سيريانديزـ مكتب اللاذقية- رشا ريّا
لأنهم أطفال لا ذنب لهم بتربيتهم, بيئتهم, ولا حق لهم باختيارها, لأنهم الإنسان, الروح, والعقل الذي يجب توعيته, خُلِق مشروع "فاصلة", التثقيفي, الحرفي, الموجه لشريحة خاصة بمركز الأحداث في اللاذقية, أملاً أن تكون هذه المرحلة المفصلية بحياة الأحداث فاصلة يستكملون بعدها حياتهم, ويستأنفون آمالهم بإمكانية بدء حياة جديدة وليست نقطة يقفون بعدها.
وكعادتها جمعية مكتبة الأطفال العمومية في عصر الفضائيات والإنترنت استطاعت خلق التميز, بحرف ،كلمة، كتاب، مهنة، صناعة، وابتسامة رضا.
المهندسة وصال يونس (المشرفة على المبادرة) أوضحت لسيريانديز: "لقد قمنا بزيارتين تحضيريتين لمركز الأحداث وقررنا الفكرة اللوجستية لخطة العمل, خاصةً أن ميول الأطفال مختلفة ويستحيل جمعها بهواية واحدة, لذلك كان البرنامج متنوع, يتضمن التثقيفي, الترفيهي, مهارات الحياة, ألعاب فكرية ذهنية بإشراف مختصين, إضافة الى مهارات التواصل والتفكير الإيجابي".
تتابع يونس بشيء من الحماس: "كل أسبوع لديهم رسم بأدوات مختلفة, إضافة إلى المطالعة التي واجهنا بها عوائق كثيرة خاصةً أن 80% من الأحداث لا يعرفون القراءة, لذلك حاولنا جذب من يقرأ ولكن من لا يستطيع القراءة فماذا نفعل معه؟!" سألت متعجبة, مستنكرة, ومطالبة بتفعيل مسؤولين محو الأمية في المركز خاصة أنه يوجد موظف محو أمية داخل جدران المركز ومع ذلك نرى الأمية منتشرة بشكل كبير عند أغلب الأحداث, مما أعاق استكمال فكرة المطالعة.
المهندسة وصال التي ترفض أن تسمي الأحداث إلا طلابا أو أطفالا, لأنها تعد أن المجتمع, القاضي, والقانون من حاكمهم, أما هي فتراهم جزء من المجتمع يملكون حقوق وواجبات, إحداها حقهم عليها بمعاملتهم وإعطائهم كبشر وليس كمجرمين, ولإيمانها أن المجتمع ليس فقط أطباء, ومهندسين, اتخذت فكرة تعليمهم حرفة يستفيدون منها فيما بعد, لذلك تم تخصيص أول شهرين بالمرحلة الأولى لتعليمهم الحلاقة الرجالية, إضافة لحلق شعر الأطفال كل أسبوع، وذلك بتطوع ومساعدة كبيرة من مركز إيكارد بإدارة السيد حسن الحاج حسن, إلا أنهم وبعد انتهاء المرحلة الأولى -التي بدأت في 21 تشرين أول/ اكتوبر واستمرت لغاية 9 كانون أول/ ديسمبر- لم يملكوا سوى كلمة الشكر ليقدموها للمتطوعين, مرفقة بشهادات مشاركة, كانت أقصى ما استطاعوا تقديمه خاصةً أن المبادرة تقوم على تمويل ذاتي, مع العلم أن هنالك من يعجب بالمشروع ولكن بدون تقديم أية مساهمة فجميع المشاركات تكون نظرية من جهة, ومن أخرى من يشارك لأيام قليلة ثم ينسحب بمبرر يظن أنه مقنع كحال بلدية اللاذقية, حسب ما قالت مشرفة المبادرة: "لقد قدمت بلدية اللاذقية وسائط نقل لثمان طلعات ثم توقفوا عن ذلك بحجة أن الباص مشغول".
تكمل يونس: "إن العمل الأهلي أساسه وعصبه أفراد المجتمع فالمبادرة مجال حيوي واسع للعمل التطوعي الذي سوف يبقى أهم دعائم المجتمع المدني, ويقوم على إشراك المجتمع أفراد وتجمعات أهلية بالإنجازات المستهدفة, وهذا بذاته تعزيز للشعور الصحيح بالمواطنة".
تضيف في تأثر: "كيف أستطيع أن أكون مواطنة حقيقية إذا لم أشارك مجتمعي، وخاصة في هذه الظروف الإستثنائية للبلد".
تتابع: "بعد انتهاء المرحلة الأولى للمبادرة, خرجنا بنتائج عامة ومرضية, فالأطفال الذين كانوا لا يملكون سوى القمع من الموظفين وحراس السجن, أو الإنعزال وعدم التعامل مع أحد, استطعنا تثبيت مبادئ الحوار، والتواصل معهم خاصةً أنهم كانوا حذرين جداً بالتواصل معنا في البداية, لذلك فإن كسب ثقتهم كانت بحد ذاتها إنجاز كبير بالنسبة لنا, إضافة إلى التمكين الحرفي بكافة أنواعه, وإيصال أهمية مبدأ الإلتزام ولو كان أقل ما يمكن الموعد معنا, طبعا نحن اخترنا تقسيم المبادرة إلى مراحل بسبب تبدّل الأحداث كل شهرين, فبذلك نستطيع مواكبة التغيير وإفادة الجميع, وبالنسبة للمرحلة الثانية بدأت منذ 5 كانون الثاني/يناير وحتى الآن لا تزال مستمرة".
تعبر المهندسة وصال بجملة " ما باليد حيلة" للحديث حول وعدهم للأطفال بتقديم فرص عمل لهم حال خروجهم من السجن, بعد امتلاكهم حرف عديدة, ولكن لا يوجد من يدعم ويقدم حسب تعبيرها, فهم يحتاجون فرصة عمل واحدة ليثبتوا لهؤلاء الأطفال أن ما تعلموه يفيدهم, وهنا تبقى وعود من يؤمن بالعمل الأهلي ويساهم دائماً كمكتبة الأطفال العمومية, ومعهد إيكارد".
تعمل المهندسة وصال يونس منذ بدء الأزمة في مجال العمل الأهلي، لا لصالح جهة معينة بل بحثاً عن تقديم المساعدة فقط لمن يحتاجها، حالها كحال قسم كبير من السوريين الذين لم تتمكن الحرب من إفقادهم إنسانيتهم كما لم تنسيهم أوجاعها وضغوطها آلام الآخرين وجراحهم.