خاص- سيريانديز- سومر إبراهيم
فرضت الحرب والأزمة التي مرت بها سورية خلال السنوات الماضية تحولاً في نهج وزارة العدل ومجريات التقاضي في ظل ظهور حالات جديدة غريبة عن المجتمع السوري منها ما يتعلق بالجرائم والخطف بقصد الفدية والإرهاب وتبعاته وتشابك القضايا المالية والمصرفية والجمركية وغيرها، مما جعلها تنتهج طريق التخصص وإحداث محاكم جديدة وإلغاء أخرى وتوسيع ثالثة، وفي نفس الوقت خسر الجسم القضائي الكثير من كوادره لسبب أو لآخر مما سبب نقصاً في عدد القضاة ما استلزم ترميمه ليغطي ولو جزء من احتياجات تلك المحاكم وتعويض الفراغ.
للوقوف على ذلك والاطلاع على آخر ما توصلت إليه العدالة في سورية «سيريانديز» التقت معاون وزير العدل القاضي تيسير الصمادي وكان لنا معه الحوار التالي :
-ما عدد القضاة الذين هم على رأس عملهم، وهل هناك نقصاً في عددهم ، وكم خسر الجسم القضائي منهم خلال الأزمة وكيف تم ترميم النقص ؟
في وزارة العدل حالياً 1784 قضاة على رأس عملهم منهم 325 قاضيات، وهذا الرقم لا يصل حتى الآن إلى 50% من احتياجاتها بعد توسيع الملاك العددي لها والبالغ 4187 قاضٍ ، مضيفاً: 113 قاضٍ خسرهم القضاء السوري خلال الازمة منهم 11 قاضٍ استشهدوا دفعوا حياتهم ثمناً لوقوفهم مع بلادهم ورفضهم الانشقاق والمغريات المادية، و 25 تقاعدوا بعد بلوغهم السن القانوني و35 قاضٍ تم عزلهم لأسباب خاصة تتعلق بالأحداث واثنان عزلوا مؤخراً بسبب أخطاء بعملهم ، و40 قاضٍ هم الآن بحكم المستقيلين نتيجة تركهم عملهم بشكل غير قانوني ومغادرتهم البلاد.
ولكن بنفس الوقت تم تعيين 629 قاض خلال السنوات الماضية منهم 75 قاض تم تعيينهم بمسابقة عام 2012 كمستشارين وقضاة بداية وغيرها ، و230 قاض تخرجوا في 2013 من المعهد القضائي، وفي العام الماضي صدر المرسوم 62 القاضي بتعيين 65 قاض في محاكم الصلح والاستئناف والتشريع، و49 عينوا بموجب مسابقة لانتقاء محامين يتبعون الآن دورة تدريبية، و106 سيتم تخريجهم من المعهد القضائي الشهر القادم ، والأن تم اختيار 74 ناجح من المسابقة المعلن عنها بالقرار رقم / 5301/ل تاريخ 19/9/2016 للالتحاق بالمعهد القضائي.
- كم يبلغ عدد العدليات بسورية .. وما مصير الأضابير القضاة في العدليات التي تعرضت للتخريب أو التي خرجت عن الخدمة .. وكيف يتابع أبناء تلك المحافظات معاملاتهم القضائية؟
في سورية 14 عدلية موزعة على المحافظات، خرج منها عن الخدمة بشكل نهائي عدليتي الرقة وإدلب وبشكل جزئي عدلية دير الزور، ولكن للأسف كان القضاء هدفاً مباشراً للتنظيمات الإرهابية حيث استهدفت أغلب العدليات وتعرضت للتخريب الممنهج والحرق والاتلاف للأضابير مثل عدلية حلب التي تعرضت للتخريب الكلي، وعدليتي حمص وحماة تعرضت للتخريب الجزئي والحرق، والقصر العدلي بدرعا حُرق مرتين الأولى بـ 20/3 ببداية الأحداث ثم أحرق في الشهر السابع في 2012،بريف دمشق كان القصر العدلي بالظبلطاني وكان هناك صعوبة في الوصول غليه وتم نقله إلى مبنى الجريدة الرسمية في شارع خالد ابن الوليد بدمشق وبقيت أضابيره سليمة ، والسبب في هذا التخريب أن الكثير من الملفات كانت تخص أشخاص من المسلحين هي عبارة عن ملفات مخدرات والتهريب والأخرى التي لها بعد اقتصادي أو مالي وغيرها، ولم يسلم إلا عدليات دمشق واللاذقية وطرطوس والسويداء.
إن معظم العدليات باستثناء الرقة وإدلب عادت للخدمة في مبانيها الرسمية حتى دير الزور أثناء الحصار لم يتوقف العمل فيها وكان يوجد فيها قاضيان أو أكثر ، وفيما بعد وضع برنامج مناوبة للقضاة فيها بما يسمى مبادلة حيث كان يذهب 4 قضاة عن طريق الجو ويتم تبديلهم كل شهرين
وهناك قرار اتخذ مؤخراً من رئاسة مجلس الوزراء لعودة موظفي محافظة دير الزور لمزاولة عملهم في مراكز عملهم السابقة ومنهم القضاة وسيتم تنفيذه في بداية العام ريثما يتم تأهيل منشآتهم، أما بالنسبة للرقة فتم نقلها إلى دمشق وريفها وزاول قضاتها عملهم فيها حتى الآن وكل المعاملات والمراجعين هنا وخاصة القضاة الشرعيين ، وبالنسبة لإدلب فتم نقلهم إلى حماة مع معاملاتهم .
وما يخص ترميم الدعاوي فقد صدر القانون رقم 1 لعام 2016 ووفقاً للمادة 499 من أصول المحاكمات وتعميم وزير العدل فقد سمح للمحامين العامين ترميم الدعاوي دون الرجوع لمجلس القضاء الاعلى وهذا الأمر سهّل على المواطنين ترميم دعاويهم في المحاكم المختصة وسرّع عملية الترميم، وبلغ عدد الطلبات المقدمة لترميم 4000 طلب تم معالجة أغلبها والباقي قيد الدراسة والمعالجة، ولكن نقل الدعاوي فبقي من اختصاص المجلس.
- ما المتغيرات التي فرضتها الأزمة على منهاج عملكم وما المحاكم التي أحدثت خلالها ولماذا ؟
في الأزمة برز نوع من الأشخاص لم يكونوا معروفين من قبل في مجتمعاتنا، ممكن أن نطلق عليهم تجار الحروب والأزمات، حيث تزيد عمليات النصب والاحتيال والابتزاز وأيضاً عمليات الخطف بقصد الفدية وجرائم أخرى لها صفة ارهابية وتخلق الذعر والهلع لدى الناس مثل التفجيرات والاغتيالات نتيجة يمارسها أشخاص مرتبطون بتنظيمات إرهابية ، مما استدعى احداث قانون خاص بها ومحكمة خاصة ايضاً هما قانون الإرهاب رقم 19 لعام 2012 وقانون إحداث المحكمة رقم 22 لعام 2012، وذلك بقصد إحداث محكمة مختصة بقضايا الإرهاب وتأهيل القضاة العاملين فيها ، وتم إحداث 11 دائرة للتحقيق ضمن المحكمة لتسريع عملية التقاضي، وراعت موضوع الأحداث بفرز قاضٍ مختص للنظر بقضايا الأحداث ومعالجتها ، وعندما لاحظنا وجود ضغط أحدثنا غرفة ثانية للجنايات ليصبح فيها غرفتين لجنايات الإرهاب، مع عدد كافٍ من قضاة النيابة العامة والتنفيذ الجزائي.
من جوانب أخرى اتجهت الوزارة نحو التخصص وتأهيل قضاة لذلك، وحتى نبتعد عن التشتت ولتجنب كثرة وتضارب الاجتهادات، تم إحداث محاكم مالية ، ومصرفية، وجمركية، وتموين، والتحقيق المالي، والإدارية، ومحاكم بحرية أيضاً تهتم بقضايا التجارة والنقل البحري ومن الضروري أن تكون قريبة من البحر في محافظتي الساحل، لافتاَ إلى أن الوزارة عنت بالتخصص في المعهد القضائي بعد السنة الأولى حيث يتم تخيير القاضي ووضع البرامج لكل الاختصاصات.
وقال الصمادي : زدنا عدد المحاكم أيضاً لتخفيف الضغط وتسريع العمل والتسهيل على المواطنين، فأحدثنا محمة جنايات ثانية في القصر العدلي، وزدنا عدد محاكم الاستئناف ودوائر التحقيق في بعض العدليات، واحدثنا محاكم استئناف في بعض المناطق بعد أن كان محصوراً بمركز المحافظة، منها ازرع والصنمين بدرعا ، والسلمية والغاب ومصياف بحماة ، وبانياس وصافيتا بطرطوس، وجبلة والحفة باللاذقية، كما أحدثنا محاكم صلح في النواحي، واحدة في عين الشرقية باللاذقية وأخرى في الحواش بحمص، كما زدنا عدد المحاكم الشرعية من 9 إلى 18 محكمة.
- لاحظنا توجه الوزارة لإبراز دور المرأة في مناصب الصف الأول ما رأيكم؟
نحن نعامل المرأة وفقاً لنص دستوري ، وحسب التجربة فقد أثبتت حضورها في كل المناصب التي شغلتها، حيث كنا السباقين في وزارة العدل بأن كانت النائب العام في الجمهورية امرأة وهي الاستاذة غادة ، والآن أعلى سلطة رقابية في البلاد تتبوأها امرأة وهي القاضية آمنة الشماط، والمحامي العام الأول بدمشق توالت عليه أكثر من امرأة، والآن تسلمت غرفة الجنايات الأولى بمحكمة الإرهاب القاضية زاهرة بشماني، وقاضي التحقيق الأول فيها القاضية وسام يزبك، وريما الرفاعي رئيسة نيابة فيها، وبثينة سليمان قاضي تحقيق أول بعدلية دمشق ، ورندة فصيحة رئيسة نيابة دمشق، بالإضافة إلى عدد من القاضيات في دائرة التفتيش القضائي، وكذلك محاكم الأحداث الجماعية دائماً تكون رئيستها امرأة، وهذا ليس غريباً عن وزارة العدل ففي كثير من الأحيان كنا نلاحظ الحزم والعدل والجرأة باتخاذ القرار عندهن أكثر من الرجال.