بقلم:رشاد كامل
اختلف مع زميلي أيمن القحف رئيس تحرير هذا الموقع، عندما كتب افتتاحيته الغاضبة من حكومتنا الحالية، بعنوان حكومة الأخطاء القاتلة، وسرد أيمن كل ما يراه من أخطاء استطاعت هذه الحكومة إنجازها خلال فترة وجيزة منها المواجهة مع الإعلام وصرف كبار موظفي رئاسة مجلس الوزراء وبعض المدراء العامين، واستهداف قطاع التأمين، والمالية بأموال المصارف ... الخ ... واعتبر ان هذه الحكومة فريدة بأخطائها .... كما قلت أنا أختلف معه
أنا أرى أن هذه الحكومة منسجمة تماما مع كل الممارسات الحكومية السابقة، وان هذه الحكومة لم تخرج عن التراث التنفيذي في بلادنا حيث لا قيمة لأحد ولا أحد لا نستطيع الاستغناء عنه، ولا مؤسسة مهمة، ولن يؤثر شيء على المواطن، لا سلبا ولا ايجاباً، كون أن معظم أعمال الحكومات المتعاقبة، كانت تشبه مهام قسم الشفط وفتح المجاري في المحافظة، أي أنها تستجيب للكارثة، وتفتح استعصاء، أما أن تخطط لازدهار فهذا مجال غير مسموح لهم العمل فيه .... القرارات فيه تؤخذ في مكان آخر
ولذلك قد يكون أخي أيمن غضب من هذه الحكومة أكثر من غيرها كونها مست الإعلاميين وهو منهم، ومست أصدقاء له في مفاصل الدولة، ولكن أنا لم أغضب، لأني لم أكن أتوقع ان يتصرفوا بطريقة تخالف العرف الحكومي عندنا.
وماذا يعني ترك منصب أمين مجلس الوزراء فارغا، صدقني لن تفرق اعمال المجلس ولا ستؤثر على أدائه، وهذه ميزة في مفاصل الدولة، وإعلان أن المنصب الذي تشغله يسير لوحده ولو كان فارغاً .... وأي من جلس عليه لن تفرق ... كم وزير عين بهذه الطريقة، لم تشعر لا بوجودهم ولا بغيابهم ... هل تشعر مثلاً بغياب وزير الاقتصاد، أم المالية، أم التموين،ويا سيدي الإعلام ... الثقافة .
الكل يعرف أنه لدينا فقط أربع وزارات نسميها شعبياً السيادية ... لها وظيفة ولكن الباقي تسيير أعمال، بما فيها منصب رئيس الوزراء. انت إعلامي، وتعرف، أن الشارع السوري لايفرح لتعيين رئيس وزراء، ولا يحزن، وهذا خير دليل أن الدولة بخير، ومحافظة على تقاليد حكومية، جعلت الحكومة أهم من اشخاصها .... وهذا نجاح خارق ... ليس لدينا وزراء نحزن على فراقهم، ولا مدراء عامين، ولا حتى مدير استهلاكية. لذلك يجب أن نتعاطى مع هذا الموضوع بجدية أكبر، وبنضج، ونقبل أنه صممنا حكومة لا تحتاج أشخاص، ولا يتعلق عملها بأشخاص، ولا حتى بشعب يا سيدي.
أستطيع ان أقول لك أن حكومات المستقبل ستشبه حكوماتنا،آليه، مؤتمتة، الكترونية .... ومن هذا المنطلق يا صديقي تستطيع الان أن تفهم أكثر سبب عداوة حكوماتنا المتعاقبة، لمشروع الحكومة الالكترونية ... نعم، هي عداوة كار .. لا يريدون أن نصل الى النتيجة، أننا فعلاً نستطيع ان نعيش مع حكومة الكترونية، وربما نرتاح أكثر بوجودها ... ففي الحكومة الالكترونية لا يتم تعيين الوزراء بدون دراسة وقبول شعبي، ولن يخاف الوزير الالكتروني منذ اليوم الأول لتعيينه لا من حسد الإعلاميين، ولا من بطش الاقصاء، هو وكل الدوائر الالكترونية التي تحته ستمشي بشكل سلس،وأكبر مخاوفها، انقطاع الكهرباء، أكثر من عمر البطاريات الاحتياطية .... يخدمون "فوق" من تم ساكت، ويخدمون الناس من تم ساكت ....
وأنتم أخي أيمن، كإعلام، ستتحولون الى إعلام الكتروني مرتبط،يتم تصدير نتائج الحكومات من عدد الخدمات التي أنجزت، وكم مواطن ضغط على الوجه السعيد لا الحزين تحت كل خدمة، كلها تصدر لكم، لتحولها لأخبار ... فهذا دوركم .... فقط .... وتستغرب أنهم الان حولوكم الى المحاكم؟!!!
المناصب الفارغة أحيانا، مؤشر جيد وطرد الموظفين ولو مدراء عامين، كما تم تعيينهم أمر جيد وحملات التأديب لبعض القطاعات الموجه حسب رأي القيادة "فوق" دون سؤال ... أيضا جيدة كلها مؤشرات على أن من نطلب منه الإصلاح ... يحتاج اصلاح على الأقل نعرف من اين نبدأ ... والى أن يعود لرئيس الوزراء والوزراء وجههم، واحزابهم الداعمة، والى أن يشعروا بأنهم أكثر من مناصب مؤقته، والى أن يكون المدير العام ...مديراً عاما بحق... عين لسبب ، وعين لأنه سليل نجاح مؤسسات سابقة ... والى أن يتمكنوا من رسم سياسات، وتنفيذها ... وأنا اعرف معظمهم وهم الأقدر على ذلك ... الى ذاك اليوم أخي أيمن .... ركب بطارية احتياط للصحفي الالكتروني الذي ينمو تدريجيا في داخلك فالكهرباء ستنقطع أكثر ... ...