دمشق - سيريانديز
يعدّ التهرب الضريبي مشكلة، وهي موجودة في جميع دول العالم، ولكنه يتفاوت من دولة إلى أخرى، أما في سورية وعلى حد قول علي عكر مدير التشريع الضريبي في الهيئة العامة للضرائب والرسوم ليس بالحجم الكبير نسبياً، إلا أنه يؤثر سلباً على موارد الدولة وعلى الأداء الاقتصادي.
ومن صور التهرب الضريبي التي يلجأ إليها المكلفون في سورية بحسب تأكيد مدير التشريع الضريبي، إخفاء بيانات بعض السلع المستوردة أو المنتجة أو المبيعات عن طريق تقدير قيمة هذه السلع بقيم أقل من قيمتها الحقيقية، أو تقديم فواتير مغايرة للواقع أو عدم إظهارها نهائياً وعدم الإفصاح عنها للدوائر المالية ، أو تقديم بيانات غير صحيحة أو غير كاملة أو إخفاء قسم كبير منها، وقد يعمل المكلف في الظل من دون معرفة الدوائر المالية والجهات الأخرى المعنية.
وتختلف أسباب التهرب الضريبي كما يقول عكر، منها أسباب أخلاقية تتمثل بضعف الوعي الضريبي للمكلف، إذ يعتقد بأنه يدفع للدولة أكثر مما يأخذ منها، أو عدم شعوره بما تقدمه الدولة له من خدمات، يضاف إلى ذلك عدم وجود العدالة بين المكلفين والتوسع في تفسير الاستثناءات، إلى جانب أن القدرة المالية والحالة الاقتصادية للمكلف تلعب دوراً مهماً في قوة الباعث النفسي لتهربه من الضريبة، فهو يتهرب أكثر عندما يكون في حالة مالية صعبة.
ويتابع مدير التشريع الضريبي قائلاً: من الأسباب أيضاً أسباب تشريعية، إذ يعتقد المكلف أن القانون الضريبي رغم أنه عام ولكنه لا يحقق توازناً بين المكلف والدوائر المالية، لأن علاقة المكلف بالدوائر المالية علاقة الضعيف بالقوي، كذلك هناك أسباب اقتصادية تتعلق بالمكلف وتلعب دوراً كبيراً في تهربه الضريبي، فيزيد ميل المكلف للتهرب من الضريبة كلما زاد عبء الضريبة الملقى عليه.
أما بالنسبة لنتائج التهرب الضريبي، فيؤكد عكر أنه يؤدي إلى الإضرار بالخزينة العامة للدولة وتالياً انخفاض حصيلة الضرائب وينعكس سلباً أيضاً على قيام الدولة بوظائفها المختلفة، كذلك زيادة الأعباء على المكلفين الملتزمين تجاه الدوائر المالية أو عدم العدالة الضريبية قد يدفع هذه الفئة للتهرب أيضاً بسبب شعورهم بالغبن، كما يخل التهرب الضريبي بشروط المنافسة بين المشروعات الاقتصادية على حساب المشروعات الأكثر فائدة بالنسبة للدولة.
ويؤكد عكر أن وزارة المالية وهيئة الضرائب والرسوم تعمل على مكافحة التهرب الضريبي بما يتناسب مع النظام الضريبي المتبع في سورية، غير أن مكافحته تعتمد أساساً على منع وقوعه ومعاقبة مرتكبيه، مضيفاً أن وزارة المالية بدأت تعتمد إجراءات لمكافحة التهرب، منها تبسيط النظام الضريبي وتوضيح النصوص القانونية الخاصة بالضرائب واقتطاع الضريبة من المنبع، إضافة إلى تعديل الشرائح والمعدلات الضريبية ومنح المزايا والإعفاءات وتبسيط الإجراءات وتسهيل الحصول على براءة ذمة.
يضاف إلى ذلك أيضاً، العمل على زيادة كفاءة الإدارة الضريبية حتى تتمكن من الرقابة على نتائج أعمال المكلفين بصورة أكثر فعالية، والأمر المهم أيضاً والحديث لمدير التشريع الضريبي هو إشراك جمعية المحاسبين القانونيين، وغرف التجارة والصناعة والسياحة والجهات المعنية الأخرى في أي تعديل ضريبي يطرأ على قانون الضريبة على الدخل وتفهمهم مدى دورهم في أداء المكلفين، وسعيهم في إنماء الوعي الضريبي ونشره ونشر الثقافة المتبادلة بينهم وبين المكلفين والدوائر المالية أيضاً.
ومن الإجراءات أيضاً، حث المكلف وتنمية شعوره بأنه يؤدي واجباً وطنياً عندما يدفع الضريبة، لأن وعيه الضريبي من شأنه أن يخفف من وطأة التهرب، خاصة عندما يشعر المكلف أن الأموال المحصلة من الضرائب ستسهم في دعم وتمويل نفقات الدولة في جميع القطاعات كالصحة والتعليم والخدمات الأخرى، ورفع مستوى البنى التحتية وتطويرها وتنشيط السياسات الاقتصادية بما ينعكس إيجاباً على دخل الفرد ودعم برامج الضمان الاجتماعي والتأمين وتوفير فرص عمل جديدة.
ومن الإجراءات المهمة أيضاً إعادة النظر بالعقوبات النافذة على المتهربين من الضريبة مع التأكيد على أن التهرب الضريبي يعني اعتداءً على حقوق أفراد المجتمع كافة، كما أن وزارة المالية بدأ في سبيل مكافحة التهرب بالإعداد لقانون الضريبة الموحدة على الدخل ليتناول جميع الدخول التي يحصل عليها المكلف، والاستمرار أيضاً بالتحضير والإعداد لنظام الفوترة من خلال نص تشريعي يلزم المكلفين بتداول الفاتورة، إضافة إلى أن مكافحة التهرب تتطلب تضافر جهود جميع الوزارات والجهات العامة التي تستطيع أن تقدم معلومات عن المكلفين وتوريدها للدوائر المالية ما يسهل على الدوائر عملها ويخفف من التهرب الضريبي.