دمشق- سيريانديز
شكل ارتفاع معدلات الودائع ونسب السيولة في المصارف العامة في سورية خلال العام الماضي مؤشرا مهما على بدء تعافي وانتعاش قطاع المصارف حيث بلغت نسبة الودائع والسيولة في المصرف التجاري السوري وحده 38 بالمئة إلا أن الحجم الكبير للديون المتعثرة ما زال يمثل التحدي الأهم والأكبر أمام المصارف عموما والتجاري خصوصا.
وعمل التجاري السوري من خلال سياسته المصرفية عام 2015 على جملة من الإجراءات والقرارات التي تخدم التوجه العام للحكومة وتدعم صمود الاقتصاد الوطني وذلك بالتنسيق مع مختلف المؤسسات الاقتصادية وعلى رأسها مصرف سورية المركزي وبإشراف الجهات الوصائية وحرص المصرف في ظل الظروف غير الطبيعية التي فرضتها الحرب المستمرة ضد سورية على التكيف والبحث المستمر عن بدائل لتحقيق أهدافه.
وحول ما أنجزه عام 2015 تحدث مدير عام المصرف فراس ابراهيم سلمان لمندوب سانا مبينا أن ارتفاع نسب الودائع والسيولة وتحقيق أرباح بنسب تصاعدية يعد “من المؤشرات الجيدة التي تؤهل المصرف للقيام بالدور المناط به في دعم وتنشيط مساهمته بإعادة تعافي الاقتصاد الوطني وتحسن وتقدم العمليات الانتاجية في مختلف القطاعات الاقتصادية والخدمية”.
وواصل المصرف تمويل مؤسسات القطاع العام المعنية بتأمين السلع والخدمات وتعزيز صمود الليرة السورية مساهما في تنفيذ السياسة النقدية بتوجيه من مصرف سورية المركزي وتحفيز النشاط الاقتصادي ودعم الخزينة العامة من خلال تحويل حصة الدولة من الأرباح المحققة وتقديم الخدمات المصرفية في جميع المدن والمناطق بالمواصفات المعيارية الجيدة”رغم ارتفاع المخاطر”.
ورغم توقف المصرف عن منح أي قروض مباشرة للأفراد أو المؤسسات الخاصة إلا أنه استمر بمنح التسهيلات غير المباشرة من الاعتمادات والكفالات المصرفية حيث بين سلمان أن قيمة الكفالات الأولية والنهائية المصدرة من قبل المصرف خلال عام 2015 بلغت 7ر2 مليار ليرة سورية مشيرا في الوقت ذاته إلى أن ارتفاع نسبة عدد المتعثرين وحجم القروض المتعثرة إنما هو “نتيجة طبيعية” نظرا للظروف الاستثنائية التي تمر بها سورية.
وأوضح مدير عام المصرف أن النسبة المشار إليها “تتبدل بتغير الظروف وتتأثر بمستوى وحجم النشاط الاقتصادي لمختلف الفعاليات الاقتصادية” منبها إلى أنه لا يمكن إغفال ارتفاع حجم الديون المتعثرة والذي تجاوز 60 مليار ليرة سورية وانخفاض مستوى الوفاء بالالتزامات المترتبة على مختلف المدينين حاليا حيث بلغ حجم التسديد 1ر4 مليارات ليرة عام 2015.
ولفت سلمان إلى أن مسألة الديون المتعثرة “لا بد وأن تؤثر في قدرة المصرف على تقديم الخدمات الائتمانية أي “فقدان الفرصة البديلة” وإلى ارتفاع نسبة المصاريف والتكاليف الثابتة إلى إجمالي حجم النشاط التسليفي”.
وفيما يتعلق بطموحات المصرف خلال العام الجديد قال سلمان إن “خطط وإجراءات المصرف خلال هذا العام حددتها أولويات مرتبطة بالحرب والعقوبات على سورية وتحديث الأنظمة البرمجية بما يتلاءم وحجم أعمال المصرف وتطور أدائه والاستعداد إلى إعادة الجانب التسليفي المباشر وغير المباشر حين يتخذ القرار بذلك بما يحقق أعلى العائدات ويسهم بشكل فعلي بدفع عجلة الانتاج”.
وأشار مدير عام المصرف إلى “قرب العمل بمنح القروض التشغيلية لتمويل رأس المال العامل لقطاعات اقتصادية محددة وفق أولويات مرتبطة بالاحتياجات الراهنة والمتمثلة بالقطاع الزراعي وقطاع الانتاج الصناعي والحرف اليدوية التقليدية” مؤكدا في الشأن ذاته أن المصرف عازم على مواصلة العمل لتحصيل الديون المتعثرة ومساعدة المتعاملين معه والذين تعرضت منشآتهم للتخريب على الوفاء بالالتزامات المترتبة عليهم للمصرف.
وأشار سلمان إلى أن المصرف يعمل هذا العام على “وضع استراتيجية لإدارة المخاطر تعكس مدى تحمل المصرف للمخاطر وزيادة التعاون مع المصارف لفتح قنوات لتنفيذ العمليات المصرفية الخارجية وتحديث البنية المعلوماتية التحتية للمصرف وتطوير الشبكات وأمن المعلومات والتوسع في استخدام البطاقات الالكترونية والخدمات عبر موقعه الالكتروني وزيادة انتشار الصرافات وتحسين أدائها بما يخفف العبء عن المواطن”.
وكان مجلس النقد والتسليف في وزارة المالية أصدر في نيسان العام الماضي قرارا بموافقة من مصرف سورية المركزي سمح بموجبه للمصارف العامة بإعادة استئناف منح القروض التشغيلية للقطاع الخاص والتعاوني والمشترك من مواردها الذاتية لتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة وتحديدا في قطاعات الإنتاج الزراعي والصناعي والحرف اليدوية التقليدية.