دمشق- سيريانديز
كشف رئيس الجهاز المركزي للرقابة المالية الدكتور محمد العموري أن المبالغ المكتشفة والمطلوب استردادها بالقطاعين الإداري والاقتصادي لمؤسسات الدولة وفق التقرير السنوي للعام الماضي بلغت 6 مليارات و848 مليوناً و114 ألف دولار و272 ألف يورو ، جاءت جميعها من المخالفات المحقق فيها، حيث توزعت هذه المخالفات بين عمليات اختلاس مالي وتزوير وتقصير وإهمال وإساءة استعمال السلطة ومخالفات في تطبيق الأنظمة النافذة، لا سيما المتعلق منها بأنظمة العقود والمستودعات والآليات والمركبات والأنظمة المالية والمحاسبية في القطاعين المالي والإداري والاقتصادي ومخالفة الأنظمة الداخلية لبعض الجهات العامة.
العموري عشية انعقاد المؤتمر السنوي الثاني للجهاز المركزي للرقابة المالية قال إن المؤتمر سيناقش عدد من المواضيع المتعلقة بتطوير أداء عمل الجهاز المركزي لحماية المال العام ومكافحة الفساد واستعراض خطة العمل 2015 ومراجعة تنفيذها وتقييم أداء عمل الجهاز للعام الماضي والوقوف على ما تم تنفيذه من توصيات ومقترحات للمؤتمر السنوي الاول للجهاز ومناقشة خطة عمل 2016 ومناقشة الصعوبات التي تعترض تنفيذ المهام الرقابية المناطة بالجهاز المركزي واقتراح الحلول بما يحقق الرقابة الفعالة على أجهزة الدولة لاسيما بعد صدور العديد من التشريعات والأنظمة التي تخص عمل الجهات العامة .
وأفاد العموري أن خطة عمل الجهاز التي وضعت خلال العام الماضي كانت استراتيجية لجهة تعزيز الرقابة المالية ، وهو محور أساسي سيناقش في المؤتمر الحالي، خاصة أننا وضعنا الكثير من الأسس والمعايير المفروضة للعمل .
وبالنسبة للعوائق التي اعترضت تنفيذ خطة عمل الجهاز خلال العام الماضي أشار العموري إلى أن العوائق معظمها إما ذات طبيعة مادية أو بشرية أو تتعلق بعدم توفر خبرات معينة، مبينا أنه تم طرح عنواناً عريضاً في الجهاز المركزي هو تطوير رقابة الأداء ،وهو نوع جديد من الرقابة خاص بالشأن المالي علما أنه مطبق عالميا لكن في وضعنا يحتاج إلى جملة من المعطيات من أهمها وجود الخبراء القادرين على تدريب العناصر في الجهاز «المفتشين» لممارسة هذا الدور ، أما المعطى الأهم فهو وضع معايير خاصة بتقييم الأداء تتعلق بتفاصيل فنية لكل نشاط من النشاطات الخاضعة للرقابة وتفهم الموضوع لدى الجهة الخاضعة للرقابة .
منوها إلى أن باكورة هذا النوع من الرقابة كان التقرير الخاص بعمل المصرف التجاري السوري، حيث ساعد في ذلك وجود خبرات في القطاع المصرفي لمثل هكذا رقابة، وقد واكبنا تطبيق تلك العملية خلال عام كامل ونشر تفاصيله في التقرير السنوي الأول للجهاز العام الماضي، ومستمرين بالعمل للسنة الثانية حيث تم إضافة مصرف آخر لتطبيق رقابة الأداء عليه «المصرف العقاري «وهو قيد التدقيق أما التحرك الجديد والقريب فسيكون باتجاه القطاع الصحي.
ولفت العموري إلى مسألة هامة عند تطبيق تلك الآلية وخاصة في حال المقارنة بين نشاطين مصرفيين متماثلين وهي الافتقار إلى أساليب المقارنة الصحيحة خاصة أن كل نشاط له تخصصاته ومجالاته لذلك فإن تطبيق رقابة الأداء يتطلب وجود معايير ونقاط مشتركة خاضعة للرقابة نستطيع من خلالها أن نقارن بين تقريرين متماثلين صادرين عن هاتين الجهتين.
وهذه خطوة هامة بحسب العموري وهناك معايير دولية يمكن الاستعانة بها ومتفق عليها ومعايير بخصوصية العمل الخاضع للرقابة أحيانا، فإذا كان النشاط نفسه فإن المعايير تختلف من مصنع لمصنع وهذا يحصل على المواد الأولية بطريقة ما أوعند نقل المنتج من المستهلك ، حتى بذات النشاط هناك نقاط خصوصية للمعايير وهي بحاجة لخبراء ذوو طبيعة فنية وقد يكونون مهندسين وأطباء صيادلة.
العموري أكد أن الجهاز يعمل بشكل دائم على تدريب عناصره من خلال اتباع دورات داخلية وخارجية خاصة في الدول الصديقة ، بالرغم من وجود بعض الصعوبات نتيجة ظروف الأزمة .
وحول إمكانية تعديل قانون الجهاز المركزي للرقابة المالية ليتوافق مع الظروف الراهنة أوضح أن الجهاز في قانونه الحالي وبضوء خطة الجهاز للعام الماضي يتمتع بصلاحيات واختصاصات جيدة وواضحة ونحن نحتاج لتعديلات ليست بالكبيرة لكنها مهمة جدا منها تحسين وضع المفتش من الناحية المادية، وهذا يعمل عليه الجهاز من خلال مشروع قانون يستطيع من خلاله مفتش الجهاز أن يتحصل على جزء من الأموال التي تسترد فعليا إلى خزينة الدولة وهذا عامل تحفيز للمفتش وبنفس الوقت تحصين له ويسهم بتطوير عمله.
وبين العموري أن أهم ماحققه الجهاز انجاز التقارير السنوية التي غابت لمدة 19 عاماً لتعود في عام 2013 إلى الصدور بشكل منتظم، عليه سيكون تقرير العام الحالي هو الرابع من نوعه بالنسبة للجهاز، مبيناً أن التقرير السنوي بمفهومه العام هو حاصل عمل الجهاز لمدة عام كامل يتضمن مختلف الأخطاء والارتكابات والمخالفات التي كشف عنها الجهاز في جميع الجهات العامة في سورية بعد معالجتها بتقارير تدقيقية أو تحقيقية صادرة عن الجهاز حدد فيها نوع المخالفة والمسؤول عنها والإجراء الواجب تطبيقه من عقوبات وإحالة للقضاء وذلك ضمن التقارير التفصيلية التي تصدر عن الجهاز والتي تتضمن وبشكل مختصر وواضح وصريح واقع كل جهة عامة من الناحية المالية والغاية من إعداد التقرير السنوي وإطلاع القيادات المخولة باتخاذ القرارات اللازمة على مستوى الجانب الإداري في الدولة والمالي على واقع الجهات العامة بشكل تفصيلي وتمكينها من اتخاذ القرارات اللازمة بهذا المجال، كاشفاً عن عدم ركن أو طي أي ملف من الملفات التي تتم إحالتها جميعها إلى إدارة التحقيق المركزية التي تم تفعيلها مؤخراً بموجب القانون.
أما علاقة الجهاز مع المؤسسات الادارية والحكومية وتحديدا الوزراء والمديرين فإنها علاقة شركاء لمعالجة الاخطاء ومحاربة الفساد والتعاون سوية وليس كجهتين الاولى رقابية والثانية خاضعة للرقابة بحيث لا نكون متخاصمين ولا متصيدين مع العلم ان الجهاز يتمتع بحق الدخول لأي جهة عامة للاطلاع على الوثاق والمستندات وكل ما يرتب أثراً مالياً وتقارير الجهاز ملزمة، كما أن الجهاز مخول بصلاحية التحقيق وصلاحية الحجز الاحتياطي على الأموال وكف يد العاملين في حال ثبت التورط.
بالنسبة لعدد الملفات والقضايا التدقيقية والتحقيقية لعام 2015 قال العموري نحن ندقق مالياً لكافة الجهات العامة وهناك 5000 جهة عامة يصدر تقريراً تدقيقياً لها سنويا و إذا تبين أن هناك ارتكابات ومخالفات عند التدقيق تستوجب التحقيق تحال إلى إدارة التحقيق في الجهاز وهي إدارة مركزية تتبع للجهاز ، حيث يتم التدقيق فيها، أما عدد التقارير التحقيقية بالقطاع الاداري للعام الماضي فقد وصل عددها الى 120 تقريراً تحقيقياً تضمنت اكتشاف أموال مختلسة أو مسروقة، وأموال مكتشفة تم استرداد قسم منها ،بموجب تقاريرنا التحقيقية.
وحول العلاقة بين الجهاز المركزي للرقابة المالية والهيئة المركزية للرقابة والتفتيش ، أوضح العموري ان الهيئة ايضا مستقلة تمارس الرقابة وهناك تداخل بالاختصاصات مع اختلاف في المهام وطبيعة عملنا فنحن نعمل على تدقيق حسابات الجهات العامة، أما صلاحيات الهيئة أوسع لا يوجد ازدواجية في الرقابة بيننا والوضع مستقر منذ عام 1980 بموجب القرار حينها الذي صدر ومنع إزداوجية العمل.
وفي سؤالنا حول من يراقب عمل الجهاز خاصة أن البعض يقول إن الجهاز بحاجة لجهاز آخر يراقب عمله قال نحن نمارس عملاً رقابياً إدارياً وهذا العمل يخضع للقضاء ، أي أن أي تقرير يصدر عن الجهاز قابل للطعن في القضاء، منوهاً إلى أن المفتشين الذين يتبعون للجهاز يتمتعون بالحصانة لكن هذا لا يمنع تطبيق تعليمات المجلس الأعلى للرقابة المالية كالتأديب في حال ارتكابه أي مخالفة.
مبيناً أن وجود المفتشين في كافة أجهزة الدولة يشكل جانب ردع وقمع للمخالفات والتجاوزات.
وختم العموري حديثه بالقول إن الصعوبات التي يواجهها الجهاز هي صعوبات مادية، يضاف إليها عدم تخصيص الجهاز بالبناء المناسب يضم كافة مديريات الجهاز، وعدم وجود وسائل النقل الكافية لعناصر الجهاز، و نقص عدد المفتشين البالغ عددهم حالياً 900 مفتش نعمل لرفعه إلى 3000 وكذلك افتقار التدريب والتأهيل وتوفر الخبرات والاهم تدعيم استقلالنا المالي.