|
|
|
|
دوامةُ القروضِ المتعثرةِ مستمرةً ما الجديد في هذا الملف؟! الأرقامُ تشيرُ إلى تحصيلاتٍ تجاوزت الـ 50%..عربش: قيمةُ القروضِ لا تعادل 8% من قيمتها الفعلية ولجان التقييم تتحملُ المسؤولية! حتى هذه اللحظة المصارفُ العامةُ تدارُ بعقليةِ الموظفِ الحكومي لا بعقليةٍ مصرفية! |
|
رجاء يونس
لطالما شكّلت القروض المتعثرة للمصارف العامة،تحدياً كبيراً للقطاع المصرفي وساهمت إلى حدٍّ كبيرٍ في فرملة عملها والحيلولة دون معاودة نشاطها في منح القروض لأكثرِ من سبعِ سنوات، شهدت خلالها هذه القروض المتعثرة نمواً مطرداً وبحسب الإحصائيات فإن قيمة هذه القروض ناهز 350 مليار ليرة سورية بسعر صرف 50 ليرة . وبالتالي وبدلاً من أن تكون القروض مدرّة للأرباح، تحولّت إلى قروضٍ متعثرةٍ وسبب مباشر للخسائر، كما تسببت بمشكلة حقيقية للمصارف الحكومية ، التي خسرت الأموال واضطرت للتعويض من رأس مالها فضلاً عن انخفاض السيولة المتوافرة لديها مما أدى إلى توقف القروض من عام 2012 ولغاية 2018.
الحجز على الضمانات التي تمّ بموجبها منح أصحاب القروض من مؤسسات وشركات وأفراد كانت الخيار شبه الوحيد لدى القطاع المصرفي في محاولةٍ لاسترداد قيمة هذه القروض بعد عرضها للبيع بالمزادات العلنية.. والسؤال هنا هل كانت قيمة هذه الضمانات التي منحت بموجبها تلك القروض آنذاك تغطي القيمة الفعليةلهذه للقروض؟!
الضماناتُ غيرُ حقيقية!
بهذا الخصوص يرى أستاذ الإحصاء التطبيقي في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق الدكتور شفيق عربش بأن القروض التي آلت إلى التعثر وخصوصاً تلك التي منحت ما قبل الحرب طبقت عليها نفس الآليات والتعليمات النافذة التي طبقت على القروض التي لم تتعثر وبالتالي المشكلة لم تكن بالآليات أو الشروط التي تمّ بموجبها منح القروض الكبيرة للشركات أو المؤسسات أو رجال الأعمال وإنما المشكلة تكمن في اللجان الدائمة المشكلة لتقييم الضمانات العينية التي يتقدم بها طالب القرض للحصول عليه، معتبراً معظم هذه اللجان نخرها الفساد ولم تكن جديرة بهذه المهمة وقد قيَمت الموجودات بأعلى بكثير من قيمتها الحقيقية فتساهلت في الضمانات والشروط وكانت السبب لما وصل إليه حال المصارف العامة الآن!
أسئلةٌ مشروعةٌ!
وتساءل أستاذ الإحصاء إذا كانت هذه المصارف لديها تلك الضمانات العينية الحقيقية التي تسد بها هذه القروض فلماذا لا تضع يدها عليها؟، وإذا كانت هذه الضمانة وهمية، فلماذا لا تحاسب اللجان التي أقرت هذه الضمانات التي أعطيت القروض لمن لا يستحقها والغايات التي تقدمت لم تكن كافية؟.
محفزاتٌ للمقترضين ولكن ..؟
في عام 2015 صدرَ القانون رقم 26 الخاص بتسوية القروض المتعثرة في ذمم المدينين متضمناً تحفيزات وتسهيلات لهم لتشجيعهم على سداد ديونهم، وفي مطلع عام 2017 شكلّت لجنة مركزية لدراسة أضابير القروض المتعثرة ضمت في عضويتها رئيس الجهاز المركزي للرقابة المالية والمجلس الاستشاري في مجلس الوزراء والمدير التنفيذي لسوق دمشق للأوراق المالية.
آليةٌ لمعالجةِ معوقاتِ التحصيل
ووفق ما كشفهُ وزير العدل هشام الشعار في أحد الاجتماعات الحكومية فقد تمّ استعادة 182 مليار ليرة سورية من القروض المتعثرة لدى المصارف العامة الستة لغاية الشهر السابع من العام الجاري أي نحو60% من القيمة الإجمالية للقروض، مؤكداً على وجود آلية لمعالجة معوقات تحصيل القروض المتعثرة وفقاً للقانون/26/، فيما يجري الحديث عن مشروع قانون جديد لتعديل هذا القانون ، بحيث يتم منح المبادر لتسديد كامل ديونه محفزات وإعفاءات كبيرة ،أما مديرو المصارف العامة فقد تقدموا مؤخراً بمشروع قانون يعفي المقترضين المتعثرين من فوائد التأخير التي ترتبت على تعثرهم في السداد ، إضافةً إلى إعفائهم من الفوائد العقدية ومنحهم قروض جديدة.
وتفيد أخر المعلومات الواردة من المصرف العقاري إلى أن حجم الديون المتعثرة بلغت نحو/ 107.5 / مليارات ليرة مع نهاية عام 2018 موزعة على/ 96/ مليار قروض منحت بالليرة السورية وحوالي/ 11.5 / مليار قروض منحت بالعملات الأجنبية، حيث بلغ عدد هذه القروض لدى المصرف /768 / قرضاً لكبار المقترضين المتعثرين وخلال العام الجاري، تمّ تسوية قروض متعثرة بنحو 3 مليارات ليرة سورية فيما تشير البيانات إلى تحصيل نحو 8 مليارات خلال الربع الأخير من عام 2018 من قروض متعثرة وغير متعثرة، فيما تشير البيانات إلى تحصيل نحو 30 مليار خلال عامي 2017 و 2018 من القروض متعثرة.
وفي التجاري الذي تناهز قيمة القروض المتعثرة لديه نحو 95 مليار ليرة فتتحدث بياناته عن تحصيلات قاربت نحو 40 مليار ليرة سورية خلال الأعوام الأربعة الماضية وخلال العام الجاري 2019 تم تحصيل 1.5 مليار سورية.
أما في المصرف الصناعي فقد تجاوز رصيد القروض الممنوحة حتى نهاية النصف الأول من الجاري مع الفوائد المتأخرة 40 مليار ليرة ،منها 35 مليار قروض متعثرة وقد تمكن الصناعي من تحصيل نحو أربع مليارات ليرة خلال العام الماضي ولغاية النصف الأول من العام الحالي ..
في حين بلغت قيمة التحصيلات من القروض الإنتاجية المتعثرة في مصرف التسليف الشعبي والتي سددّت بشكلٍ كاملٍ خلال عام 2018 نحو 286 مليون ليرة سورية تعود لـ 684 مقترضاً فيما بلغت التحصيلات من قروض ذوي الدخل المحدود المتعثرة 351 مليون ليرة سورية تعود لـ 2077 مقترضاً.
لماذا الإجراءاتُ الجديدة؟
وهنا تساءل عربش إذا كانت الحكومة قد استطاعت تحصيل أكثر من نصف المبالغ المعلنة من القروض المتعثرة وفق الإجراءات القديمة ، فلماذا تبحث عن إجراءاتٍ جديدةٍ لاستجداء المقترضين على سداد قروضهم المتعثرة ؟، لافتاً إلى البعض من المقترضين أعتقد بأن الأمور في البلاد تسير نحو الأسوأ فتوقف عن السداد علّه ينفد بقرضه، إلى أن حصل التراجع المخيف في سعر الصرف وبالتالي فأي مقترض أراد أن يسدد قرضه حالياً فإن المبالغ التي سيسددها لا تعادل 8% من قيمة القرض الفعلي الذي حصل عليه عندما كان سعر الصرف 50 ليرة.
2.5 تريليون حجم السيولة
مع اقتراب المبالغ المحصلة من القروض المتعثرة إلى أكثر من 50% بحسب الأرقام المعلنة عاودت المصارف العامة منح القروض بكافة أشكالها وأعلنت عنها مع بداية عام 2018 وفي هذا الإطار تشير الأرقام إلى ارتفاع حجم السيولة النقدية في جميع المصارف وتذكر مصادر إلى أن فائض السيولة الجاهزة للإقراض لدى المصارف العامة عدا التجاري تقدر 325 مليار ليرة سورية ، وقد بلغت لدى العقاري لوحده نحو 190 مليار ليرة سورية وقاربت قيمة القروض التي منحها خلال العام الجاري 12 مليار توزعت على 4741 قرض، في حين تجاوزت قيمة الودائع لدى "التسليف الشعبي" 128 مليار، وأما في التجاري فإن حجم الكتلة النقدية المخصصة للإقراض بلغت لغاية النصف الأول من العام الجاري 455 مليار بنسبة 31.5 % من السيولة، وفي الصناعي بلغت الأموال الجاهزة للإقراض 27 مليار حتى نهاية النصف الأول من العام الحالي. ولدى التسليف الشعبي بلغت سيولة المصرف 145 مليار ليرة سورية ، في حين السيولة القابلة للتوظيف تجاوزت 25 مليار ليرة سورية، في حين قام المصرف الزراعي التعاوني بوضع خطة للتسليف بمقدار 50 مليار ليرة لكافة القطاعات، ووفق تصريحٍ سابقٍ لرئيس الحكومة أكد بأن قيمة المبالغ الجاهزة للإقراض في المصارف العامة تُقدر نحو 2.460 مليار ليرة سورية أي حوالي (2.5) تريليون ليرة سورية .
غيابُ الآلياتِ السليمة في استثمار الودائع!
وفي تعليقه على هذه المسألة يقول عربش : جميع المصارف تشكو من النقود المجمدة والمكدّسة فيها ولا تستثمر وعندما تقرض تذهب النقود بلمح البصر أي إننا لا نستثمر ولا نقرض وإذا أقرضنا لا نسترد النقود ، معتبراً هذا الوضع دليلاً واضحاً على حجم الضياع الكبير الذي نعاني منه سواءً على مستوى الاقتصاد الجزئي أو الاقتصاد الكلي، متسائلاً: لماذا لا توجد آليات سليمة لاستثمار الودائع الموجودة في المصارف ولماذا يحسن القطاع المصرفي الخاص استثمار ودائعه أما في القطاع العام فننتقل من فشلٍ إلى فشل؟. وننتهي دائماً مع مدير عام محجوز على أمواله أو مسجون أو فار خارج البلاد؟!
وبرأي عربش فإن الرقابة الغائبة على أداء العاملين في القطاع العام هي أصل البلاء والفساد والتسيب واستباحة المال العام وهي مسؤولة عن التعثر نتيجة فساد لجان التقييم دون أي محاسبة، مؤكداً بأن المصارف العامة حتى هذه اللحظة ما زالت تُدار بعقلية الموظف الحكومي ولا تُدار بعقلية مصرفية والخوف من الإقراض ناتجٌ عن هذا التعثر وبالتالي هذه الأمور مجتمعة مع غياب الرقابة الفعلية على الأداء أدى إلى فرملة عمل المصارف العامة!.
|
عن صحيفة بورصات وأسواق |
|
الأربعاء 2019-12-18 13:45:27 |
|
|
|
|
|
|
|