مكتب اللاذقية -سيريانديز - يسرى جنيدي
مفكر و كاتب سوري تنوعت أعماله بين كتابة القصص القصيرة والمسرحيات وسيناريو العشرات من الأعمال التلفزيونية والعديد من الأعمال السينمائية إضافة إلى زاويته الدائمة في صحف سورية و عربية.
عُدّ من أهم خمسة كتاب في الوطن العربي و من بين أكثر مئة شخصية عربية مؤثرة في العالم في مجال المفكرين ( بموجب قائمة مجلة آرابيان بيزنس الصادرة في دبي باللغتين العربية والإنكليزية )، كما
إنه المبدع حسن م. يوسف الذي لم تزده الحرب سوى تعلقاً بوطنه, ورغبة منه بنشر الجمال والأمل في مختلف أنحائه، فكان لسيريانديز لقاء معه في منزله الريفي بقريته الدالية وهذا نص الحوار:
* كتبت القصة, المسرحية, السيناريو, المقالة, أيّهم أحب إلى قلبك؟
** كل شيء أمارسه عندما أنتهي منه يكون حبيباً إلى قلبي, الكتابة بالنسبة لي لا تختلف من نوع إلى آخر, هي مواجهة للذات والعالم، لكن القصة باعتبارها أول ما كتبت, فيها أيضاً أكون الملك لا أحد يشاركني على الإطلاق, ليس هناك إلا أنا و القلم و البياض عالماً كاملاً أحدثه بمفردي لذلك أجدني في القصة أكثر من أي نوع آخر من الكتابة. كقصة العريف غضبان، وقصة الآنسة صبحا.
*وصفك الكثيرون بالكاتب الساخر ما تعليقك على هذه التصنيف؟
** نعم أنا كاتب ساخر عموماً لكن السخرية عندي تختلف عن فهم الناس لها، حيث هنالك من يخلط بين الساخر و الضاحك أو الساخر والمتهكم، فالضاحك هو من يفتعل أسباب الضحك لكي يُضحك الآخرين وعليه أن يغفل الجوانب الأخرى التي تحدث مشاعراً متناقضة, أما المتهكم فهو الذي يكشف نقاط السلبية في شخصيات و ظروف الآخرين و يستخف بهم لكي يبرر السخرية منهم.
أنا لست متهكماً أو ضاحكاً، أنا ساخر فالساخر يري العالم على حقيقته يراه في تحوله وفي ما سيؤول إليه, فأنا كساخر أستطيع أن أرى في المرأة الحسناء المغرورة عجوز شمطاء, و في الغني البخيل فقير مدقع. السخرية هي طريقة سحرية لرؤية العالم على حقيقته عبر الأزمنة.
* هل استخدمت الرمزية لإيصال أفكارك؟
**من قرأ نصوصي يجد فيها رموز, ولكن هذه الرموز هي نتيجة بمعنى أنا لم افتعلها. الرمز عندي هو جزء من لعبة الحياة و لعبة الفن لا أتعمده و لكن عندما يحضر لا أتخلى عنه, أي إنه يأتي جزءا من الصورة المتكاملة.
* ما سبب هذه القطيعة مع الدراما؟
** ليست قطيعة, قدمت مجموعة من الأعمال لكنها لم تحظ بفرصة، حيث أن بعض الجهات المنتجة تريد شيئاً ساخناً و راهناً، و أنا أعتقد أن الفن ليس مرآة, الفن استبصار يُظهر للناس مالا يمكن للعين البشرية أن تراه, يُظهر لهم التغييرات العميقة التي تحدث داخل النفس الإنسانية و داخل المجتمعات. الأعمال التي قدمتها هي أعمال لا تتصدى للحرب الراهنة التي تشن في سوريا, و لكنها تحلل بشكل غير مباشر جذور هذه الحرب كما في مسلسل ملح الحياة. ·
*هل استطاعت الدراما السورية أن توصل رسالة للعالم في ظل الحرب على سوريا؟
** الحصار الذي يمارس ضد بلدنا يؤثر على كل شيء بما في ذلك على الرسائل المعنوية التي نريد توجيهها من خلال إبداعنا. في الماضي كان المسلسل الذي ننتجه يُعرض في عدة بلدان أما الآن فنحن معاقبون لأننا سوريون.
بالرغم من الأعمال الدرامية الممتازة صنعها شبابنا ولم يتم عرضها إلا بفرص محدودة و كانت تًعرض في غير أوقات الذروة. فلا يراها إلا القليل من الناس. العمل في هذه الظروف نوع من أنواع البطولة. يجب أن يستمر العمل كي تبقى الشعلة مستمرة.
*كيف ترى واقع الصحف السورية اليوم؟
** احترم الصحف السورية التي استمرت بالصدور لأنه وبكل بساطة السوق سُرقت من الصحافة. أعتقد أن هناك نسف ممنهج للعلاقة بين الجريدة و المجتمع.
ومن المعروف أن قرّاء الجريدة المداومين لا يشكلون إلا نصف الذين يشترونها والكثير من الناس يشترونها للبحث في إعلاناتها عن فرص عمل أو منزل أو المسؤولون اتخذوا قراراً خطيراً بالسماح للنشرات الإعلانية المستقلة بالصدور وبذلك خسروا نصف شرائح الجريدة الذين يسعون للحصول عليها من أجل قراءة الإعلانات.
فهذه الخطوة أعدها مؤامرة حقيقة على الصحافة المطبوعة.
وأظن أن صحافتنا الآن محاصرة بمساحة محدودة من الجغرافية السورية لذلك أنا متعاطف معها و يؤسفني أن أقول بأن الصحافة المطبوعة لا تحظى بالاهتمام اللازم مثل الصحافة المرئية و المسموعة أيضاً إلى حد ما.
* ما رأيك بالإعلام الالكتروني في سورية؟
** الإعلام الإلكتروني مايزال يحبو عندنا في سورية و لذلك في البداية أي خطوة ولو كانت متعثرة نراها معجزة و جديرة بالإحتفاء و التهليل لها. الإعلام الالكتروني السوري فيه الكثير من عيوب الإعلام المرئي و المسموع هو مربط أكثر مما يجب, فالرقابة التي تًمارس على الإعلام الإلكتروني من قبل محرريه تبدو غير مفهومة بالنسبة لي. في كل بلدان العالم هناك رقابة تُسمى رقابة الإحساس بالمسؤولية, و
لكن ما أراه في المواقع الإلكترونية السورية ليس رقابة الإعلامي الذي يشعر بالمسؤولية بل رقابة الإعلامي الخائف من المسؤولية.
* ما الذي تقترحه لتصبح هذه المواقع الإلكترونية حاجة للمتلقي؟
** نحن بحاجة لكي نرفع سويتنا المهنية, فالمقال الذي يُكتب بأربعين كلمة أفضل بكثير من المقال الذي يُكتب بمئتي كلمة. حتى الآن نستخدم الإنشاء أكثر مما يجب و لا نهتم بالتحليل, نقوم بسرد الوقائع فقط. المواقع الإلكترونية لا تستطيع منافسة الصفحات الإخبارية المرئية لأن هذه الصفحات أسرع بكثير.
وبرأيي المواقع الالكترونية يجب أن تختص بالتحليل وأن تُظهر العلاقة بين الأحداث في ضوء جديد.
* ماذا غيرت الحرب في حسن .م. يوسف الإنسان و المبدع؟
** هذه الحرب جعلتني أتمسك بالحياة أكثر و علمتني أن الجمال شيء هام جداً.
كل هذه الدمامة التي تجري أراها بالتأكيد و لكن لا أسمح لها أن تدخل إلى روحي, هذه الدمامة أقاومها بشكل دائم. حزني وأوجاعي لي, وما في روحي من ضوء أعطيه للناس. نحن لسنا بحاجة للمزيد من الظلام الدامس, نحن بحاجة للحفاظ على شعلة الأمل متقدة. ش