سيريانديز
بين وزير الزراعة المهندس محمد حسان قطنا أن أولويات وزارة الزراعة هي أن نواجه تحديات قد واجهتنا سابقاً وهي ذات أهمية وأولوية كبيرة وأولها التحديات الناجمة عن استثمار الموارد الأرضية والمائية, في ظل الحرب وفي ظل العقوبات الاقتصادية على سورية تراجعت المساحات المزروعة بشكل كبير نتيجة تراجع القدرة على تأمين مستلزمات الإنتاج الزراعي وارتفاع أسعارها والتي أدت إلى تراجع المساحات المزروعة وعدم قدرة الفلاحين على تأمين هذه المستلزمات من حيث الكم والنوع والفترة المحددة لاستخدامها، الأمر أدى إلى تراجع كميات الإنتاج الزراعي بشقيه النباتي والحيواني ومردوديتها ، والذي أثر بشكل كبير على تأمين الغذاء للسكان ، بالإضافة إلى حدوث نقص في المخزون من المحاصيل الاستراتيجية الرئيسية وعدم توفر المنتجات الزراعية في الأوقات الملاءمة للسكان وبالتالي تراجع مستويات الأمن الغذائي بشكل كبير.
وأكد قطنا أن الحرب الظالمة على سورية أدت إلى تدمير مصادر الري وشبكات الري الحكومية وتضرر الآبار التي تستجر منها المياه لري المساحات المزروعة، فأصبحت معظم المساحات تزرع بعلا وبالتالي انخفاض المردود من الإنتاج بحدود 50% من المساحات المروية, الأمر الذي ساهم بتراجع الإنتاج الزراعي المتاح للسكان وأصبحنا أمام حلقة مفرغة من تراجع الأمن الغذائي والمائي وعدم توفر حاجة السكان من المياه الصالحة للشرب في بعض المناطق, والمياه الصالحة للزراعة في مناطق أخرى, في حال توفرها.
وقال قطنا في كلمة له أثناء مؤتمر منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة " الفاو" الخامس والثلاثون الذي عقد قبل أيام: هذا يعني أننا بحاجة كبيرة إلى تقديم الدعم للفلاحين وتشجيعهم على استثمار أراضيهم, وذلك من خلال إعادة تأهيل شبكات الري الحكومية، والتدريب على المعايير الفنية والتطبيقية التي يجب اتباعها للعودة إلى الاستثمار الزراعي، وتأمين مستلزمات الإنتاج بشكل مستدام ، وضمان تصريف المنتجات الزراعية في الأسواق وذلك نتيجة الصعوبات الكبيرة في وصول بعض المنتجات إلى الأسواق، بسبب ارتفاع تكاليف النقل وأسعار المحروقات وعدم وجود تنظيم متكامل لأسواق الجملة، الأمر الذي يدعونا لتنظيم الأسواق وسلاسل القيمة للمنتجات الزراعية بحيث نحقق التكامل ما بين مراحل(الإنتاج ـــ التسويق) ، والتكامل مابين القطاعات الثلاث ( الري ـــ الزراعة ـــ الصناعة ) بما يحقق قيمة مضافة للمنتجات.)
وكشف قطنا خلال كلمته أن هناك مشاكل بيئية تواجه القطاع الزراعي ناجمة عن نشوب الحرائق في مناطق الغابات , أو في الأراضي الزراعية التي يملكها المزارعين بالإضافة إلى بعض الأشجار المثمرة ، ولكنهم وخلال هذه الفترات من العام يقومون بحرق بقايا المخلفات الزراعية والتقليم لتحضير الأرض للزراعة الامر الذي يؤدي الى امتداد هذه الحرائق إما لبساتين الأشجار المثمرة أو لمناطق الغابات، مما يؤدي إلى خسارة التنوع الحيوي في مناطق الغابات العذرية الموجودة في بلادنا، خاصة وأن مساحتها قليلة للأسف نسبة إلى المساحة الإجمالية لسورية، قائلاً: علينا أن نحمي هذه الغابات من التعديات والحرائق من خلال تقنيات الإنذار المبكر لتجنبها، بالإضافة إلى أهمية تنفيذ برامج تدريب لكيفية التعامل مع هذه الحرائق للحد من انتشارها وتطويقها أثناء حدوثها، ومن ثم كيف يمكن لنا أن نعيد تأهيل المناطق المحروقة من خلال تطبيق المعايير البيئية في إعادة التحريج مع مراعاة المعايير البيئية التي يجب اتباعها للحفاظ على الغطاء النباتي ، وبالتالي هناك جهود كبيرة يجب أن نبذلها لإعادة تأهيل هذه المواقع ، وهذا لا يمكن الا من خلال تقديم الدعم من المنظمات الدولية لإيصال التجربة الدولية في طريقة مكافحة الحرائق ، بالإضافة إلى أهمية توفير المستلزمات والمعدات و الآليات المتطورة التي يمكن أن تساعد على ذلك ، وتدريب الكوادر الفنية على تطبيق البرامج المتطورة في مكافحة الحرائق.
وبين قطنا في كلمته أن التنمية الريفية تعتبر أحد المفاصل الرئيسية في سورية ومنذ عشرين عاماً قامت وزارة الزراعة بتنفيذ العديد من مشاريع التنمية الريفية التي كان لها آثار إيجابية كبيرة بالتعاون مع مجموعة من المنظمات والصناديق الدولية في عدة مجالات (استصلاح الأراضي ـــ تنمية المجتمع المحلي ـــ تطوير الإنتاج الزراعي ـــ الثروة الحيوانية) ، وكان لمنظمة الفاو دور كبير في هذا المجال خاصة في فترة الحرب على سورية من خلال تنفيذ العديد من المشاريع التنموية (الزراعات الأسرية ـــ الصناعات الغذائية للمنتجات المنتجة من الزراعات الأسرية وايصالها إلى الأسواق بحيث تطابق المواصفات القياسية السورية ــــ تحصين الثروة الحيوانية وتلقيحها للوقاية من الأمراض والوقاية من الجائحات).
وتابع قطنا: ومع ظروف الحرب التي عانت منها سورية جاء كوفيد 19 ليزيد الأثر أثرا فقد تضرر المجتمع السوري بشكل كبير في كافة مستوياته سواء، وقد اتخذت الحكومة كافة الإجراءات اللازمة للحد من انتشار هذا المرض من خلال منع التجول لفترات متعددة بين المحافظات وضمنها، إلا أن ذلك أثر سلباً على الفلاحين لجهة تقديم الخدمة لمحاصيلهم ومنتجاتهم الزراعية أو الزراعات القائمة في الأرض والتي لا تتحمل فترات طويلة دون خدمة دائمة ويومية (الري ـــ التعشيب ـــ التسميد ....) ، مضيفاً: إن عدم وصول الأخوة المزراعين إلى أراضيهم أدى إلى تراجع إنتاج بعض الزراعات بسبب توقف ري بعض المساحات مما أثر على معدلات الإنتاج، بالإضافة إلى صعوبة نقل الإنتاج ما بين المحافظات نتيجة توقف الحركة ، وبناء على ذلك استمر السماح بنقل المنتجات الزراعية والتجارية ما بين المحافظات ضمن الإجراءات المحددة لها وذلك بهدف تأمين الغذاء للسكان في كافة المحافظات وخاصة وأن مناطق الإنتاج في غير مناطق تمركز العدد الأكبر من السكان وبالتالي عمليات النقل إلزامية وضرورية لتأمين حاجة السكان من الغذاء، وقد رافق ذلك مجموعة من الاجراءات الحكومية لمواجهة ارتفاع أسعار بعض المنتجات خلال فترة انتشار فيروس كوفيد 19، من خلال التخفيف من وطأة ارتفاع الأسعار فسمحت بإقامة أسواق محلية على مستوى المناطق في المدن الرئيسية، وفسحت المجال للمنتجين الزراعيين لبيع منتجاتهم بشكل مباشر للمستهلك دون المرور بالحلقات التسويقية المختلفة للتخفيف من تكاليف الإنتاج والحد من ارتفاع أسعار المنتجات الزراعية مما ساهم في فسح المجال أمام صغار المنتجين لعرض سلعهم ومنتجاتهم في هذه الأسواق ويحصلوا على أرباح مجزية.
وقال قطنا: أولوياتنا واضحة ومعروفة ونحن نحتاج إلى المساعدة العلمية والفنية والتقنية والمالية لبناء سورية من جديد, سورية الوطن الأم الذي يحتاج إلى دعم من كافة المنظمات كما يدعم حالياً من الدول الأصدقاء ونؤكد على أولويات الحكومة السورية حول تطوير وتحسين الاستراتيجيات الحالية من أجل التخفيف والحد من تأثيرات التغيرات المناخية التي لها أثر كبير على العوامل الاجتماعية والاقتصادية في البلاد، وتوفير مستلزمات الإنتاج للفلاحين وبأسعار مقبولة وبفترات زمنية مستقرة وفي مواعيد استخدامها الحقيقية للتخفيف من تكاليف الإنتاج التي ستنعكس فيما بعد على أسعار المنتجات الزراعية وإتاحتها للسكان بأسعار مقبولة.
وأضاف: يجب أن ننمي الممارسات الزراعية الحديثة وأن ننشر التقنيات الزراعية الحديثة، وإن نشرها لا يعني أن نستخدم آلة فقط وإنما يجب أن نستخدم الآلة والفكر العلمي والتكنولوجيا الزراعية في خدمة الزراعة حتى نطور الإنتاجية الزراعية، المساحات الزراعية في سورية أصبحت محدودة وغير قابلة للزيادة وما لدينا يجب أن نستثمره بأعلى كفاءة ممكنة للحصول على أعلى مردود ممكن من وحدة المساحة ولا يمكن تحقيق ذلك إلا باستخدام البحوث العلمية الزراعية أساساً في التطوير وتطبيقهالحل المشاكل التي تواجه القطاع, ولا يمكن تطوير الإنتاجية إلا بتطوير العمل التعاوني وتعزيز القدرات للجمعيات الفلاحية التعاونية ، نحتاج إلى تقديم الدعم الفني لتطوير الغابات وتنميتها ولابد من دعم مشاريع التنمية الريفية المتكاملة يجب أن لا نركز على الحدائق الأسرية فقط يجب أن ننتشر إلى تطبيق التقنيات الزراعية والتنمية الريفية لإعادة توفير القدرة الفنية والمالية لدى كافة المزارعين لزراعة الحيازات الصغيرة حيثما توفرت وليس فقط ضمن الحدائق المنزلية والحدائق الأسرية.
وقال الوزير: نحن يهمنا كثيرا أن ندعم تطوير الثروة الحيوانية لأن قطاع الثروة الحيوانية قطاع مهم لدينا أغنام العواس وهو عرق سوري موجود في هذه المنطقة غير موجود في أي مكان في العالم, ولا بد من تطويره وتنميته محليا لأنه لا يمكن دمجه بأي عرق آخر وبالتالي نحن نحتاج إلى تطوير هذا القطاع من الثروة الحيوانية المهم جدا, إضافة إلى تطوير قطاع الدواجن ومنتجات الثروة الحيوانية خاصة اللحوم ، ولدينا الجمال الأصيلة التي يمكن تطويرها والتي يمكن أن تساهم أيضا في توفير منتجات مهمة لسكان البادية.
وختم وزير الزراعة: أتمنى لهذه الاجتماعات النجاح وأن تتوج أعمالها بسلسلة من النتائج المفيدة وخاصة أن الأيام المقبلة مليئة بالتحديات, ولا يمكن مواجهة كل الصعوبات والمعوقات إلا بمزيد من التعاون والتنسيق المشترك, ونحن نعول على منظمة الأغذية والزراعة لأنها شريك رئيسي في تطوير القطاع ولدينا معها سنوات طويلة من التعاون المشترك والمشاريع المشتركة التي نفذت في وزارة الزراعة على كامل أراضي الجمهورية العربية السورية وكان لها أثرا إيجابيا تنمويا جيدا. وإننا نسعى أن تتولى هذه المنظمة تقديم الدعم والتنسيق بين دول الإقليم ببلوغ هذا الهدف. وهنا نؤكد على أهمية تفعيل وتنفيذ مبادرة "يد بيد" التي أطلقها السيد المدير العام لمنظمة الفاو كونها تساهم في تنسيق الجهود لمواجهة التحديات التي تواجه اقتصاديات الإقليم بشكل عام والإنتاج الزراعي والغذائي بشكل خاص .