كتب أيمن قحف
عندما يصدر العدد القادم من بورصات وأسواق، تكون الحكومة العتيدة قد تم تشكيلها ولا أحد يستطيع أن يدعي أنه يعرف كيف ستكون؟!
حسب العرف الدستوري، ستصبح حكومة الدكتور وائل الحلقي حكومة تسيير أعمال ريثما يتم تشكيل الحكومة الجديدة، الحكومة أمضت سنتين ونيف بتشكيلتها الأولى فقد تم تشكيلها في 23 حزيران 2012،وتسلم الدكتور الحلقي رئاستها في 10 آب 2012 يحمل على كاهله عبئاً ثقيلاً يتمثل في استعادة هيبة المنصب ومصداقيته بعد أن لوثه من سبقه بسلوك خياني انهزامي لم يحصد منه سوى الخيبة والعار.
شهدت الحكومة عدة تعديلات أبرزها في شباط 2013 ومن ثم في آب 2013
واحتفظ كل من الوزراء وليد المعلم ،عمر ابراهيم غلاونجي ،عماد عبد الغني الصابوني ،محمد عبد الستار السيد منصور فضل الله عزام ،اللواء محمد ابراهيم الشعار ،عماد محمد ديب خميس ،بسام حنا هزوان الوز ،محمود ابراهيم سعيد ،لبانة مشوح ،عمران عاهد الزعبي ،علي حيدر ،نظيرة فرح سركيس حسين محمود فرزات ،جوزيف جرجي سويد ،عبد الله خليل حسين ،جمال شعبان شاهين بمناصبهم مع تعديلات طفيفة شملت الوزير حسين فرزات الذي أصبح وزيراً للإسكان. فيما طالت التغييرات 13 وزيراً وفي بعض المناصب أكثر من مرة مثل الاقتصاد والعدل والنفط.
لا نفضل الدخول في لعبة التوقعات، وكل من يقول أنه يعرف فنحن نبشره بأنه "لا يعرف"!!!
ولكن يبدو من المنطقي أن نرصد أداء هذه الحكومة التي عاصرت ثلثي عمر الأزمة وتولت إدارة البلاد وشؤون المواطنين في أصعب الظروف.
من الضروري التمييز ما بين مجمل الأداء والتفاصيل، وما بين صورة الحكومة مجتمعة وصورة كل عضو فيها، ولكن بنظرة متفائلة نقول أنها حكومة قامت بدور وطني جاد ساهم في التقليل ما أمكن من الآثار الكارثية للوضع السوري والتي من شأنها أن تتسبب بانهيار امبراطوريات!
أستطيع أنا وغيري أن نعدد آلاف الثغرات والمواقف السلبية ومظاهر التقصير هنا وهناك، ولكن من المهم القول لننصف حكومة الدكتور وائل الحلقي أنها حافظت للشعب السوري المقيم على مقومات الحياة في ظروف شديدة الصعوبة والخطورة. حكومة أبقت نوافذ التفاؤل مفتوحة رغم كل ما يحصل!
لعبت شخصية الدكتور وائل الحلقي الايجابية والمبادرة دوراً هاماً في ضبط الايقاع وتحقيق التناغم بين أعضاء الفريق الحكومي الذي لم يكن جميع أعضائه على سوية واحدة في الأداء والإنجاز مما اضطر لتعديلات عديدة خلال العامين الماضيين فتم تغيير بعض الوزراء ممن لم يواكبوا التطورات أو قصروا في عملهم وبقي الأكثر انجازاً ونجاحاً وانسجاماً مع روح الفريق.
بكل الأحوال، الشارع السوري يبدو راضياً بالمجمل عن أداء الحكومة ورئيسها، ولا يقلل انقطاع الكهرباء أو وضع الخدمات أو فرص العمل من تقدير الشارع الذي يعرف جسامة المهمات.
كما أننا-ونحن نعلم أننا لا نقرر شيئاً-نعيد ما قلناه منذ أكثر من عام من أن "جهود الدكتور الحلقي تؤهله للبقاء في الصورة في مكان يمكنه من مواصلة أدائه الجيد.
ما المطلوب من الحكومة القادمة؟
من الضروري أن يكون هناك نائب اقتصادي ورسم لهوية الاقتصاد السوري لمواجهة تحديات إعادة الإعمار وبناء البلد وملفات التنمية وتحقيق الانسجام في الفريق الاقتصادي الذي يبدو اليوم فيه كل علائم الضعف و الاختلاف بل و ثقل أطراف على حساب غيرهم؟!
من الضروري حماية الدستور و القوانين فيما يتعلق بآلية عمل الدولة والمسؤوليات، فهناك مظاهر غير مستحبة ظهرت في السنوات الماضية منها تعويم أحد المناصب ليظهر كأنه أهم وأقوى من الوزراء وهو بروتوكولياً ورسمياً أمر غير صحيح ـوربما عالجه الدكتور الحلقي عبر استيعابه السريع لكل أنظمة عمل المجلس وقوة شخصيته فتجاوز وهم وجود "شخص متنفذ آخر في المبنى"!! ولكن بقي بعض الوزراء-بقوة أو ضعف منهم-يتحفظون على دور أكبر مما يفترض للمنصب المشار إليه!!
ينتظر الحكومة الجديدة استحقاق انجاز التحول الذي نص عليه الدستور
وأعطى ثلاث سنوات لتوفيق القوانين والأنظمة معه وهذا يعني أن أمامها حوالي سبعة أشهر فقط لاستكمال ما عليها.
كما ننتظر تحقيق مبدأ "فصل السلطات" بكل دقة، وهذا يتضمن في الجوهر عدم تعدي السلطة الأعلى على صلاحيات ومسؤوليات الجهة الأدنى، فالاجتهاد القائل أن "من يملك الأكثر يملك الأقل" أعطى للمسؤولين صلاحيات تلغي جوهر المسؤولية لمن هم في مواقع أقل وهذا بحد ذاته" إضاعة للمسؤولية"!!!
مرة أخرى، لا بد أن نكون منصفين عبر الثناء على الحكومة الحالية التي لم نلحظ فيها مظاهر فساد، وتحمل أعضاؤها النقد والمخاطر والعقوبات الدولية، لكنهم بقوا على إيمانهم بالوطن.