كتب أيمن قحف:
لم تكن صافرة القطار المتجه من مرفأ طرطوس إلى أم قصر في العراق أمس مجرد بداية لشكل جديد واستراتيجي للعلاقة الاقتصادية بين سورية والعراق ونمطاً جديداً للنقل بالاستفادة من موقع سورية الجغرافي.
بل كانت صافرة إنقاذ لثلاثة من أهم المديرين العامين في قطاع النقل الذين كانوا سيفقدون مناصبهم لو لم يقلع القطار في الوقت المحدد..؟!
القصة بدأت منذ شهر ونيف، وكنت ضمن الوفد الإعلامي المرافق للسيد الرئيس بشار الأسد إلى فيينا وبراتسلافا، حيث اتصل السيد وزير النقل الدكتور يعرب بدر بالسيد عبد الله الدردري النائب الاقتصادي الذي كان مع الوفد في فيينا وابلغه باتفاقه مع وزير النقل العراقي على إحداث قناة جافة تربط الموانئ السورية بميناء أم قصر العراقي بواسطة السكك الحديدية، كان الخبر هاماً جداً لاسيما أن السيد الرئيس كان يركز في زيارته على أهمية الموقع الجغرافي لسورية ولاسيما لمستقبل إعادة الإعمار في العراق، وقام السيد الدردري بإبلاغ السيد رئيس الجمهورية بما تم الاتفاق عليه وبناء عليه أعلن السيد الرئيس أمام رجال الأعمال النمساويين هذا الخبر وقال أن التنفيذ سيبدأ مطلع حزيران 2009، سار العمل منذ ذلك الوقت على قدم وساق للإقلاع بالمشروع في الوقت الذي أعلنه السيد رئيس الجمهورية..ولكن نتيجة اجتماعات المتابعة شعر الوزير بالقلق نتيجة أمور (غير واضحة)،وكتبنا عن الأمر في سيريانديز، وقرأه الوزير باهتمام ...
منذأيام التقيت السيد وزير النقل في مبنى رئاسة مجلس الوزراء تحدثنا في أمور عديدة ومنها موضوع الربط السككي ما بين المرافئ السورية وميناء أم قصر العراقي، أخرج الوزير ورقة من جيبه وطلب مني أن تكون (أوف ذا ريكورد)أي غير قابلة للنشر وكانت الورقة كتاباً موجهاً من السيد الوزير إلى المديرين العامين لمؤسسة الخطوط الحديدية ومرفأ طرطوس ومرفأ اللاذقية يطلب منهم إنجاز العمل والإقلاع في تاريخ أقصاه أول حزيران تحت طائلة تحميلهم أقصى درجات المسؤولية وقال لي الدكتور يعرب بدر أنهم سألوه عن معنى هذا الكتاب فقال لهم: الإعفاء من المنصب والأمر غير قابل لأي نقاش..والآن أسمح لنفسي بنشر القصة مع النهاية السعيدة ...
بالامس تنفس الوزير الصعداء ومعه المديرون العامون الثلاثة فقد كسبوا الرهان وسار القطار وابدى الوزير سعادته لأن الإنجاز تحقق قبل يومين من الموعد المحدد.. وهم الآن يستحقون التهنئة بدلاً من الإعفاء،وهم المهندس جورج مقعبري والمهندس زكي نجيب والسيد سليمان بالوش.
هناك شريك آخر في الرحلة الناجحة هو السيد منذر العساف صاحب البضاعة الذي كان سعيداً بكونه أول من نقل بضائعه على القطار المنتظر، وهو يعدنا برحلة أخرى خلال الأيام القادمة ليستمر بنبض الحياة في عروق السكة..