دمشق- سيريانديز
محدودية تأثيرها قياساً بكمية موسم الحمضيات الكبير المقدر بأكثر من مليون طن لا يلغي أهمية حملة وزارة التجارة الداخلية “من المنتج إلى المستهلك” بهدف تسويقه محلياً، أقله لجهة بعث رسالة للفلاح أن الحكومة تقف في صفه وتحاول إيجاد مبادرات لمساعدته، ولاسيما أن هذا المحصول ظل معضلة صعب على الحكومات المتعاقبة حلها وليست رهن تداعيات الحرب القائمة، وإن كان لإغلاق المنافذ الحدودية مع الدول المجاورة وخاصة العراق، لكونه السوق الأساسية للحمضيات، أثراً كبيراً.
الفشل في تصريف وتسويق الحمضيات يطرح تساؤلات كثيرة بشأن تقصير المعنيين في معالجة هذا الملف، وخاصة أن الحلول معروفة وواضحة لكن هناك من يستمر في التعامي عنها والهرب إلى الأمام إعلامياً من دون أي نتيجة تحقق الرضا للفلاح والمصدِّر.
وحدها السوق الروسية كانت بوابة الخلاص، إن صح التعبير، لكونها تعد سوقاً واعدة لضخ المنتجات السورية على اختلاف أنواعها بما فيها الحمضيات، التي لا تصلح جميعها للتصدير إلى هذه السوق نظراً للبعد الجغرافي بما يعرضها للتلف واختلاف ذوق المستهلك الروسي، الذي يفضل أنواعاً محددة دون غيرها، ما يفرض اختيار هذه الأنواع بدقة وتصديرها بعد مراقبة دقيقة لعمليات الفرز والتوضيب والتغليف، لتكون مطابقة للمواصفات الروسية لكيلا تتكرر تجربة السنة الفائتة عبر تصدير منتجات رديئة من دون التقيد بالمواصفة المطلوبة بشكل أساء فعلياً لسمعة الصادرات السورية بسبب أخطاء وجشع بعض المصدرين، الذين آثروا تحقيق منافع شخصية على حساب الاقتصاد المحلي.
تلافي أخطاء التجربة السابقة وتغير النظرة نحو صادراتنا عبر تصدير منتجات موثوقة ذات جودة ونوعية ممتازة وسعر منافس يضمن نيل حصة كبيرة من السوق الروسية، وخاصة بعد فتح الأصدقاء الأبواب على مصراعيها أمام الخضر والفواكه السورية عبر إنشاء الممر الأخضر بشكل يتيح تصديرها من دون عوائق، بالتالي الكرة الآن في ملعب المصدرين، الذين عليهم إثبات جدية في كسب هذه السوق وغيرها والمساهمة جدياً في تصدير الحمضيات وحل معضلتها المستمرة منذ عقود طويلة، وهنا يتساءل أحد المسؤولين عن ملف الصادرات في إشارة تأكيدية لعدم وجود مصدرين فعليين لهذه المنتجات أو على الأقل عدم رغبتهم في تسويقها: هل يوجد فعلاً مصدرون للحمضيات؟ فإذا كانوا موجودين ليأتوا إلينا ويعرضوا أمامنا مطالبهم والتسهيلات التي يرغبون الحصول عليها من الحكومة لتصدير الحمضيات لتتم تلبيتها فوراً، ليجيب عن سؤاله بنفسه: للأسف إلى الآن لم نر أي مصدر للحمضيات، إنما فقط أشخاص راغبون في استثمار هذا الموسم لتحقيق غايات خاصة بهم، والدليل واقع الحمضيات اليوم والخسارة المتكررة للفلاح من جراء عدم تصدير موسمه رغم الضجة الإعلامية حوله، ليعود ويتساءل: أين هي غرفة تجارة اللاذقية من هذا؟ ولماذا لم تتواصل مع الجهات المعنية أو مع أولئك المصدرين إن وجدوا أو حتى مع الفلاحين لتسويق موسم الحمضيات الذي تتكرر مأساته كل عام ومندون حل طبعاً.؟
أسئلة مشروعة لا بد من الوقوف عندها ومحاولة إيجاد أجوبة لها لعلنا نجد بصيص أمل لتصدير الحمضيات ومدِّ يد العون جدياً للفلاحين، الذين قام بعضهم بقلع أشجار عمرها عقود بسبب انتكاساتهم المتكررة، مع العلم أن إنشاء “الممر الأخضر” يشكل خطوة نوعية أمام كسر عقدة تصدير الحمضيات وإنصاف الفلاح، ليبقى التساؤل الأهم: هل ستنجح الجهات المسؤولة عن ملف التصدير وخاصة الحمضيات في كسب هذه الفرصة الذهبية، وما هي الخطوات العملية التي ستنفذها لتحويل السوق الروسية إلى سوق دائمة للصادرات السورية؟ وهل ستكون هناك مراقبة جدية للمنتجات المصدرة إلى هذه السوق الهامة ومحاسبة من يسيء إلى الصادرات السورية عبر تصدير منتجات منخفضة الجودة بغية تحقيق بعض المنافع الشخصية من دون الاكتراث بهذه العواقب؟.
إذاً هو تحدٍّ لا بد من كسب رهانه تحت أي ظرف للنهوض بواقع الصادرات السورية، التي يفترض أن تطرق أبواب أسواق جديدة، إضافة إلى أسواقها التقليدية ضمن خطة عملية واقعية تشترط وجود مصدرين حقيقيين وتعاون بين كل الجهات المعنية كل حسب مهامه بعيداً عن التهرب من المسؤوليات وتقاذف التهم، فهل ننجح؟؟