دمشق-سيريانديز
يواجه الأطفال في سورية مشكلات عديدة أفرزتها الأزمة إذ تعرض الكثير منهم إلى حالات استغلال بجميع أشكاله وتجنيد من قبل التنظيمات الإرهابية المسلحة ما شكل تهديدا لحياتهم ومستقبلهم مقابل محاولات جادة من قبل جهات حكومية وأهلية للحد من هذه الظواهر.
وبادرت الهيئة السورية لشؤون الأسرة والسكان بالتعاون مع عدد من الشركاء إلى إعداد استراتيجية وطنية للطفولة المبكرة وخطة عمل لمناهضة أسوأ أشكال عمالة الأطفال وحمايتهم من العنف بكل أشكاله انطلاقا من أن مصلحة “الطفل الفضلى” هي المرتكز الأساس لجميع السياسات والتدابير والإجراءات التي تسعى إليها الجهات الحكومية والأهلية الهادفة إلى رعاية الطفل وحمايته من النواحي الصحية والقانونية والتعليمية وهذا حسب رئيسة الهيئة هديل الاسمر.
وتضيف الأسمر إن الهيئة من خلال الاستراتيجية الوطنية للطفولة تضمن حماية الأطفال من جميع أشكال العنف والإساءة بما فيها عمل الأطفال وسوء معاملتهم واستغلالهم ولا سيما ذوي الإعاقة وضمان توفير البيئة الثقافية المناسبة لنموهم وتنشئتهم عقليا وأخلاقيا وتنمية مهاراتهم واكتشاف مواهبهم بشكل مبكر.
“ولم تأل الهيئة جهدا في مجال التوعية والتثقيف بحقوق الطفل والتجنيد وأشكاله والانتهاكات الممكن حصولها وأسوا أشكال عمل الاطفال” وفق كلام الاسمر التي بينت أن الهيئة حريصة على توسيع نطاق الحملات الإعلامية التوعوية بشأن محاربة العنف ضد الاطفال ولا سيما من خلال اعداد فواصل تلفزيونية حول قضايا الأسرة والسكان إضافة إلى إطلاق “دليل المعايير الدنيا للدعم النفسي الاجتماعي للأطفال في الأزمات” بهدف تعميمه للاستفادة منه كمرجع أساسي لجميع برامج الدعم النفسي الموجه للأطفال ولا سيما الذين تأثروا سلبا نتيجة الأزمة.
وتشير الاسمر إلى أن الهيئة تعمل بالتشارك مع الاتحاد الرياضي العام على توسيع تجربة مشروع “الرياضة من أجل التنمية ” للوصول إلى أكبر شريحة ممكنة من الأطفال في جميع المناطق بهدف تحفيز القدرات الكامنة لدى الأطفال واليافعين وإكسابهم الثقة بذاتهم باعتبارها متطلبا أساسيا للحفاظ على صحة الشباب الجسدية والنفسية إلى جانب تعزيز القيم والسلوكيات الاجتماعية الإيجابية.
وتسهم ازدياد حالات الفقر وحجم الأسرة الكبير وارتفاع معدل الإعالة والتسرب من التعليم والتفكك الأسري في زيادة عمل الأطفال ولا سيما في حالات الأزمات حسب كلام مدير المعهد العالي للدراسات السكانية الدكتور أكرم القش الذي أوضح أن عمل الأطفال هو نتيجة أو تعبير عن خلل مجتمعي قيمي أو ثقافي أو تعليمي أو اقتصادي وتتعدد الأسباب المباشرة له وتختلف من مجتمع لآخر ومن مرحلة لأخرى.
ويشير القش إلى أن “الأزمة في سورية أحدثت خللا كبيرا في عمليات تكوين وتأهيل الرأسمال الاجتماعي والبشري الذي يشكل الأطفال عماده الأساسي ويحتاج تداركه إلى جهود كبيرة تفوق ما بذل خلال العقود الماضية الأمر الذي أدى إلى حرمان الكثير من الاطفال من مدارسهم وهذا يعني بالضرورة أنهم انخرطوا أو هم في طريقهم إلى الانخراط في العمل”.
ويضيف القش إن ارتباط عمالة الأطفال بالتسرب من التعليم الأساسي تمثل أحد أبرز مخاطر الفاقد والهدر في عملية التنمية وبالتالي تدني الخصائص النوعية للسكان وخاصة أن الطفل يتعرض خلال عمله لشتى أشكال سوء المعاملة والعنف أو التعنيف اللفظي والمعنوي والجسدي وأحيانا الجنسي ما يؤثر سلبا على نموه النفسي والعاطفي والمعرفي وأحيانا الجسدي واكتساب عادات وسلوكيات غير سليمة وزيادة احتمالات انحرافهم وجنوحهم.
وكانت سورية انضمت الى اتفاقية حقوق الطفل عام 1993 والى البروتوكولين الاختياريين الملحقين عام 2003 والمتعلقين بمنع الاتجار بالاطفال حسب مدير القضايا السكانية بالهيئة وضاح الركاد الذي أضاف ان سورية أصدرت القانون رقم 11 لعام 2013 لتلبية الحاجة المستجدة على واقع المجتمع السوري والذي يجرم تجنيد الأطفال في الأعمال القتالية الذي ظهر كحالة طارئة على المجتمع السوري خلال الازمة وذلك بهدف إبعادهم عن التجنيد والاستغلال وضمان حقهم في الحياة وتأمين سلامتهم الجسدية والنفسية.