سيريانديز
بعث انخفاض الدولار أمام الليرة وبدء استعادتها بعض قيمتها الآمال بعد نصر الجيش في الغوطة بحصول انفراج اقتصادي ينعكس إيجاباً على معيشة المواطن عبر تخفيض أسعار السلع، لكن رغم أهمية هذا الحدث في حال تثبت سعر صرف الدولار عند حد معين، تجب الإشارة إلى أن هذا الانخفاض كالارتفاع المفاجئ قد ينعكس سلباً على الاقتصاد بسبب هذه الارتدادات، التي رافقتها جملة من الإشاعات كامتناع تجار الجملة عن البيع ريثما يستقر سعر الصرف، وهنا قد يكون في الأمر مغالطة واضحة باعتبار أن استمرار هذا الانخفاض إلى المستويات التي يتم تداولها سيعرّض المستوردين تحديداً إلى الخسارة، ما سيجعلهم يبادرون إلى بيع بضاعتهم في أسرع وقت، ما يفترض العمل على اتخاذ تدابير سريعة تضمن ثبات سعر الصرف عند حد معين وصولا ًإلى هبوطه تدريجياً بشكل يضمن تحقيق انخفاض أسعار السلع فعلياً وليس وهمياً، فما الغاية إذا هبط الدولار إلى 200 ليرة مثلاً كما يشاع إذا بقيت أسعار السلع على حالها المرتفع، وماذا يستفيد المواطن من هذا السعر المنخفض إذا لم يتم اتخاذ إجراءات فورية تضمن انعكاسه جدياً على جيبه.
لا مصلحة!
لا يبدو واقع أسواق دمشق على أرض الواقع كما يشاع على صفحات التواصل الاجتماعي أو حتى المواقع الإلكترونية من خلال تنبؤات البعض بامتناع تجار الجملة عن البيع وتكديس البضائع في المستودعات، فهذا الأمر قد يلجؤون إليه في حال حصول ارتفاع سعر الدولار وليس العكس، وهو ما تؤكده جولة على بعض أسواق دمشق الشعبية، حيث نفى أحد تجار سوق باب سريجة «ع.هـ» ذلك بتأكيده استمرارية عمليات البيع في محال المفرق والشراء من تجار الجملة، الذين يقومون بعروض مختلفة تشجيعاً للمحال على الشراء، ضارباً مثالاً على ذلك قيام أحد التجار بتخفيض سعر السمنة قرابة ألف ليرة مع إعطاء صندوق مجاني مع كل عشرة صناديق، كما تعهد بعض تجار الجملة الذين يتعامل معهم منذ سنوات بناء على المصداقية التجارية بينهما، إلا أنه في حال هبوط سعر الدولار أكثر قد يتم تعويضه عن الخسارة، ما يعني حسب التاجر أن أسعار السلع قد تهبط تدريجياً وخاصة عند وجود حركة بيع قوية، مشدداً على أنه لا توجد مصلحة لأي تاجر في حال تخفيض الدولار إلى مستويات أكثر كما هو متوقع في الامتناع عن البيع، مرجعاً سبب انخفاض سعر بعض السلع إلى تحرير الغوطة وليس هبوط الدولار، الذي قد يستلزم وقتاً أكبر لانعكاسه على الأسعار، مبيناً أن الانخفاض شمل السلع المستوردة كالزيوت والسكر وغيرها لكن المنتجات المحلية قد لا يطولها التخفيض إلا عند استمرار الهبوط، حيث قد يطرأ على أسعارها بعض الانخفاض تدريجياً.
اسالوا تجار الجملة
في حين أكد أحد الموزعين لمحال المفرق أن التجار لا يتغير عليهم شيء، حيث سيكون الربح من نصيبهم إذا ارتفع الدولار أو انخفض، بينما أكد تاجر آخر عدم حصول انخفاض في أسعار السلع المستوردة على العكس تماماً فقد ارتفع سعرها من دون سبب مبرر، وهنا نسأله عن السبب ليقول: اسالوا تجار الجملة فهم أدرى.
على غير عادته المزدحمة لاحظنا أثناء جولتنا على سوق باب السريجة، قلة عدد المتسوقين مع جمود نسبي في حركة البيع والشراء، وهو ما أرجعه بعض التجار إلى المخالفات الكبيرة التي تعرض لها باعته من الدوريات التموينية، إضافة إلى قدوم موظفي البلديات إلى السوق لإزالة البسطات منه ومنع التجار من عرض المنتجات خارج المحال بعد دفع غرامات مالية كبيرة.
المستوردة فقط!
إشاعة امتناع بعض التجار عن البيع تعد مخالفة كبيرة في حال إثبات ذلك بحيث يعتبر احتكاراً يتسبب في ارتفاع الأسعار ويترك أثراً سلبياً في حركة الأسواق، وهو ما استلزم رأي غرفة تجارة دمشق بهذا الأمر بعد هبوط سعر الدولار المفاجئ أمام الليرة، ليأتي الجواب عبر منار الجلاد عضو مجلس إدارة غرفة تجارة دمشق، الذي نفى هذا الأمر جملة وتفصيلاً، بتأكيده على عدم وجود مصلحة للتجار وخاصة المستوردين في الامتناع عن البيع، ما قد يعرضهم إلى الخسارة الكبيرة.
وعن تأثير انخفاض سعر الدولار المفاجئ في الحركة التجارية قال: انخفاض سعر الدولار المفاجئ يوازي في خطورته الارتفاع المفاجئ، فهذا التذبذب لا يصب في خدمة الحركة التجارية سواء لناحية التصدير أو الاستيراد، فمن المقبول حصول انخفاض طفيف وبالتدريج لكن هذا التذبذب سيكون له انعكاس خطير على التصدير تحديداً، وخاصة في ظل وجود كلف ثابتة لن تهبط حتماً بهبوط الدولار، الأمر الذي يجعل البضاعة السورية في منافسة غير عادلة مع المنتجات الأخرى في الأسواق الخارجية، لافتاً إلى أن السلع ذات المنتج المحلي لن تهبط أسعارها مع هذا الانخفاض الوهمي لكن المستوردة قد تشهد انخفاضاً كالسكر والأرز والأدوات الكهربائية، لذا المطلوب المحافظة على سعر صرف معين، مع أن التذبذب بمقدار 2-3 ليرة مقبول صعوداً أو هبوطاً لكن من دون ذلك سيكون له تأثير سلبي في الأسواق.