دمشق- سيريانديز
حظي استزراع الأسماك البحرية باهتمام العديد من دول العالم لما يوفره من كميات من البروتين الحيواني وعملت مراكزها البحثية على تحديد طرق الاستزراع والأنواع التي تتلاءم مع طبيعتها وسواحلها وفي سورية جرت العديد من التجارب والدراسات في هذا المجال منها تجربة الدكتور عبد اللطيف علي الباحث في مركز البحوث العلمية الزراعية في اللاذقية.
وحول هذه التجربة أوضح الدكتور علي أن التجربة تهدف إلى نشر وتعميق ثقافة تربية المزارع الأسرية للأسماك في الأحواض الصغيرة المتوافرة لدى المزارعين في الساحل السوري في بساتين الحمضيات وبالتالي يستطيع المزارع إنتاج ما يكفي أسرته من لحم السمك سنويا.
وكشف الباحث الدكتور علي أن التجربة الأولى لاستزراع الأسماك كانت بالتعاون مع القطاع الخاص في منطقة الخراب التابعة لمحافظة طرطوس بقطعة أرض مساحتها 1000 متر مربع وتبعد عن البحر نحو 30 مترا في أحواض بحجم 30 مترا مكعبا تم حفرها في الأرض وبعمق 1ر1 متر بعد عزلها بواسطة طبقتين من شرائح النايلون البولي إيتيلين وذلك لمنع تسرب المياه لكون التربة رملية واستمرت التجربة لموسم واحد من شباط 2003 حتى نيسان 2004 .
وأشار إلى أنه تم نشر بعض نتائج هذه التجربة في مجلد أعمال المؤتمر الدولي لتربية الأسماك البحرية المنعقد في ماليزيا في بداية عام 2004 وتم نقل التجربة إلى مزرعة مصب نهر السن في منطقة حريصون التابعة للمؤسسة العامة للأسماك في آذار 2004 وتمت تربية الأنواع المدروسة فيها.
وكشفت نتائج التجربة أنه عند تربية أسماك البوري الدهبان والقجاج والغريبة الرملية والسرغوس في ظروف بيئية متماثلة وتحت شروط التربية نفسها في الأحواض الشاطئية في سورية تفوق نوع البوري الدهبان معنوياً في المعايير الإنتاجية المدروسة على الأنواع الثلاثة يليه نوع القجاج ثم نوع الغريبة الرملية وآخرها نوع السرغوس وأن فترة النمو المثالية عند نوع البوري الدهبان كانت خلال التجربة بداية أيار ونهاية حزيران في حين ان فترة النمو المثالية عند الأنواع الثلاثة الأخرى تحققت من بداية شهر حزيران حتى نهاية شهر تموز وأن معدلات النمو عند الأنواع السمكية الأربعة المدروسة تتأثر بالتغيرات الفصلية وأن معظم حالات النفوق لاصبعيات الأنواع المدروسة تحصل في مرحلة النمو الأولي وعلى الرغم من أن نوع البوري الدهبان يحقق أفضل إنتاجية إلا أن المردودية الاقتصادية لتربية نوع القجاج هي أعلى.
وذكر أنه بعد البحث والدراسة تبين أن استزراع الأسماك البحرية يعد مجالا واعدا وهو الأمل والحل لمضاعفة الإنتاج السمكي في سورية وكما هو معروف فإن قطاع استزراع الأسماك البحرية لا يزال مهملا ولم يلق الاهتمام الكافي سواء من قبل المؤسسات الحكومية أو المراكز البحثية المتخصصة أو من القطاع الخاص حتى الآن.
وأوضح علي أن مفهوم الاستزراع السمكي يعني بشكل عام تربية الأسماك تحت ظروف وشروط بيئية معينة بطريقة تتيح لها النمو والتكاثر ثم حصادها بعد فتره زمنية بطريقة علمية ومنظمة تحقق أقصى عائد وبأقل التكاليف في وحدة المساحة وتحافظ على استدامة واستمرارية الإنتاج لموسم بعد آخر.
وحول طرق استزراع الأحياء البحرية أشار الباحث إلى انه يمكن تحديد 6 نماذج لها أولها على الأحواض الشاطئية حيث تقام هذه الأحواض على شواطئ البحار وقد يعتمد هذا المستوى من الاستزراع على ظاهرة المد والجزر بحيث يتوفر مدخل للمياه وآخر للخروج أو يتم ضخ المياه بواسطة مضخات خاصة وترتفع الملوحة نسبياً في هذا النظام ويمكن تربية الأسماك البحرية والقشريات بأنواعها المختلفة وهذا النموذج هو الذي تم اتباعه واختباره في الدراسة الحالية.
أما الطريقة الثانية فتعتمد على الأحواض المدية الشاطئية حيث تقام هذه الأحواض على شواطئ البحار ويعتمد هذا المستوى من الاستزراع بشكل كامل على ظاهرة المد والجذر ولا يستخدم أي نوع من المضخات.
بينما تعتمد الطريقة الثالثة على الحظائر المسيجة ويتوفر هذا المستوى في المنخفضات الساحلية التي لا يقل عمقها عن 40 سم ويمكن تربية الأسماك والقشريات البحرية وبعض الرخويات أيضاً وهذا النموذج لا يمكن تطبيقه في سورية لعدم وجود المنخفضات الساحلية على طول الساحل السوري بينما تعتمد الطريقة الرابعة على الأسطح الطافية حيث يتوفر وينتشر هذا المستوى في صورة أقفاص سمكية طافية في العديد من البيئات المائية وفي صورة أقفاص مرنة في البحار أو أقفاص عملاقة في عرض البحر بعيدة عن الشواطئ بينما الطريقة الخامسة تعتمد على مناطق نصف عميقة حيث يتم إنشاء أقفاص في منتصف الأعماق.
أما الطريقة السادسة فتعتمد على استزراع الأسماك في قاع البحر حيث يتم إنشاء أقفاص في الأعماق لكي تكون بعيدة عن تأثير الأعاصير على أن يتوفر نوع السمك أو الرخويات التي تنمو في مثل هذه الأعماق.
وأوضح علي انه يتم تحديد طريقة ونظام الاستزراع طبقا للمستويات الستة السابقة من حيث طبوغرافية وتضاريس المكان والظروف المناخية من رياح وأمواج وصلاحية المكان لتربية الكائنات الحية المختلفة الأسماك والقشريات والطحالب والرخويات.
وعن التوصيات والمقترحات التي توصل لها في دراسته يقول الدكتور الباحث علي .. “يمكن اعتماد نوعي البوري الدهبان والقجاج للاستزراع في سورية مستقبلاً في الأحواض الشاطئية ويجب متابعة الدراسات حول تربية أسماك الغريبة الرملية التي أظهرت كفاءة تربية مقبولة نسبياً” لافتا إلى أن أسماك السرغوس تعد غير ملائمة للاستزراع في الأحواض الشاطئية وفقاً لنتائج وظروف الدراسة.
ودعا الباحث علي الجهات المعنية لدعم وتشجيع الأبحاث العلمية في مجال استزراع الأسماك البحرية والبيئة المائية وإدارة المصايد وإقامة وحدات بحثية متخصصة في تفريخ وتربية واستزراع الأسماك البحرية والاهتمام بتأهيل الكوادر الفنية في هذا المجال وتقديم التسهيلات اللازمة للمربين وتحديث القوانين الناظمة لإنشاء المزارع السمكية البحرية.