رسام محمد
يبدو أن تبني وزارة التعليم العالي مشروع إحداث مرتبة الدراسات العليا في الجامعات الخاصة والذي أنهت دراسته - حسب زعمها-، لم يشفع لها ويحصنها من سلسلة التحفظات الصادرة عن عديد من الجامعات المستحدثة منذ سنوات طوال والمحرومة من هذه الميزة المستحقة.
ومع أن (الوصول المتأخر خير من اللا وصول) إلا أن المبررات الغائبة عن البوح تعطي مؤشرات بأن التقصير بحق شركاء التعليم العالي واضح وجلي، فمع إحالة المشروع إلى أعضاء مجلس التعليم العالي تمهيداً لعرضه على المجلس في اجتماعه الموسع تطول الوعود، ويتباخل المعنيون في الإدلاء بأي تصريح واضح وهذا ما بدا ماثلاً في رد د.بطرس ميالة معاون وزير التعليم العالي لشؤون الجامعات الخاصة الذي اكتفى بإجابة مقتضبة على سؤالنا عن الملف وماهياته: وما جاء على لسانه لا يتعدى (تتم الدراسة في مجلس التعليم العالي).وهنا التهمة التي يراها القائمون على الجامعات الخاصة إثباتاً بأن نظرة وزارة التعليم العالي للجامعات الخاصة مازالت قصيرة المدى وغير موثوقة.
في تقصٍ لوجهات نظر الجامعات الخاصة تظهر حالات الأسف عن أغلبية من التقيناهم، لتصل الأمور بالدكتور سليم دعبول نائب رئيس مجلس أمناء جامعة القلمون للقول صراحة بأن الوزارة لم تقتنع حتى الآن ببلوغنا سن الرشد وخاصة لجامعة مثل جامعتنا بعد قرابة 15 عاماً من النجاح، معللين - من عام الآخر - بمبررات لم ترق إلى مستوى الإقناع، علماً أن المؤسسات الأكاديمية أو التعليمية وخاصة التعليم العالي - والكلام الصريح دائماً للدكتور دعبول (لا تتطور بدون الدراسات العليا والبحث العلمي، وإن إعادة إعمار سورية بعد أزمة وطن أكلت الأخضر واليابس مع التدمير الممنهج والقتل والإرهاب يستوجب إطلاق الحريات للمؤسسات الأكاديمية والتعليمية ذات الشأن من خلال إعطائها حقاً شرعياً /مغتصباًَ/ ألا وهو حق افتتاح الدراسات العليا والبحث العلمي المتلازمان..
رأي الدكتور سليم دعبول لم يختلف كثيراً عن موقف الدكتور فائق بدر نائب رئيس جامعة الأندلس للشؤون الإدارية والطلاب الذي شدد على السعي بكل ما أوتينا من قوة حتى تسمح وزارة التعليم العالي بنظام الدراسات العليا لاسيما أنها تحتاج إلى كادر تدريسي من الأساتذة المتفرغين - من ملاك الجامعة - ونحن كجامعة خاصة الوحيدة التي لديها اتفاقية توأمة مع جميع الجامعات الحكومية السورية.
وكان تأييد الدكتور نسيب أبو عرار رئيس جامعة الاتحاد الخاصة سريعاً للطرح معتبراً أن الجامعات الخاصة الآن بحاجة وأكثر من أي وقت مضى إلى مرحلة الدراسات العليا في ظل ما تشهده الجامعات من نزيف الكوادر التدريسية، هذه المشكلة كان يمكن التغلب عليها لو هيأنا كوادراً في جامعاتنا، فالطلاب الدارسون خارج البلاد ليسوا بمستوى علمي أفضل من الدارسين هنا، مقترحاً على الوزارة أن تحدد الشروط التي تراها وعلى أساسها تسمح لهذه الجامعة أو تلك بمرحلة البحث العلمي سواء أكانت بنية تحتية أم كادراً..
وبموجبه يوجه أبو عرار رسالة مفادها أن عدم السماح للجامعات الخاصة يعد خطأ كبيراً له تأثيرات سلبية، فالجامعة أصيبت بفقر الكادر ولابد من التأكيد على أن زيادة حصة الجامعات الخاصة بمرحلة الدراسات لم تحل المشكلة وبقيت قليلة ..مع التذكير أن جامعة الاتحاد الخاصة من أقدم 3 جامعات في سورية وتعاني أزمة حقيقية في تأمين الكادر التدريسي.
وهنا مربط فرس القضية والوجع مع وصول التسرب في أعضاء الهيئة التدريسية على مستوى الجامعات السورية إلى مستوى (اللون الأحمر) بنحو 20%، منذ عام 2011، حيث اتجه معظم أعضاء الكادر التدريسي إلى خارج البلاد، بحسب تصريحات منسوبة لـ ( وزير التعليم العالي الدكتور عاطف النداف)، في وقت لا تنكر جامعة دمشق أن 379 عضواً من الهيئة التعليمية الجامعية من أصل 2037 غادروا سورية. ومع محاولات تعويض النقص في الكادر، عن طريق العقود السنوية، بالإضافة إلى المسابقة الأخيرة التي أجرتها وزارة التعليم العالي. إلا أن الحل يكمن في فتح الدراسات العليا للجامعات الخاصة، وهذا ما لم يحصل لغاية الآن.؟
خطورة القلة في عدد الطواقم التدريسية أثر - كما يقول الطلبة الذين التقيناهم - سلباً على سوية العملية التدريسية بوجود 800 عضو فقط في جامعة دمشق، يتوزعون على أقسام الكليات، وبالتزامن مع تصريحات نقلتها الدكتورة ميسون دشاش مديرة مركز القياس والتقويم في وزارة التعليم العالي بأن هناك 40 دكتوراً فقط بكليات الصيدلة وحدها والتي يدور على سنتها التحضيرية والامتحان المؤتمت جدل كبير يجمعها مع كليات الطب والأسنان بين مؤيد ومعارض.
وتنص مسودة مشروع إحداث مرتبة الدراسات العليا في الجامعات الخاصة المكونة من 16 مادة - والمسربة إلينا دون التحقق من صحتها لعدم تبني مسؤول في الوزارة لها- على ضوابط عديدة وأساسيات ليتم استقبال الطلبة، أهمها أن يكون لبرنامج الدراسات العليا اختصاص إجازة مماثل ومضى على تخرج أول دفعة منه سنتان على الأقل، وأن يكون الحد الأدنى لعدد أعضاء الهيئة التدريسية من حملة درجة الدكتوراة في برنامجي الإجازة والماجستير ستة أعضاء هيئة تدريسية وللدكتوراة ثمانية أعضاء. كما يحدد عدد رسائل الماجستير والدكتوراة التي يسمح لعضو الهيئة التدريسية الإشراف عليها في الكليات التطبيقية ثمانية رسائل من ضمنها ثلاث رسائل دكتوراة على الأكثر وفي الكليات النظرية الشرط نفسه للماجستير وأربع رسائل للدكتوراة. أما بالنسبة للخطط الدرسية تم تحديد متطلبات الحصول على درجة الماجستير دراسة سبعة مقررات في النظام السنوي.