يحاول السوريون التمسك بالتقاليد والطقوس الرمضانية المتوارثة فرغم ارتفاع أسعارها لا تغيب حلويات الشهر الكريم عن موائد إفطارهم فيختارون ما يناسب ميزانيتهم لجهة الكمية والنوعية.
وفي جولة في حي الميدان الذي يضم سوق الجزماتية وهو من أشهر الأسواق بتحضير الحلويات الرمضانية الشامية والذي يقصده الناس من جميع المناطق كونه يعكس أجواء وتفاصيل الشهر الكريم على حد تعبير بدر ياسين حيدر الذي بين أن الكثير من قاصدي السوق غيروا أنماط استهلاكهم بشكل يناسب القوة الشرائية المتوافرة لديهم لكن ما زال السوق يعج بالباحثين عن الحلويات والمأكولات الرمضانية قبل موعد الإفطار.
ويضم سوق الجزماتية وفق حيدر جميع المأكولات والحلويات الدمشقية الشهيرة منها النمورة والقطايف والنهش والغريبة بالقشطة والمبرومة بالفستق الحلبي وهي جزء من الطقوس التراثية الرمضانية مبيناً أنه خلال العشر الأولى من الشهر يركز الصائمون على أكلات القشطة كونها خفيفة على المعدة ويمكن تناولها بعد الإفطار ويتفنن باعة الحلويات الرمضانية التقليدية والشعبية في أسواق دمشق بعرض بضائعهم والمناداة عليها كتقليد راسخ في الشهر المبارك حتى في ظل الظروف الصعبة التي يفرضها الحصار الاقتصادي على السوريين والتي تسببت بارتفاع أسعار الحلويات التي وصل أحياناً إلى الضعف نتيجة ارتفاع تكلفة المواد الأولية الداخلة في صناعتها حسب الحرفي جمال بلاقسي.
وبين بلاقسي أن حركة الأسواق لا تتوقف وهناك أصناف تشهد انخفاضاً في الأسعار التي تتراوح عموماً حسب النوع والصنف بين ألفي ليرة وثلاثة عشر ألفاً للحلويات الناشفة التي لا تحتوي فستقاً أو قشطة “كالمعروك والبرازق والمعمول بعجوة والغريبة” وعشرين ألف ليرة وما فوق للحلويات التي تتضمن الفستق والسمن العربي والمكسرات كالحلويات الشرقية مشيراً إلى أن كل متسوق يختار ما يناسبه.
وأشار بلاقسي أن المعروك من الحلويات الرمضانية المشهورة التي يفضلها السوريون على مائدة الإفطار والسحور وهو مطلوب بشكل يومي كون أسعاره ما زالت مقبولة لمعظم الفئات فيما يخف الطلب عليه أواخر شهر رمضان حيث يتجه اهتمام المواطنين إلى حلويات العيد.
ويباع المعروك وفق العامل عمر حيدر في معظم محال الحلويات والمخابز وحتى لدى الباعة الجوالين وله عدة أنواع فمنه ما يحشى بالتمر أو السكر أو جوز الهند أو الزبيب أو الفواكه المجففة أو الشوكولا وبعضه يباع دون أي حشوة وإنما يغلف فقط بالسكر أو السمسم ويتراوح سعر القطعة وفق عمر بين 600 و2500 ليرة وما فوق وفق الحجم وأيضاً حسب طبيعة المحل الذي يعرضها ومن الحلويات المعروفة في شهر رمضان النهش بالقشطة حسب محمد قويدر وهي مكونة من عدة طبقات من رقائق العجين توضع بينهما كمية من القشطة وتزين بالفستق الحلبي ويوضع عليها القطر إضافة إلى النمورة والغريبة بالقشطة والجوز والمدلوقة والعصملية مبيناً أن أكلات القشطة مميزة ومطلوبة خلال الشهر الفضيل.
ويستمتع سكان دمشق بحسب أحمد أحد حرفيي صناعة القطائف بزيارة الأسواق القديمة في باب الجابية وباب سريجة والميدان وبمشاهدة صانع القطايف وهو يملأ عبوة معدنية صغيرة بالعجين السائل المصنوع من الطحين والماء والخميرة ثم يسكبه بمهارة في دوائر متساوية على الفرن الحديدي الساخن ليحصل بعد لحظات على عجين متماسك القوام لذيذ الطعم ثم يحشوه حسب رغبة الزبون أو يبيعه دون إضافة لمن يرغب بحشوه في المنزل مبيناً أنه يحضر القطائف العصافيري بشكل يومي قبل فترة الإفطار بقليل مشيراً إلى أنها من الأكلات التراثية العريقة التي لا تزال العديد من العائلات تفضل تناولها بعد وجبة الإفطار مباشرة.
وقال أحمد: إن “طقوس رمضان ما زالت حاضرة في سوق الجزماتية بحي الميدان ولم تغب عنه فالزينة والأناشيد حاضرة ومختلف أنواع المأكولات والعصائر والحلويات متوافرة” مشيراً إلى أنه في ظل الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلد يحاول صانعو الحلويات والجمعية الحرفية المختصة بالأسعار أن يجعلوا أسعارهم مقبولة نوعاً ما لترضي جميع المواطنين.