سيريانديز – تمام ضاهر
وسط الركام ورائحة الدخان ، الذي خلفته أصابع الإرهاب في مدينة جبلة بالأمس ، كان ذلك الشيخ المتعب يجلس ذاهلاً ، فيما كانت عيناه تنزفان بصمت ، وكأنهما تستعيدان تفاصيل المشهد الرهيب ، الذي يتكرر للمرة الثانية في المدينة ، التي ما بخلت يوماً بتقديم خيرة شبابها قرابين على مذبح الوطن. مدينة جبلة - ريفاً ومدينة -لا تكاد تخلع ملابس الحداد حتى تلبسها مجدداً
فيما جدران منازلها من البحر إلى الجبل ، لا تكاد تخلو من صورة شهيد أو جريح أو أكثر . حتى الساعة ، ومنذ 6 سنوات ميلاديات ، يقاتل أبناء المدينة الساحلية – كما بقية المدن - دفاعا" عن وحدة السوريين ، ويقارعون الإرهاب على امتداد الجغرافية السورية .
وإلى مشافي اللاذقية، أُسعف معظم جرحى السيارة المفخخة ، التي فشلنا مجددا" في تفتيشها ، رغم ما ابتليت به المدينة ، في سلسلة التفجيرات التي ضربت في 23 أيار الأسود ، حين أزهقت عشرات الأرواح البريئة ، وجرح المئات ، عندما استهدف الانتحاريون المتأسلمون تلاميذ المدارس ، و طلاب الجامعات، والموظفين ، والعمال ، والفقراء ، وأهالي الشهداء ، في كراج الانطلاق أثناء وقت الذروة ،
ثم هرولو خلف الجرحى إلى مشفاها الوطني الهزيل، ليجهزوا تماما على اللحم والدم . يوم أمس أيضا" لم يتسع مشفى جبلة إلا للقليل من كتل اللحم ، التي كانت تصرخ ألما" ، فيما كان أهل المدينة يرسمون آلاف إشارات الاستفهام حول أسباب إهمال إنشاء مشفى يليق بمدينتهم طوال عقدين من الزمن .
هذا ليس أوان جلد أجسادنا ندما" ، فالجسد السوري برمته ، ما يزال مفتوحا أمام مبضع الجيش العربي السوري ، الذين ترفده المدينة بالشهداء و الأبطال ، وما تزال ..