سيريانديز – آية قحف
قبل أيام استجوب وزير النقل المهندس علي حمود تحت قبة مجلس الشعب ، والسبب يعود لملفات فساد طالت قطاع الطيران الجوي ، صفقات مشبوهة خاضتها الوزارة أثارت الاستغراب والريبة ، فكان لا بد من المتابعة وتقصي الحقائق لأن كل ما حصل هو سوء إداري بحت وهدر للمال العام ، ولكن لاحظنا تعتيم كبير على ما حدث في جلسة الاستجواب ، فلم يصدر سوى عناوين عريضة تثبت اغلاق الملف ؟!! .. ولكن ما حصل في الداخل لم يستطع أحداً معرفة الكثير عنه ؟!
ومن هنا بين عضو مجلس الشعب الدكتور صفوان القربي رئيس لجنة الخدمات في المجلس في حديث أجرته معه إذاعة "سورية الغد" بأنهم على مدى ثلاثة أشهر وهم يجتمعون مع وزارة النقل و كوادرها للإضاءة على ملف القطاع الجوي وهمومه من حيث تحسين المطارات ومعالجة نقص الطائرات وضرورة البحث عن الاستئجار أو الشراء ، مع إصلاح المتوفر من هذه الطائرات بقصد التحفيز ، مبيناً بأنه الاجتماعات مع الوزارة لم تعط نتيجة ، وحدث تقاطع معطيات ومعلومات عن تحليق للفساد والفوضى في هذا القطاع .
وتابع القربي أنه تمت دعوة الوزير وكوادره إلى لجنة الخدمات للتدقيق في هذه المعطيات وحصلت مراسلات وطلب وثائق وعقود على مدى الأشهر الثلاثة ، فجهزت لجان مصغرة وموسعة وتمت الاستعانة بخبرات متخصصة عملت بهدوء لتكن النتيجة بضرورة الاستجواب لتصويب الأداء وضرورة إعادة الهيكلة الجريئة لهذا القطاع .
واضاف القربي بأن السورية للطيران طالها حصار وعقوبات خارجية ، ولكن الاسوأ هو الحصار الداخلي المتمثل بالكسل وقلة الحيلة في التعامل مع الواقع ، لذلك وصل القطاع في بعض الأحيان لنسبة صفرية في الطيران الجوي ، مبيناً بأنه كان لا وجود لقطاع خاص في الطيران إلى أن دخلت شركة أجنحة الشام وبعدها فلاي داماس على الخط ليخفف وجودهم من آثار الحصار ويقلل الأذى المعنوي الناتج عن السفر عبر مطار بيروت وغيرها ، مستنكراً عدم وجود آلية عقدية قانونية منظمة للعمل بين القطاعين العام والخاص والمضحك بأن عدد الطائرات هو طائرتان للسورية وأربع أخرى للأجنحة المعنى بأنه لا يوجد اسطول جوي حتى نعجز عن تنظيم العلاقة بينهما وهذا ما ترك مجالا واسعا للارتجال غير البريء والبحث عن السمسرة .
وعن ملف شركة أجنحة الشام للطيران ، أوضح القربي بأن الشركة هي شركة وطنية وكانت رديفاً للسورية للطيران منذ افتتاحها ، ولكن الجلي بأن وزارة النقل لم تجد آلية تكامل وتناغم مع القطاع الخاص ، فمثلا أبرمت السورية للطيران اتفاقا مع الأجنحة منحت بموجبه السورية الحق في حجز وبيع عدد من المقاعد على متن الأجنحة بسعر مخفف بالإضافة لإعطائكم مقاعد 10 مقاعد مجانية ولكنهم رغم كل هذه التسهيلات لم يستفيدوا من العقد بسبب الكسل وسوء الإدارة ، لتتفاجأ أجنحة الشام فيما بعد بطلب الوزارة التعويض التجاري " كاش " خلافاً للاتفاق الرسمي وهذا أحد نماذج الارتجال والابتزاز .
ونوه قربي بأن الوزير حمود بين عدم وجود عقود ناظمة بين القطاعين العام والخاص لكن عند التدقيق تبين وجود قائمة طويلة من العقود التجارية الناظمة ، وفي عام 2018 توقفت شركة فلاي داماس بعد 3 سنوات من عملها لتقدم كتاباً واضحاً تؤكد تتهم فيه عملية الابتزاز وطلب المحاصصة التي تعرضت لها من قبل أحد موظفي وزارة النقل الذي يسمى مدير الصفقات في الوزارة بعيدً عن الأجواء وهو على صلة قوية بالوزير حمود ، والشركة الآن عليها ديون 350 الأف دولار للوزارة وطائرتها محتجزة .
وأما عن ملابسات شراء طائرة مدنية خاصة وتعثر عقدها ، أشار القربي إلى أن الشركة التي تم التعامل معها غير مستقرة أو معروفة وهي شركة غزال غلوبال مقرها في الإمارات الشركة الوسيطة التي تعمل في الغذائيات غيرت اسمها 3 مرات خلال شهر ، ولكن الواقع كان بحاجة إلى مرونة ومع التدقيق وجد بأن سعر الطائرة لم يكن معقولاً وزاد عن سعرها الحقيقي بما يقارب 25% ، مضيفاً بأنه تم دفع 75% من قيمة الطائرة ولم تأت ، ليعرف بأنها تطير في مطارات أمريكا اللاتينية .
واستنكر القربي تسليم هكذا مبلغ دون ضمانات مع العلم أنه كان بالأمكان الزام الشركة بدفع غرامات لأنها أخلت بالعقد ولكن تبين بأن الكفالات المصرفية لم تكن صحيحة وبالتالي لم تتمكن الوزارة من ملاحقتها لتحصيل غرامات التأخير وفوات المنفعة وهذا يعود لسوء إدارة عقدية ومالية وقانونية ، وفي النهاية لولا وجود وسطاء وطنيين لما تم استعادة المبلغ المدفوع ، لأن الشركة أنها تتبع أسلوب / اضرب واهرب/ ومن ثم لا تجد لها عنوانا لأنها تتبع أسلوب الصفقة الواحدة ، موضحاً بأن سبب التعامل مع هكذا شركات والابتعاد عن التعامل مع الشركات الإيرانية الصديقة الداعم الأساسي وربما الوحيد للسورية للطيران هو بدافع السمسرة والعمولة ، لأن الغريب بأنه هل يعقل دفع 75% من قيمة الطائرة دون معرفة مصير العقد ؟
وأما عن ملف طائرات اي تي ار ، لفت القربي بأنها باشرت عملها في عام 2008 لتتوقف عن الخدمة عام 2014 بسعر 60 مليون دولار ، وفي عام 2018 تعاقدت الوزارة مع شركة أسيمان الإيرانية الصديقة لتعمير كل محرك بمليون و250 ألأف دولار على ان يدفع نصف المبلغ أولاً والبقية عند التسليم دون أجور فقط بسعر القطع ، وتم الانتهاء من تعمير المحرك شهر 1 عام 2019 ، ولكن السورية للطيران لم تكمل المبلغ ولم تستلم المحرك ، اللافت بأن مجموعة محركات بحاجة لصيانة وليس واحداً فقط وهذا يدل على عدم قراءة المشهد بشكل صحيح لان الصيانة لن تكون نافعة لعدم شموليتها ، مع العلم بأن تصديق العقد مع الشركة الإيرانية من قبل الوزارة استغرق سنة و3 أشهر وبعد التصديق لم ينفذ العقد ، وبالمقابل مع شركة غزال غلوبان استغرق 48 ساعة !!!!!
وعما حصل في جلسة استجواب وزير النقل ، أوضح القربي بأن الاستجواب حالة صحية وليس تشويهاً ، وقبل الدخول للجلسة سألأه أحد الزملاء عن مدى تأكده من وجود فساد مالي يستدعي استجواب وزير النقل ، لتكن إجابة قربي
بالإيجاب الحتمي وأن الهدف هو تصويب الأداء وربما استرجاع بعض الأموال المسروقة ، ولكن الوزير كغيره في الاستجواب السابقة نشط وتواصل مع أعضاء مجلس الشعب وخاصة لجنة الخدمات ، وكأن هناك كوارث حصلت وهذا سماه القربي سماه نوع من أنواع الاسترضاء ، وأثناء الاستجواب تحدث الوزير عن خطط الوزارة ووضع الحرب كشماعة لأي تقصير ، ولمن بحسب القربي كان هناك مجالاً للمناورة والاتفاق على هذه العقوبات لو كانت النية مخلصة .
وأكمل القربي بأن الوزير لم يجب على أي سؤال جوهري طرح ، وكان هناك التفاف على الأسئلة وهروب من الإجابات المحرجة ، ولكن الاستجواب وضح الصورة وتم الإضاءة على هذا الملف ووصلت الرسائل من أجل ضرورة الإصلاح الهيكيلي في ملف الطيران الجوي ، وهذا الملف سيكون على طاولة الجهات المعنية المؤتمنة على هذا الملف لتنظيم عمل قطاع النقل الجوي .