كتب :أيمن قحف
شكل المرسوم التشريعي رقم 66 القاضي بإحداث منطقتين تنظيميتين في نطاق محافظة دمشق حالة جديدة في ملف السكن والعمران في سورية.
اليوم تواصل محافظة دمشق دراسة مشروع قانون إحداث شركة قابضة لإدارة أملاك المحافظة المتعلّقة بالمرسوم 66 المتعلق بإحداث منطقتين تنظيميتين في نطاق محافظة دمشق ضمن المصور العام للمدينة.وتتم الاستعانة بقضاة ومحامين مختصين للدراسة، حيث يشير البعض إلى أن قيمة هذه الأملاك تقدر بعشرات المليارات حسب قيمة الأسهم.
المحافظة- في حال نجاح هذه التجربة – تعتبر أنها قد أخرجت المشروع من الروتين في العمل، ليصبح مجلس إدارة الشركة المعنيّ في إدارة الأمور، وإصدار القرارات والصرف ما يسهّل ويسرّع وتيرة العمل ويخفّف الأعباء عن المواطنين، وفي حال نجاح التجربة يمكن التعميم في المحافظة.
حسب معلوماتنا فإن هناك خلية عمل من الاجتماعات،دعت وتدعو محافظة دمشق بشكل متواصل لعددا من كبار المسؤولين الحكوميين منهم نائب الخدمات- وزير الإدارة المحلية ووزراء المالية والاسكان والأشغال العامة وآخرين لإنجاز شروع مرسوم إحداث الشركة القابضة..
باعتقادنا أن المشروع-كحالة جديدة-يستحق الاهتمام والتأسيس الجيد،لكن السؤال يدور حول الأولويات وقيمة وقت المسؤولين مقارنة مع حجم وأهمية المشروع قياساً لحجم وأهمية بقية مشاريع ومتطلبات تمتد على مساحة سورية؟!!!
المشروع في نهاية الأمر يمتد على مساحة 600 هكتارا لكل موقع من الموقعين،وسيؤمن آلاف الشقق السكنية ومناطق تخديمية،ولكنه اقتضى مرسوماً تشريعياً وينتظر مرسوماً آخر بإحداث الشركة القابضة وأخذ من وقت كبار المسؤولين أيام عمل طويلة،بينما أشيدت في المحافظة والمحافظات الأخرى العديد من الضواحي السكنية بمساحات أكبر من المذكورة دون أن يتطلب ذلك إصدار مراسيم منها تنظيم كفرسوسة بنفس المنطقة؟!
ومن هنا السؤال: ما غاية المحافظة من هذه الاجراءات المبتكرة، وهل يتطلب الأمر حقاً كل هذا الإشغال لوقت كبار المسؤولين على حساب أمور الوطن والمواطن؟!
على كل حال لست في مكان يسمح لي أن أقرر كيف يوزع المسؤول وقته لكنني أسمح لنفسي بطرح الأسئلة وإجراء مقارنات!!
أذكر في عام 2001 ،كنت أحضر جلسة للمجلس الأعلى للاستثمار،في تلك الجلسة للمجلس الأعلى للاستثمار عرضت وزارة النقل مذكرتين، الأولى تتعلق بوضع السيارات في سورية بشكل عام حيث كان الاستيراد ممنوعاً وشركات التأجير الاستثمارية مزدهرة،والإدخال المؤقت متألق!!
تم عرض المذكرة بخمس دقائق دون قرار أو تعليق من أحد!!!
بعدها عرضت وزارة النقل مذكرة حول بيك آب سكودا لشركة استثمارية في الحسكة تعرض لحادث خربه بشكل كامل وكان السؤال هل نسمح للشركة باستيراد بديل مع إعفاء ؟!
بقي الحضور يتناقشون نصف ساعة دون حسم!!!
كان الدكتور ميرو يسأل قبل اتخاذ القرار:"حدا عندو اعتراض يا أخوان؟!"
هذه المرة،ولأنه كان يسألني أحياناً عن رأيي في الجلسة،رفعت يدي فسألني :ما هو اعتراضك يا استاذ أيمن؟
اعتذرت لتدخلي وقلت لهم: أعتقد أن وقت الحكومة أثمن بكثير من أن يضيع في قضية بيك أب في الحسكة، لقد ناقشتم وضع السيارات في سورية كلها بخمس دقائق والآن تضيعون نصف ساعة لأجل بيك أب؟!!!!
إن المواطن ومسؤولياتكم بحاجة أكبر لوقتكم من البيك أب الذي يمكن أن يعالج قصته موظف في الوزارة أو مكتب الاستثمار!!!
للحظة بدا وكأن كلامي شحن الأجواء واستفز الحضور،انتظرت وانتظر البعض أن يطردني الرئيس من الجلسة لتطاولي على مقاماتهم!!!!
أطرق الدكتور ميرو ملياً ثم قال لي:معك حق تماماً،ونادى المرحوم سراقبي قائلاً له:يا محمد ،لا تحضر الجلسة القادمة إلا ومعك قائمة بالتفويضات لكم وللوزارات كيلا تصل القضايا الصغيرة إلى هنا..
ولحفظ ماء وجه البعض قال ميرو:صحيح أنها قضية صغيرة لكنها تعطينا فكرة عن مشكلات المستثمرين...
في الجلسة التالية كان هناك 35 تفويضاً انتقلت من المجلس الأعلى لمكتب الاستثمار والوزارات!!!!
على كل حال،لن نقلل من أهمية المشروع الذي تعمل عليه محافظة دمشق،وحجم الجهود المبذولة لأجله،لكن نريد حقاً أن نفهم هل من مبرر لكل هذا الوقت والاجتماعات،ومتى سننتهي ويبصر المشروع النور؟!!