غسان فطوم
القانون في أيّ مجتمع حالة حضارية، وهذه بديهة لا نقاش فيها ولا خلاف عليها، فعندما يحضر القانون يحلّ النظام وتهرب الفوضى، ويُعرف الصح من الخطأ والمسموح من الممنوع. لكن هل يكفي سن القوانين والتشريعات وتعليماتها التنفيذية لنحقّق ما نريده منها؟. للأسف كل الوقائع الملموسة حولنا تجعلنا نجيب بكلمة "لا"، والدليل هو الخرق اليومي للعديد من القوانين والقرارات أمام نظر من شرّعها وأوكلت له مهمة تنفيذها!!. فكم مرة يخرق يومياً قانون السير، ونحن نسمع من المعنيين بالشأن المروري أن القانون جاء لضمان السلامة وليس للجباية؟!. كم مرة تُخرق القوانين والأنظمة المانعة للبناء المخالف الذي انتشر بكثافة مذهلة في ظل الأوضاع الحالية؟!. كم مرة شكا المتقدمون لإعلان البعثات العلمية من الظلم الواضح والفاضح بسبب "تطبيق" فرص النجاح لصالح فلان من الناس مقرّب من هذا المسؤول أو ذاك، رغم وضوح المعايير والأسس التي تحكم ذلك؟!. هل أنصفهم أحد؟.. نعم قالوا لهم وأوهموهم بأنه حول وضعهم "إشارات استفهام"، فخافوا وتخلّوا عن فرصهم أو أن أسماءهم سقطت سهواً، وغير ذلك من الحجج المفبركة؟!!. كم آلاف فرص العمل طارت من بين يدي مستحقيها لتُباع لمن يدفع أكثر من تحت الطاولة؟!. ألا نلاحظ أن عبارة "خيار وفقوس" لا تكاد تخلو من وسائل إعلامنا؟. هي إشارة بلا شك للظلم الذي يقع على الناس الذين اطمأنوا أن القانون سيحفظ حقوقهم، وإذ به يسرقها "حاميها حراميها"!!. بالطبع من الظلم أن نعمّم، فهناك قوانين صارمة لا يمكن خرقها أو القفز من فوقها، فلماذا لا تكون كل القوانين ذات قوة واحدة من حيث الحساب والعقاب لمن يتجرأ على خرقها؟. قوة القوانين برهبتها وهيبتها، متى اختُرقت عمّت الفوضى، وكم نحن اليوم بحاجة لأن تأخذ القوانين مجراها في كل المجالات، فقد كثر الفاسدون، والمتسلّقون، والمتاجرون والفوضويون، وحان وقت التنظيف!.
|