في مؤتمر صحفي مشترك الأسبوع الماضي في الرياض, أكد وزير الخارجية الأمريكية جون كيري ووزير الخارجية السعودية الأمير سعود الفيصل على أهمية الانتقال السلمي الديمقراطي في سوريا وجددا الضغط على الرئيس السوري بشار الأسد للتنحي, وأعلن الرجلان أن الرئيس السوري "فقد شرعيته" كحاكم للشعب السوري. إن الانضمام إلى السعودية في مهاجمة نظام الأسد والترويج للديمقراطية خيار يدعو إلى التساؤل, كما يقول جون غليسر على موقع "آنتي وور. كوم": "عليك أن تسبحَ في بحر من التناقض المعرفي لكي تفهمَ كيف يتوحد وزير خارجية الإمبراطورية الوحيدة في العالم ووزير خارجية أسوأ دكتاتورية في الشرق الأوسط بهدف إرساء الديمقراطية في سوريا." ويبدو تصريح الفيصل بأن المملكة السعودية لا تستطيع "السكوت على هذه المذابح" وأن لديها "أخلاقياً" "واجب حماية" هؤلاء المواطنين حلواً وعذباً بالنسبة إلى أكبر ممول للمجموعات المتطرفة في العالم. وفوق ذلك, بينما عبر الرجلان عن الحاجة الملحة لانتقال سلمي, لا يرى أي منهما مشكلة في تمويل وتسليح المعارضة في الوقت نفسه. فقبل مؤتمره في الرياض بأسبوع واحد, أعلن كيري عن تزويد المعارضة السورية ﺑقيمة 60 مليون دولار إضافية من المساعدات غير الفتاكة, مثل الغذاء والمعدات الطبية. كما أن السعودية (مع جارتها الحليفة قطر) تقوم بتزويد المعارضة بالأسلحة, بشكل شبه علني, منذ ستة أشهر على الأقل. وفي الواقع, يبدو أن المجتمع الدولي يساند موقف الولايات المتحدة والسعودية: طالبوا بالسلام, ولكن إن فشل, ضخوا أموالاً أكثر لإذكاء النزاع. طالبت بريطانيا الاتحاد الأوروبي برفع حظر توريد الأسلحة إلى سوريا, وأعلنت مؤخراً أنها سترسل عربات مصفحة ومعدات أخرى "غير فتاكة" إلى المعارضة بالإضافة إلى تقديم التدريب للمجموعات المتمردة. وقد دعمت تركيا هذا الموقف أيضاً, حيث انضمت إلى بريطانيا في المطالبة برفع حظر توريد السلاح إلى سوريا. هذا إذا لم ننسَ أن الأسلحة التي تقدمها قطر والسعودية تمر عبر الحدود التركية إلى سوريا. وقد انضمت "جامعة الدول العربية" إلى هذه الدول – بعد قرارها بإعادة عضوية سوريا في الجامعة وإعطاء تمثيلها لممثل عن "الائتلاف الوطني السوري",الذي يشكل المظلة الرئيسية للمعارضة – حيث قالت إن تسليح المتمردين السوريين عمل "منطقي". فمع أن الجامعة كانت تساند الحل السياسي للنزاع, إلا أنها غيرت هذا الموقف لكي تبرر الآن تسليحَ المعارضة السورية من قبل دولها الأعضاء. في الجهة المقابلة من النزاع, بينما تؤيد إيران وروسيا المحادثات السلمية بين النظام والمعارضة (دون شرط تنحي الأسد), كانت كلتا الدولتان تزودان الأسد بشحنات الأسلحة طيلة فترة النزاع. يبدو أن بلداناً مثل كندا وألمانيا بقيت أصوات العقل الوحيدة في خضم هوس التمويل الدولي. فقد وصفت كندا – رداً على إعلان كيري العزم على تقديم مساعدات إضافية للمعارضة السورية – مثل هذا التمويل على أنه "خطر للغاية", مضيفة أن "الرد على الأزمة في سوريا لا يكون من خلال المزيد من العنف." وقد أيدت ألمانيا هذا الموقف أيضاً, حيث أعلنت أن دعم المعارضة يجب أن يتجلى بطريقة "مسؤولة" وأن قرار الاتحاد الأوروبي بعدم رفع الحظر الذي يفرضه هو قرار "حكيم وسليم". ومن جانبه, لا يبدو كيري مهتماً بالمجازفة التي ينطوي عليها تسليح المتمردين. فعندما سألت آن غيران, مراسلة "واشنطن بوست", كيري إن كانت الأسلحة التي يتم إدخالها إلى البلاد ستقع في أياد خاطئة, أجاب كيري أنه على الرغم من "عدم وجود أي ضمان من أن بعض الأسلحة يمكن أن تقع في الأيادي الخاطئة ... إلا أن المعارضة السورية قادرة الآن على التأكد من أن ما يتم إرساله إلى المعارضة المعتدلة الشرعية سيصل إليها." تؤكد إجابة كيري الطويلة والملتوية, ببساطة, أن المعارضة غير قادرة على منع وصول هذه الأسلحة إلى المتطرفين. وهذه ليست فرضية. فقد وقع بعض هذه الأسلحة في أيدي الإسلامويين المتطرفين, ولكن وسط حمى التسليح الدولي هذه يبدو أن قلائلَ جداً مهتمون بهذا الأمر, وخاصة أولئك الذين يقومون بالتسليح.
|