دمشق- سيريانديز
عندما نقول: ان إنتاجنا من الحمضيات تفوق كمياته 1,2 مليون طن سنوياً, هذا يعني أن رقماً كبيراً يستحق الاهتمام والتفكير فيه بشكل جدي
ولاسيما أن نصف الرقم المذكور لا بل أكثر فائض عن حاجة السوق المحلية, وهذا الفائض شكل معضلة حقيقية أمام الحكومات المتعاقبة منذ سنوات مضت ولاسيما أن الإنتاج في زيادة مستمرة بدأت بنصف مليون طن مع نهاية عقد التسعينيات ووصوله إلى المليون طن خلال سنوات ما قبل الأزمة وحالياً وصلت كميات الإنتاج إلى الرقم المذكور سابقاً.
ولكن السؤال المطروح: ما إجراءات الحكومات السابقة لحل هذه المعضلة وما الخيارات التي كانت مطروحة ولم يحالفها الحظ بالولادة والخروج للعلن..؟
كثيرة هي المقترحات والحلول ولكن من دون جدوى أمام زيادة الكميات.!
أما الآن فأمام الحكومة خياران مهمان لمعالجة هذا الفائض وضعتهما وزارة الصناعة ولجنة القرار رقم 664 تاريخ 10/5/2015 بالاتفاق مع وزارة الزراعة وهيئة التخطيط و التعاون الدولي لاختيار الأنسب ولاسيما أن الخيارين المذكورين اعتمدا خلال الاجتماع الذي عقد مؤخراً لمناقشة توصية المجلس الأعلى للتخطيط المتضمنة إعادة دراسة الجدوى الاقتصادية لمعمل العصائر من قبل وزارة الصناعة والذي سيقام في المنطقة الساحلية.
الخيار الأول: على أساس طاقة تصنيعية مقدارها50 ألف طن من الحمضيات مع تنويع المنتجات بـ 200 طن مكثفات استوائية (مانغا- أناناس) حيث تم إعداد الدراسة وفقاً لتلبية حاجة معامل القطاع الخاص والسوق المحلية والتي قدرت ما بين 95-110 آلاف طن بعد أن تم استبعاد 20% من الكميات ذات النوع القشري (يوسفي- كرمنتينا) التي تحتاج تكنولوجيا خاصة، وفي هذه الحالة تكفي مساحة الشركة العامة للأخشاب لإقامة المشروع وإنتاج كمية من العصائر تلبي حاجة السوق الداخلية.
وبالعودة للتكاليف الاستثمارية فقد بينت الدراسة أن رأس المال الثابت تقدر قيمته بـ 4318 مليون ليرة ورأس المال العامل 1023 مليون ليرة وتالياً يكون إجمالي التكاليف الاستثمارية بحدود 5341 مليون ليرة وعدد العمال المطلوبين لتشغيل المعمل 162 عاملاً من جميع الاختصاصات.
وأوضحت الدراسة خلال المؤشرات الاقتصادية أن استرداد رأس المال يحتاج 3,98 سنوات وفي حال تمت زيادة التكاليف الاستثمارية تصبح 4,26 سنوات وفي حال زيادة التكاليف التشغيلية تحتاج لحوالي 4,7 سنوات أما في حال نقصت الإيرادات فإن فترة الاسترداد تحتاج 7,7 سنوات.
الخيار الثاني:على أساس طاقة تصنيعية 200 ألف طن من الحمضيات مع تنويع المنتجات بـ 200 طن مكثفات استوائية (مانغا- أناناس) حيث تم التركيز على إنتاج المكثفات المعبأة في براميل اسبتك لضغط المساحات, إذ قدرت المساحة اللازمة لإقامة المعمل بـ 80,5 دونماً على حساب المستودعات والمرافق والطرقات اللازمة لحركة السيارات, علماً بأن المساحة اللازمة يجب ألا تقل عن 150 دونماً, إضافة لوجود فائض عن السوق المحلية من المنتجات بما يقارب 60% من إجمالي الإنتاج للسوق التجارية.
وهنا التكاليف الاستثمارية تصبح وفق مؤشرات الدراسة: المبلغ الإجمالي لرأس المال الثابت يقدر بنحو 6949 مليون ليرة، ورأس المال العامل 2715 مليون ليرة، في حين قدرت قيمة التكاليف الاستثمارية بحدود 9661 مليون ليرة وعدد العمالة المشغلة حوالي 232 عاملاً.
أما فيما يتعلق بفترة الاسترداد فيمكننا القول: إنها تحتاج حوالي 3,76 سنوات، وفي حال تمت زيادة التكاليف الاستثمارية تصبح المؤشرات 3,05 سنوات، أيضاً في حال زيادة التكاليف التشغيلية فتصبح 4,5 سنوات، وفي حال نقصت الإيرادات فإنها تحتاج 8,63 سنوات. من خلال مقارنة المؤشرات الاقتصادية لكلا الخيارين يتبين مايلي:
1- لم يطرأ عليها تحسن ملموس بزيادة الطاقة من 50 ألف طن إلى 200 ألف طن ولاسيما ما يتعلق بتحليل الحساسية، حيث بيّنت أن المشروع في كلتا الحالتين حساس تجاه زيادة التكاليف التشغيلية وانخفاض الإيرادات بنسبة 10%.
2- إن مساحة الشركة العامة للأخشاب المقترحة لإقامة المشروع لا تفي بالغرض، حيث إن كمية الـ200 ألف طن سيكون لها منعكس على البنية التحتية (زيادة المساحة لاستيعاب الزيادة في الإنتاج، مستودعات، خطوط إنتاجية...إلخ).
3- إن تأمين مكان جديد لإقامة المعمل سيؤدي إلى زيادة التكاليف الاستثمارية للمشروع (قيمة أراض، إنشاء مبان، تأمين البنية التحتية للمشروع ولاسيما المياه...).
4- بيّنت الدراسة التسويقية أن المنتجات الناجمة عن عصر كمية الـ200 ألف طن تفيض عن حاجة السوق المحلية، وهذا يتطلب البحث عن أسواق خارجية لتصديرها، الأمر الذي يشكّل عبئاً إضافياً على المشروع في ظل الظروف الحالية نتيجة حساسية المنتج وفترة صلاحيته المحدودة.
أولاً: فيما يتعلق بإضافة خط جديد لإنتاج الألبان والأجبان فهذا غير ممكن لكون المواد الأولية اللازمة لهذه الصناعة ذات حساسية خاصة وعرضة للتلوث الميكروبي، وأي انبعاثات غازية أو تلوثات قد تؤدي إلى رفع أحمال التلوث الميكروبي، وتالياً التخمر السريع الذي يؤدي إلى فسادها وإتلافها وخسارتها، وباعتبار أن معمل العصائر يتضمن خطاً لتجفيف الأعلاف فيخشى من أن يكون له منعكس سلبي على هذه الصناعة.
ثانياً: وبخصوص إضافة خط لإنتاج الكونسروة فإن ذلك يتطلب إقامة خطوط متعددة لكل نوع من الحاصلات الزراعية تبدأ من استقبال المادة الأولية وتنتهي بالتعبئة، الأمر الذي يحتاج مساحات كبيرة نسبياً يقدّر حدّها الأدنى بـ35 دونماً لاستيعاب أنشطته وحركة مدخلات ومخرجات المعمل، إضافة للمرافق المساعدة، وهذا غير متاح في الشركة العامة للأخشاب.
ثالثاً: بالنسبة لإضافة خط لتصنيع التفاح فإن رفد هذا المشروع بخط مستقل لتصنيع التفاح سيزيد من التكاليف الاستثمارية باعتبار أنه يحتاج تكنولوجيا تصنيع تختلف عن تكنولوجيا تصنيع الحمضيات لسرعة تحوله إلى الاسمرار وإن موسم التفاح يقارب 75 يوماً، وتالياً فإن العائدية الاقتصادية لاستثمار خط لمنتج موسمه 75 يوماً يعد غير مجدٍ اقتصادياً.
مما تقدم فإن إضافة خطوط إنتاجية ذات تكنولوجيا مختلفة لمعمل العصائر ستنعكس سلباً على المشروع للأسباب الآتية:
- يعدّ كل من مشروع الألبان (حليب، لبن، جبنة متنوعة) ومشروع الكونسروة «مربيات، بندورة، بازلاء» مشروعاً مستقلاً في حد ذاته تماماً ولا وجود لأي عوامل فنية أو تكنولوجية مشتركة فيما بينهما.
- لكل مادة أولية «حليب، فواكه، خضراوات» تكنولوجيا خاصة لمعالجتها «استقبال تحضير، تصنيع، تخزين».
- تنوع المنتجات ضمن المعمل الواحد يعني ضرورة وجود عدة خطوط إنتاج فيه وكل خط يتمتع بخصوصية تقنية يحتاج دراسة فنية مستقلة.
- جميع هذه المنتجات سلع غذائية غاية في الحساسية ولا يمكن استخدام تجهيزات الخطوط نفسها للإنتاج المتنوع.
- محاولة إيجاد أي تداخل في النواحي التقنية والتكنولوجية تسبب تعقيدات وإرباك في العملية الإنتاجية وصعوبة التطبيق أو الوصول للمواصفات والمعايير القياسية المطلوبة.
- عملية دمج هذه المنتجات المتباينة يمكن أن تشكل خطورة على السلامة الغذائية للمنتجات.
- تعدد خطوط الإنتاج يعني الاكتظاظ بالآلات والتجهيزات وتجاوز تطبيق شروط الأمن والسلامة المهنية «الأمن الصناعي».
- في حال إضافة هذه الخطوط يعني إقامة مجمع صناعي يحتاج مقومات عدة معامل متباعدة فيما بينها وضمن مساحة لا تقل عن 150دونماً.
مما تقدم فإن اللجنة ترى أن يبقى المشروع بطاقة 50 ألف طن حمضيات مع تنويع المنتجات بـ/200/ طن مكثفات استوائية بما يتناسب مع مساحة الشركة العامة للأخشاب المزمع إقامة المشروع فيها، وأن يقتصر على عصائر الحمضيات من دون إضافة خطوط أخرى.
ولنجاح المشروع وتحقيق الريعية الاقتصادية منه لابد من:
1- وجود تشاركية مع الجهات ذات الصلة بمدخلات ومخرجات المشروع وهي «وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي، وزارة الصناعة، الاتحاد العام للفلاحين، مؤسسة الخزن والتسويق..».
2- نشر الأصناف العصيرية وتوعية المزارعين للقطاف وقت النضج لما له كبير الأثر في المردود كماً ونوعاً.
3- التأكيد على الاتحاد العام للفلاحين لتحديد آلية لنقل المحصول إلى المعمل من خلال مراكز التجميع.
4- التأكيد على مؤسسة الخزن والتسويق للتنسيق مع الاتحاد العام للفلاحين لتحديد آلية لتأمين المادة الأولية للمعمل باعتبار أنه يوجد مشغل واحد للقطاع العام والبقية تتبع للقطاع الخاص وإيجاد آلية لتحديد الأسعار المجدية اقتصادياً.
5- وقف استيراد العصائر والمكثفات باعتبار أن منتجات هذا المشروع ستلبي حاجة المعامل القائمة من المكثفات الطبيعية.
وتعد دراسة الجدوى الاقتصادية دراسة أولية، وينبغي إعادة دراسة الجدوى الاقتصادية في ضوء العروض «الفنية والمالية» التي سيتم التثبيت بموجبها حيث سيتم استخراج مؤشرات اقتصادية جديدة في ضوء تلك العروض ويتم إقرار ما يلزم حيالها.