خاص- سيريانديز- سومر إبراهيم
لم يغب قطاع الصناعة الدوائية في سورية عن الاهتمام الخاص للحكومة ، بل أولته اجتماعاً خاصاُ مساء أمس دعي إليه 14 من أصحاب كبرى الشركات المصنعة من مختلف المحافظات السورية، ترأسه رئيس مجلس الوزراء المهندس عماد خميس بحضور كل من وزير الصحة الدكتور نزار يازجي ونقيب الصيادلة في سورية الدكتور محمود الحسن ورئيس المجلس العلمي للصناعات الدوائية الدكتور زهير فضلون ومعاونة وزير الصحة للشؤون الدوائية الدكتورة هدى السيد .
«سيريانديز» انفردت مع صحيفة محلية بحضور هذا الاجتماع الذي وصفه رئيس الحكومة بالنوعي كبداية لخطة حكوميّة لتطوير واقع الصناعة الدوائية السورية في القطاعين العام والخاص، كونه يعد من القطاعات الحيوية المهمة التي تلامس حياة المواطن بالدرجة الاولى وتدعم الاقتصاد الوطني، وخاصة أن هذا القطاع تأثر إلى حد كبير بالأزمة التي تمر بها سورية ولكنه بقي محافظاً على إنتاجه بفضل الكوادر والخبرات العاملة به وصمود أصحاب المنشآت ووطنيتهم .
ودعا خميس أصحاب المعامل إلى تفعيل دور الشراكة الحقيقية بينهم وبين الحكومة قائلاً : مصممون على تطوير هذا القطاع واستنهاضه ولكن هذا الأمر لا يرتبط بإجراء حكومي معين مالم يكن الشريك الحقيقي معنا يداً بيد نسير معه بالتوازي ليتكامل العمل، مضيفاً أن الهدف من هذا الاجتماع هو الاطلاع على رؤية أصحاب المعامل لتطوير وتحسين صناعتهم الدوائية والوقوف على العقبات التي تعترض العملية الإنتاجية لتذليلها وخلق البيئة الصحيّة سواء كانت التشريعية أو التنفيذية للوصول إلى الاكتفاء الذاتي الذي يلبي متطلبات أبناء الوطن ومن ثم تصدير كل ماهو فائض بما يحقق التنمية الإقتصادية، منوهاً أن هذا القطاع كان في 2010 فاعلاً جداً وصلت القيمة التصديرية فيه إلى 210 مليون دولار.
وأكد وزير الصحة أن أصحاب المعامل وقفوا وقفة متميزة بوجودهم على الأرض السورية وصمودهم وكان لهم بصمة بالاستمرار بالإنتاج رغم الصعاب الكبيرة، رجالاً داعمين لوزارة الصحة في إنتاج الدواء، ومهمتنا اليوم إيجاد حلول جذرية للمعوقات التي تعترض العمل في هذا المجال وحلها بشكل تدريجي .
وقدم فضلون عرضاً مفصلاً عن تطور الصناعة الدوائية في سورية منذ عام 1990 حتى الآن والظروف التي مرت بها والتطور الذي وصلت إليه قبل الازمة وتأثيرات الازمة عليها ، مبيناً أن الإنتاج المحلي الكامل وصل إلى مليار دولار وفي عام 2010 بلغ حجم الإنتاج 620 مليون دولار 400 مليون منها للسوق المحلية و 210 مليون دولار للتصدير، ولكن انخفض خلال الازمة إلى أكثر من 50%، مشيراً أن هذا القطاع كان يشغل أكثر من 25000 يد عاملة 25% منها جامعيين والباقي فنيين ومازال معظمهم في العمل، كما استعرض توزع المعامل في سوية والتي مازالت منها قيد العمل، ففي حلب يوجد 34 معملاً 24 منها لايزال قيد العمل ، وفي المنطقة الوسطى 11 معملاً جميعها تعمل الآن، ودمشق 33 معملاً 27 منها قيد العمل، ومعملاً واحداً في درعا، و5 في المنطقة الساحلية يعمل منها 4 والأخير قيد التجهيز .
وأشار فضلون أن التوسع الأفقي لمعمل الأدوية تطور بشكل ملحوظ منذ عام 1990 حيث كان عدد المعامل 26 معملاً ، وفي 2000 أصبح عددها 52 معملاً كان يعمل منها 43 معملاً ، وفي 2010 بلغ عدد المعامل في القطر 55 معملاً، وفي 2013 بلغ العدد 66 معملاً ولكن لم يكن يعمل منها سوى 38 معملاً، بينما في هذا العام حدث نقلة نوعية في هذه الصناعة حيث بلغ عدد المعامل 83 معملاً 68 منها دخلت في الإنتاج .
واستعرض فضلون النقاط الحرجة للصناعة الدوائية المتمثلة بالترخيص للمعمل والصنف، و التسعير، وتأمين الإنتاج ومستلزماته، والرقابة للمعمل والصنف، والدعاية والإعلام، والتسويق والتوزيع، والتفاعل مع الوزارات والمؤسسات والنقابات، والتزوير والتهريب، والاستيراد للأصناف المصنعة محلياً، بينما لخص الصعوبات بالمتغيرات المحلية والتضخم وزيادة الرواتب للعمال وأسعار الطاقة وانقطاع الكهرباء وارتفاع اسعار الزجاج، ومصاعب نقل المواد في الداخل والخارج وزيادة سعر المواد الأولية والفرق بسعر الصرف بين تاريخ الاستيراد وتسعير الصنف والحصار الذي يسبب صعوبة الحصول على المادة.
واستمع خميس إلى مقترحات وآراء أصحاب المعامل والمشاكل والصعوبات التي تعترضهم وتعيق العملية الإنتاجية ووعد بحلها جميعاً، وأعرب عن استعداد الحكومة لاتخاذ كل الإجراءات والتشريعات المناسبة ولكن خارج حدود رفع سعر الدواء لأنه يمس حياة المواطن بشكل مباشر وهذا خط أحمر ، وكلف رئيس المجلس العلمي للصناعات الدوائية بوضع رؤية كاملة لاحتياجات القطاع وإعداد مصفوفة تفصيلية خلال أسبوع بالتعاون مع أصحاب المعامل عن كافة المعوقات التي تعترض سير العملية الإنتاجية والمقترحات والحلول المناسبة للنهوض بهذا القطاع من جديد ، داعياً إلى أهمية التوسع الافقي قدر الإمكان في هذه الصناعة لتحقيق انتاج كامل لكافة الأصناف الدوائية بكافة أنواعها وبجودة عالية ، ووضع آليات عادلة للتسعير وتوحيد السعر للمنتجين بين القديم والجديد خلال مدة اقصاها ثلاثة أشهر، بالإضافة إلى إيجاد آلية لتعويض المعامل المتضررة
وفي تصريح خاص لـ « سيريانديز » بعد الاجتماع قال نقيب الصيادلة في سورية الدكتور محمود الحسن : إن هذا الاجتماع مثمر وتوقيته مناسب، وهو مبادرة مهمة من رئيس الحكومة الذي كان متعاوناً وأصغى لكل الآراء والمشاكل ووعد بحلها، وبالمجمل كان التوجه العام أن أهم شيء هو توفير الدواء بسعر مناسب للمواطن .
وأوضح الحسن توفير الدواء الوطني يحمي المواطن من ارتفاع أسعار الدواء الاجنبي الذي يزيد عشر أضعاف عن المحلي ، وايضاً من التزوير، حيث يعتبر كل دواء لم يدخل بطرق نظامي هو مزور وهو خطير جداً لأنه قد لا يحتوي المادة الفعالة أو يختلف في تركيب المواد الأمر الذي قد يحدث تداخلاً دوائياً وخاصة عند كبار السن، وهنا نؤكد على ضرورة تفعيل اللصاقة الصيدلانية الليزرية ووضعها على كل الأدوية الوطنية والمستوردة ليكون الدواء الذي يأخذه المواطن موثوقاً وهذا الموضوع ينتظر موافقة اللجنة الاقتصادية بعدما حصلنا على موافقة وزارة الصحة والنقابة جاهزة لكل الامور الفنية الخاصة بذلك .
وأشار الحسن إلى أن المنتج الوطني يغطي حالياً حوالي 80% من احتياجات السوق المحلية، منوهاً إلى فقدان بعض الزمر مثل ( الأنتي بيوتيك ) حسب ما ورد من احصائيات فروع النقابة في المحافظات .
وفي سياق متصل ترأس المهندس عماد خميس رئيس مجلس الوزراء اليوم اجتماعاً للقطاع العام المعني بصناعة واستيراد المنتجات الدوائية في السوق السورية، بهدف إعداد رؤية تطويرية لسياسة الصناعات الدوائية لضمان انتشارها بشكل أفقي على كامل الجغرافية السورية وتقليص السلة الاستيرادية للدواء . وقرر الاجتماع اعتماد تسجيل المنتجات الدوائية المسجلة في الدول الصديقة ( إيران –روسيا - الصين – كوبا- الهند ) بهدف خلق آلية استجرار مرنة للدواء لتلبية حاجات السوق من هذه الدول، وتعديل نظام منح التراخيص لهذه المنتجات لمنع احتكارها، ومراجعة آلية استيراد المواد الأولية الداخلة في هذه الصناعات وتقديم الدعم الحكومي اللازم لتطوير هذا القطاع وعودة الألق إليه من خلال إصدار التشريعات الكفيلة بتطوير آليات العمل وتجهيز البنى التحتية له .
حضر الاجتماع وزراء الصحة والصناعة والتعليم العالي والاقتصاد والتجارة الخارجية .