بشار نجاري- سويسرا
لم يكن ولن يكون ربيعا أنها أكبر خدعة مخابراتية في التاريخ ؟ كنت اعرف منذ البداية انه سوف يكون حمام دم فلقد كانت كل المؤشرات تذهب في هذا الاتجاه ! . فالعالم يتغير من حولنا والدول والقوى الاقتصادية تتموقع... خارطة العالم ترسم من جديد، ترسمها قوى الغرب الاستعماري حسب مصالحها والتي أخذت تنتشر بقوه فيما عرف بمرحلة العولمة ، أوروبا الشرقية وحلف وارسو يمحى عن الخريطة السياسية ويعدم تشاوشيسكو وزوجته بدم بارد وكانت عملية الإعدام رسالة الى كل من يريد ان يقف في وجه التيار القادم من الغرب تيار سيطرة رأس المال والإعلام...نعم العالم يتغير والقوى الدولية تتموقع ضمن لعبة جديده سيكون العرب اكبر الخاسرين بها و يوغسلافيا تضرب وبقوه و تدمر وتقسم، وبعدها العراق تأتي اليه جحافل الغزاة تحت مسميات مختلف ؟ الأسلحة الكيماوية، الصواريخ البعيدة المدى، إسقاط النظام الديكتاتوري ، تحرير الكويت، وتحرير الأسرى الكويتيين في العراق، ويدمر العراق ويعدم رئيسه بتمثيلية قذره كأنما الصراع هو صراع  بين سني وشيعي لعبة  قذره هدفها إشعال نار حرب طائفية... مئات الآلاف من القتلى ومئات الآلاف من المشردين ومن  الجرحى، ويرقص بعض  الخونة والسفلة ممن كانوا محسوبين على التيار الشيوعي والتيار الاسلامي من أهل بلاد الرافدين فرحاً لقدوم الغازي الجديد العم سام الوكيل المعتمد للصهيونية العالمية ؟؟
وتنتهي الحرب ولكن المأساة لم تنتهي بعد وتظهر الحقيقة وهي ان كل التهم التي وجهت للعراق كانت تهم باطله فالهدف كان إسقاط هذا الوطن وإسقاط  هذه القوة الإقليمية المميزة  والتي كانت الأفضل والأقوى بين دول الشرق الأوسط وللأسف فلقد شارك الجميع بهذه المأساة بالترغيب او بالترهيب، ولقد خفت على مستقبل أمتي وقلت يومها عبارتي التي يرددها اليوم الكثير من بعدي وهي (قتلت يوم قتل الثور الأبيض ) فالدور قادم على الجميع ولم تعي القوى والدول الإقليمية البعد الحقيقي لما حدث في العراق، فقد كان الكل يظن انه معصوم عن هذه المأساة رغم أن القذافي رحمه الله ورغم كل جنونه إلا أنه كان قد حذر مما سيحصل في احدى اجتماعات (جامعة الرذالة العربية) ، وجاء ربيع بني اسرائيل الذي سيكتبه التاريخ مليء بالقتل والدمار وتحطيم القيم وزرع  الفتنة والشقاق ، انه ربيع المال القذر والإعلام الاقذر انه ربيع الخيانة والتجسس وشراء الذمم....لقد جاء زمن الحثالة والسفلة والأغبياء انهم الان نجوم المحطات الفضائية وزوار فنادق الخمسة نجوم انهم أبناء الرذيلة والخيانة وتجار الشرف والكرامة والسلاح ولكن بعباءة الربيع العربي والحرية، وما أوسخ  هؤلاء القوادين الذين يمارسون كل تخلفهم وحقدهم الطائفي و جشعهم المادي تحت غطاء الحرية وشعارات الاسلام والذي هو منهم بريء  !! يقولون بأن المؤمن لا يلدغ من جحره مرتين ؟! اما نحن العرب فنلدغ من جحورنا عشرات المرات فهل نحن مؤمنين ؟ فها هو نفس السيناريو يعودون به أسلحة الدمار الشامل والسلاح الكيماوي وحقوق الانسان والديمقراطية المستوردة مع الكوكا كولا وعلب سجائر المالبورو وأفلام الدعارة  والجينز والشعب يريد إسقاط النظام .... وقصص الف ليله وليله المفبركة في استوديوهات الغرب الصهيوامريكيه والانكلوسكسونيه ، وحدها سورية عرفت اللعبة القذرة ودخلت بها مجبرة وبتحد  وعلى ارض العراق كانت سوريا وحدها تصارع الامريكي بعناد وبعد قومي عروبي ، هو قدر السوري ان يكون صوت الحق وسيف العرب المرفوع فلقد تعلمنا من أمريكا اي على مبدأ اعرف عدوك ومن قصص وروايات توم وجيري وأفلام هوليوود و رامبو اننا يمكن ان نعمل الكثير والأمور لا تقاس بحجم الأوطان وإنما (على قدر أهل العزم تأتي العزائم ) وشعب سوريا شعب عزة وكرامه، فكانت سوريا سند قوي للمقاومة العراقية حتى اخر جندي أمريكي  خرج مهزوم ومدحور من ارض العراق كما وقفت سورية بشعبها وقيادتها مع المقاومة على ارض فلسطين وفي الجنوب اللبناني وهزم العدو على كل هذه الجبهات وكانت المقاومة تربح كل يوم جمهور اكبر واكبر .... حتى اصبح الرئيس الاسد والسيد حسن نصرالله يمثلان نبض الشارع العربي والإسلامي في عام الانتصار الكبير عام 2006 وكانت سوريا في صراعها الخفي هذا مع اسرائيل وحلفائها البريطانيين والأمريكان تلعب لعبتها الخطرة على حافة الهاوية والسوريون يجيدون اللعب على حافة الهاوية فهم تجار العالم الأوائل وفرسانه  وهم صناع السياسة والتاريخ .
لهذه الأسباب كلها ولان سورية هي البلد الوحيد في العالم العربي الذي يدخله كل عربي بدون تأشيرة دخول وقتما يريد ولأنها البلد الوحيد الذي يحق فيه للفلسطيني ما يحق للسوري فلا فرق بين عربي وسوري على الارض السورية ولأنها البلد المقاوم والذي يعتز بانتمائه العربي رغم عصر الذل والهوان هذا... ولان سوريا هي الوطن الذي لبى النداء يوم ضربت اسرائيل ارض وشعب لبنان بكل حقد واجرام  وقال رئيسها كلمته المعروفة وهي يا أشباه الرجال لماذا لا تكونوا رجالا ؟لهذه الأسباب فأن الغرب المتصهين قد أخذ قراره النهائي والسري ضد سوريا وشعبها بأن عليها ان تدفع الثمن غاليا ثمن الانتماء الذي تتفاخر وتتباهى به  فمن يتحدى اللوبي الأنكلوسكسوني والمدعوم والمتحالف مع اللوبي الصهيوني يجب ان يحطم وان يعهر وان يذل فالعراق ليس اخر العنقود بل هو البداية لكل من يريد ان يرفع رأسه عاليا ...ولكن بقي السؤال الكبير كيف ؟
ولقد حاول الغرب ضرب سوريا او اختراقها منذ بدايات القرن الحادي والعشرين فتدخل وبشكل سافر فيما عرف بربيع دمشق لإحباط أية عملية تغيير سلس وديمقراطي، كما اجبر السوريين اولا على إقامة علاقات تبادل دبلوماسي مع لبنان وهذا كان حلم الفرنسيين والانكليز منذ الأيام الاولى لاتفاقيات سايكس بيكو القذرة وثانيا اجبر الغرب السوريين على سحب جيشهم من لبنان بعد جريمة اغتيال الحريري  والتي كان هو المخطط والمنفذ لها والتي صنع منها مسمار جحا وقميص عثمان ومع ذلك سقط المسمار واحترق القميص وبقيت سوريا تتابع مسيرتها، تحولات بطيئة وحذره في الداخل السوري ولكنها نحو الأفضل فالسوريون يعرفون انهم يسيرون في حقول ألغام مخفيه ومخيفة ....ولكن الغرب الاستعماري لا ينام ولا يهدأ قبل ان يحقق غاياته وأهدافه ، هم يملكون المال والمعرفة وعلم النفس والاقتصاد والمجتمع والاهم من هذا كله انهم يملكون محطات الاعلام المستعربة والتي  يؤمنون بأن لها قوة خارقة قادره على اختراق المجتمعات وتغييرها وتدميرها ، فالأعلام قادر على صناعة احزاب جديده وديانات وقيم ومفاهيم جديده... كما ان الاعلام قادر وفي فترات قصيره على تدمير مفاهيم وقيم ومبادئ عظيمه عاشت عليها الشعوب لحقب طويله، وما يحدث اليوم في عالمنا العربي يدخل ضمن هذا المخطط الجهنمي !؟ وأخطر ما في هذا المخطط ان هناك شريحة كبيره من مجتمعاتنا يعشش الغباء والتخلف والحقد في عقولها مما يجعلها عقيمة الفكر والتفكير  وهذا ما يساعد أعداء الامه في الوصول الى أهدافهم بيسر وخسائر قليله .
لقد تفتق العقل الصهيوامريكي والمدعوم ماليا وإعلاميا بنظرية صناعة الثورات والربيع العربي اي العودة الى سيناريو الثورة العربية الكبرى ومؤامرة سايكس بيكو الشهيرة والتي لازلنا لغاية يومنا هذا ندفع ثمن تداعياتها الخطيرة والتي تمثلت بتمزيق الامه وإقامة دولة بني صهيون، ان كل هذا التخطيط كان هدفه الرئيسي هو للدخول وكتحصيل حاصل الى القلب السوري ، ذلك القلب المقاوم والعصي على الأعداء ، فاختيرت تونس لتنطلق منها الفتنة الكبرى لأنها الدولة الأضعف في الجسد العربي وهي مخترقه وبشكل كبير من المخابرات الفرنسية والتي كان لها دور كبير في إشعال الثورة والعصيان هناك بمساعدة مستشارها الصهيوني الفرنسي المعروف برنارد ليڤي؟ ولكي تظهر الأمور بعد ذلك وكأنها تحصيل حاصل فالثورة انطلقت من هناك وهي ستحرق كل من يقف في طريقها؟ وهرب زين العابدين او كما أحب أن اسميه زين الهاربين  هرب يومها بتمثيلية مضحكة من تونس وفر الى حيث الأمان والنجاة بالنفس وكأنما هو يريد ان يرسل رسالة الى كل  الحكام العرب المستهدفين من قبل أعداء الامه  ان انجوا بأنفسكم وأموالكم واتركوا أوطانكم  للطوفان فالموج هائل ولا قدرة  لكم على المواجهة !؟ كما ان تمثيلية زين الهاربين كانت عباره عن رسالة الى الغوغائيين من العربان ان انتفضوا لان أنظمتكم هي أنظمة مصنوعة من الورق المقوى وستنهار بالكامل عند اول عاصفه وأن أسرعكم في القفز فوق القانون والتعدي على سيادة الوطن سيكون أسرعكم في الوصول الى كرسي الحكم وهنا كانت المصيبة الكبرى  فلقد ًهجم الرعاع من كل حد وصوب للنيل من هذا الوطن الرائع
وقتها كنت في دمشق ...وخفت على وطني كثيرا ...وقلت حينها ان اللوبي الصهيوامريكي قد وجد الطريق الى قلب دمشق ولكن هذه المرة بغطاء اخر...انه قادم بعباءة عربية إسلامية ثورجيه ولكن  هدفه الحقيقي هو القضاء على هذه العوامل الثلاث العروبة، الاسلام ، ومفهوم الثورة  في العالم العربي ثم وبعد ذلك سيكون الاحتفال الكبير في القضاء على سوريا الدولة والوطن والتاريخ لتبدأ حقبة جديده في المنطقة العربية ستعرف بحقبة سايكس بيكو الثانية والتي ستكون اشد قسوة ودمار من الحقبة الاولى ! فلقد أشعلت اجهزة المخابرات الغريبة الفتنه في تونس وذلك بنية تصدير تلك الفتنة الى الدول الاخرى وبالأخص الى سوريا ...لقد غامر الغرب الاستعماري بالتخلي عن عملاءه المحليين الصغار من أمثال زين الهاربين المدلل ومبارك حامي اتفاقيات كامب ديفيد والذين يمكن استبدالهم بسهوله وذلك كله بهدف النيل من سوريا والوصول اليها  ومن ثم الدخول الى عرين الاسد مركز المقاومة والتحدي في العالم العربي وهو الهدف الاساسي من كل هذا السيناريو الطويل والمعقد !
وللأسف انه ومع بداية الازمه هذه في العالم العربي أي قبل حوالي الأربع  أعوام وعندما كنت حينها في دمشق كان لدي شعور قوي ان القيادة السورية ورغم حنكتها في العمل السياسي الا انها  لم تكن تعي حجم المؤامرة الضخمة التي كانت تحاك  ضدها ولا حجم  العمل المخابراتي السري الذي كان ينساب كالمياه القذرة في أزقة وشوارع ومؤسسات وطننا الغالي وهذا كان واضحا في بطئ التعامل مع هذه المصيبة القادمة من جهة ومن جهة ثانيه بعدم ردعها وبقوه ومنذ البداية وخاصة في قضية التعامل مع المجرمين والخارجين عن القانون واللذين حملوا السلاح ومنذ اللحظات الاولى ضد أبناء وطنهم وبدعم كامل ومن جهات اجنبيه أصبحت معروفة اليوم للجميع !؟ هذا البطء في التعامل مع هذه الفئه جعلها تستشرس أكثر وتتمادى في خياناتها حتى وصلت درجة الوقاحة والرذيلة لديها ان طلبت من إعداء الامه التاريخيين ان يدمروا سوريا وان يستبيحوا ارضها وسمائها باسم شعارات النفاق التي كانوا يرددونها كالببغاوات ؟
نعم غادرت سوريا في نهايات آذار من عام 2011 وانا حزين جداً وخائف من المجهول القادم ؟ الا ان الشيء الوحيد والأساسي والذي كان يزرع السكينة في نفسي هو ان هذا المشروع القذر او لنقل المؤامرة القذرة ورغم حجم الخيانات وحجم الجنون والتخلف والقذارة والغدر  الذي كان يرافقها كنت والأزلت على ثقة كامله بأنها ذاهبة الى فشل  حتمي وهذه الثقة وليدة شعور داخلي ناتج عن قراءة منطقية وعقلانية  لتاريخ الصراع في منطقتنا والذي يدور حول بلاد الشام وعاصمتها التاريخية دمشق منذ اكثر من خمسين عام ؟ كم من المصائب ومن المكائد ومن الفتن اندلعت على ارضنا الطيبه وكم من الأموال صرفت على الرذيلة والخيانة ....كم ؟ ولكن اندحر الجميع وسوريا لاتزال مرفوعة الجبين بأذن الله تعالى و بفضله اولا وبفضل شعبها الصامد العظيم وجيشها المغوار الذي فاجئ القريب قبل الغريب ببراعته في التعامل مع جميع انواع الخيانات والجنون وفي التعامل مع كل الجبهات ؟
ليحمي الله سوريتنا الحبيبة وعاشت فلسطين حرة ابيه ....لأنه ورغم كل الجراح تبقى فلسطين هي البوصلة ...فمن يذهب للتداوي في مشافي بني صهيون بينما سلاحه مرفوع في وجه أهله وبلده لا يمكن ان يكون رجلا وطنيا ولا توجد قوة منطقية على وجه الارض تستطيع ان تفتي وتبرر له أعماله القذرة ، فالخيانة هي الخيانة ولا يمكن ان تكون الخيانة أبدا وجهة نظر مهما أفتى لها أمراء العهر ومشايخ الفتنة والرذيلة من فتاوي .
العزة والمجد والكرامة لسوريا وشعبها وجيشها العظيم  ومنتصرون بأذن الله تعالى  .
وأن ينصركم الله فلا غالب لكم.