سيريانديز- مجد عبيسي
إثر مرسوم إعفاء حاكم مصرف سورية المركزي حازم قرفول، تناقلت مواقع الإنترنت مباشرة أسباب إعفائه، تلك الأسباب التي تلقفها الشارع وكأنه كان يعرفها تماماً ويحتاج فقط من يؤكدها له!، فورد فيها عن دور قرفول السلبي طيلة فترة تعيينه، وتقصيره في درء الضرر، وشكوك حول فساده!، عدا عن الضعف الشديد في الحرب الشرسة التي كان ضحيتها "اقتصاد وطن"!
اعتبر أحد الخبراء الاقتصاديين لـ "سيريانديز" أنه: "لو لم تتوافر معطيات معينة لما صدر هذا المرسوم، وأن التغيير قد يكون ضروريا في هذا التوقيت، وربما يعكس عدم الرضا عن الأداء الحاصل".
وإن وقفنا على حيثيات المنشور، وما تداولته أوساط مطلعة، فقد حمّل المسؤولية الأكبر في مجزرة العملة على كاهل قرفول، حين لم يمتلك الجرأة والمسؤولية لياخذ إجراءً تقنياً يكبح ارتفاع الدولار، كما أنه كان يرفض المقترحات المفيدة التي كانت تطرح لتقوية الليرة وتعزيز قدرتها أمام الدولار، بحجة أنها مقترحات غير صحيحة.
وهنا ننوه أن مقتل صاحب القرار هو في صم آذانه عن مقترحات الآخرين، فالتفرد بالرأي مرفوض، وهذا ما أشار له الرئيس في عدة لقاءات مع المسؤولين، ولكن بعضهم على ما يبدو.. لا يسمع!
نحن على اطلاع على بعض تلك المقترحات والتي كانت قد أوقفت أو ساهمت في إيقاف التلاعب بالعملة، ودعمت رصيد القطع في المركزي من العملات.
الخلاصة، تم توصيف قرفول أنه لم يمتلك حتى فكر المبادرة، ولم يمتلك تقنية التفكير الصحيح في مجاله المالي والمصرفي.. وإلا لما حدث هذا الانهيار الكارثي في عام واحد.
ونتوقف في المنشور عند اتهام خطير، ينم عن فساد واضح، أو استهتار، أو عدم فهم!.. وفي الحالات الثلاث فالأمر كارثي، إذ يقول أن قرفول سمح لتجار كبار -ستتم محاسبتهم حسب المنشور- بأن يأخذوا قروض كبيرة تصل إلى 500 مليون أو مليار ليرة، دون أن يستثمروها في أعمال صناعية أو تجارية، ليقوموا بتسديد هذه القروض بقيمة أقل من قيمتها الفعلية بعد عدة اشهر وبعد أن يكون الدولار قد ارتفع وانخفضت قيمة الليرة.
وإن كانت هذه الوقائع صحيحة، فقد ساهم قرفول مع سبق الإصرار والترصد في الإتجار بالسوق السوداء، وفي تحويل كتل نقدية سورية هائلة إلى بحر المضاربة !
والسؤال هنا: لماذا لم يكلف حازم قرفول نفسه بتتبع أين تذهب هذه القروض؟، هل كانت تذهب للغاية التي سحبت من أجلها ام كانت تذهب للمتاجرة بالدولار وبسعر الصرف؟.
وختم المنشور بأن المشكلة كانت تكمن في ضعف شخص قرفول نفسه كحاكم المصرف، إذ أنه كان دائماً ما يتمسك بفكرة أنه من الصعب مواجهة الدولار!!، حتى تم إقصائه عملياً خلال الأسابيع الأخيرة وتشكلت لجنة برئاسة نائبه وأعضاء من مجلس النقد والتسليف وخبراء ماليين، قدموا مجموعة من المقترحات، نتج عنها تخفيض سعر الدولار خلال الاسابيع الماضية في السوق السوداء من 4800 الى 3100 ليرة الآن.
وبما أننا رأينا النتيجة فعلاً في السوق، فهذا يتفق مع ما ورد في المنشور حول إجراءات الدولة المستمرة في مواجهة الحرب المالية، ونتمنى بعد هذه الخطوة -التي تقبلها الشارع السوري بالرضا- أن يستمر تراجع الدولار امام الليرة السورية، وأن تسترجع ونسترجع معها مكانتنا.