سيريانديز
فور تحرير الجيش العربي السوري مدينة الزبداني بريف دمشق الغربي من الإرهاب قبل أكثر من عام ونصف العام تحولت المدينة إلى ورشة عمل على جبهات الخدمات الأساسية كافة فمهدت لعودة 60 بالمئة من سكانها الذين سيحتفلون هذه السنة بأعياد الميلاد ورأس السنة طاوين صفحة الإرهاب.
سريعا أخذت المدينة الجبلية التي تحظى بموقع جغرافي مذهل تستعيد حياتها الطبيعية في الوقت الذي تعكف فيه الجهات المعنية على إنجاز المزيد من المشاريع الطموحة لتعيد إلى المدينة مكانتها وألقها المعهودين.
المهندس باسل دالاتي رئيس مجلس مدينة الزبداني أكد في لقاء مع وكالة سانا أنه منذ إعلان تحرير مدينة الزبداني من رجس الإرهاب منتصف عام 2017 باشرت محافظة ريف دمشق ومجلس المدينة بتأمين كل الخدمات العامة لتسهيل عودة الأهالي إلى منازلهم شملت إصلاح شبكات الكهرباء والمياه والصرف الصحي إضافة إلى فتح الطرقات وترحيل الأنقاض من مخلفات الإرهابيين مضيفا أنه تم التعاقد مع شركات القطاع العام لترحيل الأنقاض من شوارع المدينة حيث تم حتى الآن ترحيل 200 ألف متر مكعب.
ولفت رئيس مجلس المدينة إلى أن عدد العائدين إلى المدينة بلغ نحو5000 عائلة 20 ألف مواطن بنسبة 60 بالمئة من سكانها وذلك بعد تحريرها وكانت العودة من مختلف المناطق وحتى من خارج القطر وخاصة من لبنان.
وأشار دالاتي إلى جملة من المشاريع الموضوعة على خطة التنفيذ منها ما أنجز ومنها يستمر العمل به وتشمل تأهيل وصيانة مدخلي المدينة الجنوبي والشرقي وفق عقد مع مؤسسة الإنشاءات العسكرية إضافة إلى صيانة وتأهيل المباني الحكومية حيث كانت الأولوية لقطاع التربية وتم تأهيل 6 مدارس من أصل 13 مدرسة وتزويدها بكل التجهيزات لتستقبل طلاب المدينة والبلدات المجاورة بينما كان المشروع الثاني المهم هو تأهيل المجمع الحكومي وبعد الانتهاء من ترميم مقر مبنى مجلس مدينة الزبداني تم الانتقال لتأهيل المجمع الحكومي وتبلغ قيمة العقد الموقع مع مؤسسة الإنشاءات العسكرية 150 مليون ليرة وهو في مراحله النهائية ويتوقع مع بداية العام القادم وضعه بالخدمة.
ويضم المجمع جميع دوائر الدولة في الزبداني من مديرية المنطقة ومخفر الشرطة وشعبة التجنيد ودائرة الأحوال المدنية وشعبة التموين ومجمع المحاكم.
ومن المشاريع الأخرى اللافتة في الزبداني مشروع إنارة الشوارع بالطاقة الشمسية ويشير المهندس دالاتي إلى أنه مع بدء الموسم السياحي الصيف الماضي تم تنفيذ مشروع إنارة الشوارع بأجهزة الطاقة الشمسية وشمل مدخل المدينة الرئيس حتى ساحة جامع الهدى ومنها إلى ساحة المهرجان وشارع الكورنيش حتى الساحة العامة وساحة جامع بردى.
ويوضح المهندس دالاتي أنه في قلب الزبداني هناك جزء يعرف بالبلدة القديمة أصابه تخريب كبير على يد الإرهابيين واتخذ قرار بشأنه من قبل مجلس المدينة والمحافظة بإعادة تأهيله من جديد وباشرنا بإعداد المخططات اللازمة للمشروع وأطلقنا عليه اسم مشروع الضيعة وهذه المنطقة معروفة لأهالي الزبداني بالضيعة وسيتم ترميمها على نموذج دمشق القديمة “الأسواق مسقوفة والشوارع مرصوفة بالحجر البازلتي الأسود” وسيكون لها مداخل مخصصة للمشاة حصرا وستشهد إقامة فعاليات اقتصادية وترفيهية وتجارية وحاليا بصدد وضع الآلية لتنفيذ المشروع بين مجلس المدينة والمالكين وخلال شهرين سيتم إنجاز الدراسات الفنية والقانونية ليتم إعلانه للاستثمار.
وفي زحمة المشاريع والعمل المتواصل لإنجاز ما تبقى من خدمات تتحضر الزبداني للاحتفال بالأعياد ويقول المهندس دالاتي: حرصنا على المشاركة باحتفالات الميلاد ورأس السنة التي هي أيضا احتفال بانتصار المدينة على الإرهاب ونحن بصدد إقامة شجرة عيد الميلاد في ساحة سوار الشام التي شهدت افتتاح مهرجان دمشق السياحي الثاني الصيف الماضي.
وتؤكد عودة المدارس بعد تأهيل العديد منها لاستقبال الطلبة من مختلف المستويات التعليمية أن المدينة ماضية على الطريق الصحيح للتعافي من الإرهاب.
وتقول مديرة المدرسة المحدثة الثانية:”كنا في الفترة السابقة في مدرسة في بلدة بلودان المجاورة ومع تأهيل المدينة وافتتاح مدارس عدة سارعنا للعودة ولدينا اليوم 500 طالب بدوام على فترتين والكادر التدريسي كامل ووزارة التربية ترفدنا بكل الوسائل التعليمية والتجهيزات والأثاث وبالطبع تأمن الوقود للتدفئة”.
مدينة الزبداني منطقة زراعية اشتهرت ببساتينها وفواكهها ولذلك كانت هناك عناية مركزة لإعادة النشاط الزراعي بدعم المزارعين بشتى الطرق حسب رئيس دائرة الزراعة في منطقة الزبداني المهندس أحمد الزاقوت الذي بين أن هناك نشاطا كبيرا لإعادة استصلاح سهل الزبداني بعد توفير وزارة الزراعة الآليات اللازمة حيث تم استصلاح 1500 دونم إضافة إلى 1500 دونم بآليات القطاع الخاص كما تم دعم الفلاحين بتقديم 52 ألف شجرة تفاح مجانا كمنحة مقدمة من الأمم المتحدة و400 منحة كحدائق منزلية مع أسمدة وشبكات تنقيط مشيرا إلى أن العمل قائم لتأمين 30 ألف شجرة إجاص مجانا.
وأوضح المهندس الزاقوت أنه سبق هذه المنح إعداد إحصاء شامل للأضرار التي ألحقها الإرهابيون بالغطاء النباتي والآبار والطرقات والمنشات الزراعية وأعددنا تقريرا بالأضرار وتم توزيع المنح بناء على جداول دقيقة كما انتهينا من مشروع دعم 400 أسرة شملت الزبداني ومضايا وبقين إضافة إلى مشروع الأشجار المثمرة الذي استفاد منه 700 مزارع على مساحة 11 ألف دونم كما وزعنا نحو 83 منحة نحل و83 عزاقة للمتضررين و52 طن أسمدة مجانا و20 ألف شجرة من وزارة الزراعة بقيمة رمزية مبينا أن لدى دائرة الزراعة العديد من المشاريع الطموحة ستغير مسار الإنتاج في المنطقة وتفتح آفاقا جديدة حيث نسعى الإنجاز شبكة تنقيط واحدة تخدم بآبار جماعية بعد إلغاء الآبار الخاصة التي تستنزف المخزون المائي كما أننا بطور تشكيل 27 جمعية تستفيد من المياه بانتظار الموافقة من وزارة الموارد المائية إضافة إلى مشروع دعم الزبداني مرحلة ثانية والذي يشمل 3 بيوت بلاستيكية لإنتاج الغراس.
وضمن التطلعات أيضا يقول المهندس الزاقوت حاليا نسعى للتغيير بالأصناف المعروفة بالزبداني وإدخال أصناف جديدة محسنة عالميا من التفاح وهناك دراسات إدخال أصناف غير موجودة وتناسب منطقتنا مثل شجرة الكستناء والوردة الشامية.
تتدفق الحياة في شوارع الزبداني بشعور من الأمان والأمن يتلمسه كل من يزور المدينة من خلال ممارسة الأهالي أعمالهم ونشاطاتهم اليومية يقول حسان الشمالي من محله لتصليح السيارات:”العمل يتحسن تدريجيا الأهالي رجعوا إلى بيوتهم.. سيارات كثيرة وتصليح كثير”.
ويقول مازن درساني الذي كان يشتري البرتقال من سيارة جوالة: “الأمور جيدة الجميع انطلقوا إلى أعمالهم وتحضيرات قائمة للاحتفال بالأعياد، الناس مسرورة”.
ومن أمام بيت النار في أحد المخابز لتحضير الفطائر يؤكد العامل بهجت الشمالي: “أن العمل كثير.. رجعت الأمور طبيعية” فيما تؤكد المهندسة فاطمة الخوص عودة الحياة الطبيعية للمدينة:”إن العديد من المسافرين خارج البلد عادوا كما عادت المهرجانات إلى صيف الزبداني وكذلك الحركة العقارية والسياحية”.
وكغيرها من البلدات تعيش المدينة فرح انتصار الجيش العربي السوري في معركته ضد الإرهاب وتتحضر للقاء الأإعياد بأبهى حلة وينكب عمال البلدية على إنجاز شجرة الميلاد في الوقت المحدد.
يقول الياس داوود أبو عيسى من ساحة سوار الشام في مدخل الزبداني قبل أن يغزو الإرهاب المدينة كنا كل سنة ننظم كرنفالا وهذه السنة وبعد عودتنا إلى بيوتنا سنعوض كل ما فاتنا من فرح، سنعمل ليل نهار لتزيين الشجرة وتحضير الهدايا.
بدوره حبيب حبيب يوضح وهو يقوم بلحم الحديد لصنع نجمة كبيرة أن الشجرة بارتفاع 12 مترا معربا عن أمله أن تنشر الفرحة في المدينة وجوارها.