل أنسب وأفضل لمنتجات وخدمات حالية أو إيجاد سلع وخدمات جديدة كلياً فضلاً عن كونه يمنح المشروعات الصغيرة والمتوسطة القدرة على التطور والنمو من جهة و يكسبها القدرة على التشبيك فيما بينها من جهة ومع المشروعات الكبيرة من جهة أخرى وبالتالي الاستفادة من مبدأ التضافر في المزايا النسبية والتكامل في الأعمال وهذا ما يساعد على تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة وعلى تحقيق الاستدامة.
وأما عن مبدأ المبادرة أوضح أنها تتضمن القدرة على التحدي يجب أن تكون ذاتية وهي تتوافق مع مقومات الشخصية القيادية ولذلك تتأثر بالسمات الشخصية لرائد الأعمال ويمكن صقلها وتطويرها من خلال التعليم والتدريب والمخاطرة والقدرة على المجازفة وتحمل المخاطرة لأنها تقوم على أفكار إبداعية جديدة غير مجربة أو مختبرة سابقاً أو على إضافة قيم مضافة تمنح المشروع القدرة التنافسية القوية.
وأشار عياش إلى أن المخاطرة تتجسد في جوانب الإدارة لأنه ليس بالضرورة أن يكون صاحب الفكرة الإبداعية والمبادرة قادر على تحويلها إلى مشروع استثماري وإدارته وكذلك في الجانب التسويقي سواء لتسويق الفكرة أو تسويق المشروع وصولاً إلى تسويق المنتج أو الخدمة. مضيفا: أن الجانب الأكثر تأثيراً هو الجانب التمويلي فغالباً أصحاب الأفكار الإبداعية والمبادرات لا يملكون التمويل الضروري للانطلاق بتطبيق أفكارهم الإبداعية وتحويلها إلى مشروعات.. وبالتالي يصبح لديهم تحدي كبير في سبيل تأمين التمويل اللازم وهذا يحتاج لبحث خاص.
وفيما يخص المكون الآخر من مقومات مفهوم الريادة هو (الثروة) ويقصد به هو الهدف من ريادة الأعمال (أي المبادرة والمخاطرة والإبداع) أكد عياش أن الهدف منها هو تحقيق ربحية عالية وكافية لتحقيق التراكم الرأسمالي من خلال المزايا التنافسية للمشروعات الصغيرة والمتوسطة القائمة على مفهوم الريادة وقدرتها على تحقيق الربحية التي تفوق المشروعات والأفكار التقليدية وليس هدف منها تأمين مصاريف الحياة ونفقاتها للقائمين عليها موضحاً أن التراكم الرأسمالي ( الركيزة في تحقيق الثروة) هو الذي يمنح المشروعات الصغيرة والمتوسطة الريادية قدرتها على الاستمرارية والاستدامة والنمو سواء بمفهوم التدرج الذاتي أو التشبيك عبر التكامل أو التضافر.. وهذا من أهم عوامل تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
فيما تقدم نجد أننا بحاجة للعمل على إيجاد وتنمية ثقافة ريادة الأعمال.. وكذلك التركيز على الأفكار الإبداعية الخلاقة القادرة على تحقيق مزايا تنافسية من خلال تطبيقها كمشروعات صغيرة ومتوسطة.
فنجاح تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة يعتمد على المشروعات التي تتضمن الأفكار الإبداعية والخلاقة وكذلك على المشروعات القابلة للتطور والتوسع وأخيراً المشروعات القابلة للتشبيك مع المشروعات الكبيرة القائمة.