سيريانديز
لم يكن يوم الخامس من أيلول من عام 2017 يوما عاديا بالنسبة لمحافظة دير الزور بل كان يوما عظيما تحقق فيه إنجاز كبير تمثل بكسر حصار فرضه تنظيم “داعش” الإرهابي بدعم أمريكي مباشر على أهل المدينة وحاميتها من رجال الجيش العربي السوري الذين خاضوا أشرس المعارك حتى دحر الإرهاب عنها وإنهاء ثلاث سنوات عجاف مرت على المدينة.
في مثل هذا اليوم قبل عامين وعند الساعة الثانية من بعد الظهر تمكنت وحدات الجيش التي قطعت مئات الكيلومترات من فك حصار جائر عن مدينة دير الزور التي عانت من إرهابيي “داعش” لأكثر من ثلاث سنوات ليكون الحصار الأطول لمدينة عبر التاريخ مارس خلاله التنظيم التكفيري أبشع الجرائم بحق المدنيين الذين تجاوز عددهم الـ 70 ألفا حيث منع عنهم الماء والطعام وأطلق باتجاههم آلاف القذائف حصدت أرواح المئات منهم وأصابت الآلاف لكن صمود رجال الجيش والتفاف أبناء دير الزور حولهم أنتج نصرا أبهر العالم كله.
ومنذ الساعات الأولى لكسر الطوق عن مدينة دير الزور بدأت الدولة على الفور وعبر الجهات الحكومية المعنية بالتعاون مع الفعاليات الأهلية والمنظمات الشعبية والنقابات بالعمل على إعادة الحياة للمدينة وريفها فتكاتفت الجهود ودارت عجلة الإنتاج وتم تشكيل لجنة وزارية لإعادة تأهيل البنى التحتية والأبنية الحكومية والمرافق الأساسية في المدينة.
وانطلقت الأعمال في قطاعات الكهرباء والماء والاتصالات والمدارس لتأمين عودة كريمة للأهالي الأمر الذي ساهم بعودة سريعة لعدد كبير من الأهالي إلى قراهم ومناطقهم بعد سنوات من التهجير هربا من جرائم الإرهابيين.
وعمدت وحدات الجيش إلى تأمين المناطق المحررة بمختلف مناطقها وطرقها من العبوات الناسفة والألغام وتم تأمين آلاف الكيلومترات من الطرق البرية الرئيسية التي تصل المحافظة بالمحافظات الأخرى لتسهيل عودة أهالي دير الزور إلى منازلهم في الأحياء المحررة من المدينة والريف الممتد بالجهات الأربع.
وبحسب البيانات الصادرة عن المحافظة بلغ عدد المواطنين الذين عادوا إلى منازلهم في محافظة دير الزور منذ بداية فك الحصار ولغاية الآن أكثر من مليونين ومئتي ألف مواطن توزعوا في المدينة وريفها.
وبدأت المؤسسات الخدمية والدوائر الحكومية بالعودة إلى المحافظة بشكل مكثف حيث تم تفعيل عمل الوحدات الشرطية والشؤون المدنية والهجرة والجوازات والمصارف والبريد ووحدات الإطفاء ومجالس المدن والبلديات بالتوازي مع قيام ورشات إعادة الإعمار بإزالة الأنقاض وفتح الشوارع واستبدال خطوط وصيانة شبكة الصرف الصحي وتأهيل الدوارات والمنصفات الطرقية والحدائق وتركيب مجموعات الإضاءة بالطاقة الشمسية.
أبناء دير الزور يستذكرون يوم كسر الحصار وفرحة النصر العظيمة بمزيد من الفخر والاعتزاز وعن ذلك اليوم يقول صالح أبو شكير: “لا يمكن أن ننسى ذلك اليوم الذي انتظرناه طويلا والذي أزال فيه ابطال الجيش عنا غمامة الإرهاب البغيض وتحقق النصر لدير الزور بفضل دماء الشهداء الذين نوجه التحية لأرواحهم الطاهرة” ويضيف إن دير الزور “اليوم وبعد عامين على فك الحصار عنها عادت لتنبض بالحياة مع عودة جزء كبير من أحيائها المحررة إلى وضعه الطبيعي نتيجة الجهود الحكومية الكبيرة والدعم الذي حظيت به المحافظة”.
وتؤكد بدور السيد أن دير الزور “التي انتصرت على الإرهاب وداعميه قبل عامين تعيش حركة كبيرة لإعادة الإعمار وإزالة ما خلفه الإرهاب من تدمير ممنهج طال البنى التحتية والمرافق العامة فنبض الحياة عاد إلى معظم أرجاء المحافظة التي عاد اليها أهلها بعد طول غياب”.
ما تحقق بدير الزور يكتب بأحرف من نور فرجال الجيش العربي السوري بذلوا أرواحهم في سبيل كسر الحصار عنها فعاد الأمن والأمان وانتهت معاناة سنوات من الألم والجوع والحرمان والخوف من قذائف الغدر التي حصدت أرواح وأجساد الكثير من أبنائنا يقول زياد الجازي: “ما نراه اليوم على أرض الواقع من إنجازات لم نكن نتخيل أن نصل إليه قبل سنتين فالحياة عادت كما كانت وعجلة العمل مستمرة ولن تتوقف”.
ويأمل محمود الحسين أن يتم “الإسراع بإيصال الكهرباء إلى ما تبقى من الأحياء المحررة كي تكتمل فيها صورة الحياة بعد أن تم تأهيل معظم البنى التحتية فيها ولا سيما حي الحميدية الذي يعد الأكثر حيوية في المدينة”.
وكسر الجيش العربي السوري في الخامس من أيلول قبل عامين الحصار عن مدينة دير الزور بعد التقاء وحدات الجيش والقوات الرديفة والحليفة المتقدمة من الجهة الغربية مع أبطال الجيش الذين صمدوا ودافعوا عن المدينة في وجه الإرهابيين طوال فترة الحصار وفور التقاء القوات عمت الاحتفالات في مدينة دير الزور ابتهاجا بالنصر المؤزر للجيش العربي السوري.