خاص- سيريانديز
لم يحصل مشروع قانون الذمة المالية، على " براءة الذمة" اللازمة للمرور عبر القنوات المفترضة ليصل إلى مرحلة القانون الكامل..إذ يبدو أن ثمة خلل بنيوي في صلب نصوص المسودّة التي جرى إعدادها بإشراف وزارة التنمية الإدارية، حال دون إمكانية قبولها لدى كل من يجب أن تقنعهم وتحظى بقبولهم. ولعل أهم أسباب إخفاق المسودة في إقناع من يلزم، هو ذلك الخلل " الغليظ" المتمثل بمخالفة الدستور في بعض الفقرات، ثم الافتقار إلى الموضوعية في بلورة مكنة عمل متوازنة للجنة المختصة التي ستتولى إدارة ملف " الذمم المالية"..إضافة إلى أخطاء قانونية، وكلّها كان يجب ألا تحصل في مثل هذا القانون الحساس والهام جداً، لدرجة أن بعضهم استخدم مفردة " خطير" في توصيف درجة الحساسية التي ينطوي عليها كتشريع ذي صلة بتوجهات الدولة لمكافحة الفساد. الواقع أن حلقة تلفزيونية أو حلقتين بثتهما قناة الإخبارية السورية، لمناقشة المشروع – المسودة الخاصة بهذا القانون، كانتا كافيتين لـ " تعرية" ملامح الخلل الكبير التي ينطوي عليها مشروع القانون المنتظر كما يفترض من التسريبات الراشحة عن وزارة التنمية الإدارية. وكانت الملاحظات التي دفع بها عضو مجلس الشعب الدكتور أحمد الكزبري مفاجئة بالفعل، خصوصاً و أنه صادرة عن رجل قانون متخصص وعميق برؤيته كقانوني وكبرلماني. إذ كشف الدكتور الكزبري عن مخالفات دستورية لبعض فقرات مشروع القانون، فتارة يمنح لجنة " الكسب غير المشروع" صلاحيات هي من اختصاص رئيس الجمهورية وفق أدبيات نص عليها دستور الجمهورية العربية السورية. وتارة يتجاوز على اختصاصات جهات اعتبارية في الدولة، ويلغي نسق تشريعي لنصوص قائمة، أي في المشروع حالة من التداخل وخلط الأوراق لا يمكن أن ترسي قانوناً سليماً معافى يتعافى معه البلد بمؤسساته من آفة الفساد. ويلفت الكزبري إلى أخطاء غير مقبولة في الصياغة القانونية، ويلفت إلى ورود عبارة تنصّ على الحكم بالأشغال الشاقة على الشخصيات الاعتبارية المتورطة بالفساد، والشخصية الاعتبارية هي عبارة عن كيان مؤسسي وليس شخص بعينه فكيف سنحكم على مؤسسة بالأشغال الشاقة. ويرى الكزبري إنه إن كان معمول بمثل الصيغة التي ارتأتها وزارة التنمية الإدارية في دول أخرى، ليس بالضرورة أن نعمل بها ونقبلها في سورية، لأن لدينا دستورنا الذي يجب أن تكون كافة التشريعات متوائمة معه. هي ملاحظات من شأنها أن تقلل من الثقة بجدارة وكفاءة معدي مسودة التشريع، لأنه ليس كأي تشريع آخر – رغم أهمية كافة التشريعات – لكن قانون الذمة المالية له شأن آخر في ظل السعي الرسمي والمجتمعي أيضاً نحو بلورة آليات فاعلة وناجعة لمكافحة الفساد. فلتعد " التنمية الإدارية" والحكومة النظر بالصيغة المرتبكة التي خرجت بها لمشروع القانون، ولتخرج بقانون عصري مرن لتضمن إمكانية تطبيقة وفعاليته في تحقيق الهدف الذي أعدّ لأجله.