دمشق- سيريانديز
تم تحديد اعتمادات أولية لموازنة العام القادم 2020 بـ 4 آلاف مليار ليرة مقارنة بـ 3882 مليار لموازنة العام 2019، وهذه الاعتمادات الأولية موزعة بين اعتمادات جارية واستثمارية حيث وصل فارق الزيادة مقارنة مع موازنة العام الماضي أكثر من 3 بالمئة.
موازنة العام القادم كما يصفها أصحاب القرار الاقتصادي هي موازنة الاستجابة لمتطلبات الأزمة وتتمتع بالمرونة فبعد تسع سنوات من الحرب على بلدنا هناك موازنة ونتائج واضحة مقارنة بدول تتمتع بالاستقرار، وهذا ما يعكس قوة الدولة السورية والمؤسسات الاقتصادية، فهناك قدرة على إنتاج أرقام نستطيع وضعها على الطاولة واتخاذ القرار الاقتصادي المستقل.
فعلى المستوى الكلي يتضح التزام الحكومة بالبعد الاجتماعي وتأمين كتلة الرواتب على الأقل لتأمين الحد المعقول للوضع المعيشي دون اللجوء إلى فرض ضرائب ورسوم جديدة، حيث لم يتم المساس بالاعتمادات المخصصة للدعم الاجتماعي المقدم للمواطنين، وكان الأكثر وضوحا فيها هو البعد الخدماتي والاستثماري أيضا، على اعتبار أن توفير الخدمات خاصة الكهرباء والماء هي القطاعات الحاملة للقطاع الاقتصادي بعد الدمار الذي أصاب البنى التحتية.
ما يميز الموازنة - وفقاً لأصحاب القرار الاقتصادي - هو التركيز على الاحتياطي الذي وصل إلى أكثر من 700 مليار ليرة لأنه يتم التعامل مع مستجدات يومية تقريبا ولكي لا تتغير بنية الموازنة أعطى هذا الاحتياطي المرونة اللازمة للتحرك باتجاه تحسين القطاعات الإنتاجية. ربما يتساءل كثيرون عن تمويل الموازنة وهل هناك أموال متوافرة لمنح كل وزارة اعتماداتها خاصة في ظل نقص الموارد وتراجع الإنتاج والدمار الكبير الذي لحق بالبنى التحتية والإنتاج ومختلف القطاعات الاقتصادية.
هذا وقد كانت الحكومة حددت سعر صرف الدولار في موازنة الدولة للعام 2020 بـ 435 ليرة وسعر صرف اليورو بـ 491.55 ليرة حيث يرى خبراء اقتصاديون أن تحديد سعر الصرف بهذا المستوى «هو تصميم على مواجهة التحديات التي تتعرض لها سورية جراء الحصار والعقوبات الغربية المفروضة على الاقتصاد الوطني والحملات الخارجية المدعومة من دول إقليمية ودولية للضغط على سورية اقتصادياً»، لكن بالمقابل تثبيت الحكومة لسعر صرف الدولار في الموازنة العامة للدولة 2020 بشكل متطابق مع سعره في موازنة العام 2019 يحمل الحكومة في المقابل مسؤولية كبيرة تتمثل في استمرار العمل على إعادة سعر الصرف إلى مستوياته السابقة قبل محاولات المضاربة الأخيرة، لما لذلك من تأثيرات على تنفيذ خطط الوزارات الاستثمارية في العام القادم وفقاً لما هو مخطط له، واستمرار سعيها لتحقيق استقرار معيشي وإعادة أسعار السلع والمواد إلى مستوياتها السابقة.
تحقيق كفاءة وفعالية أكثر في أداء الأنشطة الحكومية وتحديد الأولويات بين البرامج والمشروعات الحكومية، وتوظيف الموارد بالشكل الأمثل، هناك ضرورة لتركيز الوزارات الخدمية على توظيف الموارد المخصصة لها في مكانها الصحيح، وإعادة تأهيل المؤسسات المتوقفة وتوسيع القاعدة الاستثمارية لتحسين الخدمات المقدمة للمواطنين، أي «إن المرحلة القادمة ستشهد تحسناً في العملية التنموية بما ينعكس إيجاباً على الاقتصاد بكل مكوناته
لكن أكثر مايميز موازنة العام 2020 - وفقا لمصادر مطلعة في وزارة المالية هو الاستمرار بالدعم الاجتماعي فالدعم ظهر بأنه أقل لكن في الحقيقة هو عكس ذلك وتم تعديل الأرقام بشكل سليم.
وحصلنا على كل الأرقام من قطاع النفط الذي كان يدخل في الموازنة العامة على شكل إنفاق وواردات في الطرف الآخر، فتم ادخاله بشكل جيد هذا العام للوصول إلى البيانات الفعلية عن النفط وتكاليفه وما يدخل في فروقات الأسعار حيث صححنا هذا الرقم بالكامل بعد تحرير العديد من المناطق فاستطعنا تصويب قطاع النفط وإظهاره في الموازنة وبالتالي تقييم أداء القطاع النفطي بشكل افضل وللعلم «فإن 80 % من الكتلة المالية المخصصة لوزارة النفط العام القادم تتركز في القطاع الإنتاجي وعمليات الحفر والاستكشاف وتأمين مستلزمات الإنتاج والمؤسسة العامة للنفط بشقيها السورية للنفط والشركة السورية للغاز».
بداية الأسبوع الحالي تم مناقشة الاعتمادات الأولية للموازنة والخطط الاستثمارية للوزارات والجهات التابعة لها في المجلس الأعلى للتخطيط الاقتصادي والاجتماعي، متضمنة ترتيب أولويات الإنفاق الاستثماري والجاري في الموازنة العامة للدولة لعام 2020، لتسهم بتعزيز الصمود وتوفير الاحتياجات الأساسية ودعم القطاع الإنتاجي الزراعي والصناعي، والاستمرار بإعادة الخدمات الأساسية للمناطق التي تم تحريرها من الإرهاب لتأمين عودة الأهالي إليها وتأمين مستلزمات الإنتاج والطاقة وتحسين واقع الخدمات
وبلغت مخصصات الاعتماد الجاري في الموازنة العامة للعام القادم 2700 مليار ليرة، والاستثماري 1300 مليار ليرة، وتؤمن الموازنة أكثر من 83 ألف فرصة عمل، وتم تخصيص 40 مليار ليرة لدعم القطاع الزراعي والصناعي الإنتاجي، وبلغت قيمة الدعم الاجتماعي 373 ملياراً موزعة على الدقيق التمويني والإنتاج الزراعي والمشتقات النفطية والصندوق الوطني للمعونة الاجتماعية
وتم رصد مبلغ احتياطي لمواجهة أي متغيرات بقيمة تخطت 700 مليار ليرة، كذلك تم تخصيص 50 مليار ليرة لإعادة الإعمار، و25 مليار ليرة لتسديد ديون القطاع العام للتأمينات الاجتماعية. واللافت في موازنة العام 2020 هو فتح الباب واسعا أمام دعم القطاعات الإنتاجية خاصة الزراعة، مع التركيز على المشروعات الاستثمارية ذات الأولوية التي تحقق الأمن الغذائي والديمومة وتنعكس بشكل مباشر على تحسين المستوى المعيشي للمواطن، وهنا تؤكد مصادر مطلعة في وزارة الزراعة أنه تم إضافة 8 مليارات ليرة زيادة عن الخطة المعتمدة، وأبرز ماتم اعتماده في هذه الخطة هو التركيز على الاستمرار بالبرامج الحكومية لجهة تطوير المؤسسات الانتاجية «كمؤسسة المباقر والدواجن وإكثار البذار والأعلاف» لما لها من دور كبير في زيادة نسبة مساهمة هذه المنتجات بتأمين جزء من احتياجات السوق السورية.
هناك «قواعد» محددة لتنفيذ المشروعات الاستثمارية لمختلف الوزارات عند الموافقة على موازناتها التقديرية للعام القادم وعند إضافة مايلزم لتنفيذ هذه المشروعات ومن أهم هذه القواعد دراسة أولويات المشاريع لكل وزارة، وإلغاء المباني الإدارية من الاعتمادات وثم استكمال المباني التي تم البدء بتنفيذها لأغراض استثمارية فقط.
طبعا والاعتماد «مفتوح» لتنفيذ مشروعات وزارة الزراعة خاصة لجهة دعم الإنتاج، مع التأكيد أن الحكومة مع الاتحادات والقطاع الخاص شركاء في وضع النقاط الأساسية للعمل والتخطيط فيما يتعلق بالتنمية الشاملة، والاستخدام الأمثل للموارد الموجودة لتحقيق أفضل النتائج بالخطط والبرامج الموضوعة.