سيريانديز– مكتب اللاذقية- دُنيز محمد الورعة
انتشرت ظاهرة إشغال الأملاك العامة بكثرة في شوارع اللاذقية وشكل يفوق الحدود الطبيعية، حتى باتت تشكل عبئاً على المدينة التي غدت اليوم تستعيد هدوءها ورونقها خاصة بعد تحرير القسم الأكبر من ريفها من الجماعات المسلحة.
ورصدت سيريانديز أماكن إشغالات مختلفة من المدينة مطلعةً على هموم الناس ووجهة نظرهم
يقول ف.ع الوافد من إحدى المحافظات الساخنة والأب لخمسة أطفال: إنه اضطر للعمل على بسطة غير مرخصة وأن المحافظة تحاربهم في "لقمة عيشهم" وأنً الحرب لم تترك لهم خيار آخر بعد أن غادروا منازلهم رغماً عنهم مخلّفين وراءهم كلّ ما يملكون.
فيما يؤكد جاره في المكان, الشاب محمد زين الدين, الطالب الجامعي الذي دفعته الأزمة للنزوح أيضاً, أنَ غلاء الأسعار وعدم ضبطها دفعته للعمل لساعات بعد الانتهاء من الجامعة وأنّ ما يجنيه والده لا يكفي مستلزمات الدراسة.
من جهتهم, يرى أصحاب الإشغالات المُرخصة في سوق التأمينات الذين يشغلون الأرصفة ويسببون أزمة في السير أنً: "المُشتري لا يدخل إلى السوق وإنّما يصل إلى أقرب نقطة ليشتري حاجته ويرحل, لدينا أطفال نُطعمها و نعلّمها والدولة بإجبارنا الدخول إلى السوق "تقطع أرزاقنا" .
عن هذه الظاهرة و انتشارها, قال رئيس دائرة مراقبة الأملاك العامة في المدينة, المهندس باسم صقر لسيريانديز إنّ تداعيات الأزمة بكل نواحيها, الاجتماعية والاقتصادية, وانعكاساتها على الواقع المعيشي السبب الأول في ازدياد هذه الظاهرة، فضلاً عن فقدان العديد من المواطنين وظائفهم, سواء من مواطني مدينة اللاذقية أو من الوافدين، هؤلاء رأوا إشغال الأرصفة الحلّ الوحيد كمصدر رزق حتى لو كلّفهم الأمر المُسائلة القانونية أو تحمّل حرّ الصيف وبرد الشتاء!.
وأضاف صقر: "حلّ هذه الظاهرة هو مطلب كلّ مواطن، بالنسبة لنا كمجلس مدينة اللاذقية, لدينا خطط للحدّ منها، هناك توجيه لتأمين أسواق شعبية منظمّة في كلّ المناطق تصطدم في كثير من الأحيان بتأمين الموقع المناسب الذي يلبّي الغرض المطلوب ".
وأشار صقر إلى أنَّ محافظ اللاذقية وجّه المعنيّين لإزالة كافة الإشغالات المخالفة مع التأكيد على الحفاظ على حقوق وميزات ذوي الشهداء ومصابي الحرب وذوي الاحتياجات الخاصة، موضحاً أنً: "عملية الإزالة عملية طويلة ومستمرة حتى تاريخه, وباعتقادي من خلال المؤشرات, وحجم الشكاوى المقدّمة إلينا, فإن هذه العملية ناجحة في الوقت الراهن أكثر مما كانت عليه سابقاً".
ورداً على سؤال إن كانت الأرصفة مباعة لأصحاب النفوذ قال صقر: "الجميع تحت القانون وقيادة شرطة اللاذقية تقدّم الدعم والمؤازرة الكافية التي تمكّن موظفيّ الدائرة القيام بالمهام والواجبات على أحسن وجه".
وحول عمل وأداء شعبة إشغالات الأرصفة, أوضح صقر أنّ الدوريات تقوم يومياً على مدار الأسبوع وفي أيام العطل الرسمية باستقبال شكاوى المواطنين، وذكر أنهّ في الأشهر الثلاثة الأخيرة تمً مصادرة ما يقارب 35 كولبة و 45 عربة متنوّعة و140بسطة موّزعة بمختلف أنحاء المدينة، وتمّ إيداعهم مستودع المصادرات أصولاً بموجب مذكرات إدخال رسمية.
و بيّنَ صقر أنًّ القسم الأكبر من الإشغالات المُخالِفة والتي تعيق المارة هي بسبب إشغال أصحاب المحلات التجارية للأرصفة أمام محلاتهم ،حيث تقوم شعبة الرسوم, بإنذارهم شفوياً ومن ثمّ كتابياً وفي حال عدم التزامهم يُصار إلى إصدار قرار إغلاق المحلات المتجاوِزة بالشمع الأحمر، حيث بلغ عدد المحال المغلقة بموجب هذه القرارات خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة 30 محل تجاري و 16 مقهى بمختلف أنحاء المدينة.
في سياق متّصل بيّنَ المهندس رياض الخطيب, عضو مكتب تنفيذي للموازنة والعقود في مجلس المدينة, أنً رخص الإشغالات تُمنَح مؤقتاً وبأسعار ثابتة بموجب قانون مالي وفق معايير وضوابط ومساحة محدّدة مع تعهد صاحب الترخيص بالإزالة في حال وجود شكوى أو إذا اقتضت المصلحة العامة، وتقوم المحافظة بمنح الرخص للحالات الإنسانية لذوي الشهداء ومصابي الحرب وذوي احتياجات خاصة بهدف التأكيد على انخراطهم بالمجتمع ومساعدتهم.
وأكد الخطيب أنً أصحاب الإشغالات يتأخرون في دفع الرسوم المُستحقة عليهم حتى تراكمت الديون وتجاوزت ال 50 مليون ليرة سورية حيث قدّم مجلس المدينة التسهيلات وقام بحسم جزء من الديون المترتبة عليهم وتقسيط المبالغ المتبقيّة لمدّة عامين ومع ذلك ما يزال عدد منهم يتهرّب من مسؤولياته.
كما قدّم الخطيب اقتراحين لحلّ مشكلة الإشغالات أحدها يقتضي معالجة علنية من خلال بثّ مباشر لعدسة التلفزيون أثناء إزالة الإشغالات ليدرك المواطن مِقدار الجهد الذي تقوم به المحافظة ودائرة الأملاك العامة وإقامة ندوات تلفزيونية تُتابع وتلاحق هذه القضايا، أمّا الاقتراح الثاني يقتضي بإنشاء مواقع مرّقمة للإشغالات في أنحاء اللاذقية حسب مخطًط المدينة وينتقل أصحاب الإشغالات, ضمن جدول زمنيّ دقيق, كلّ ثلاثة أشهر من موقعه المُرّقم إلى موقع آخر بسعر مختلف حسب المنطقة واشترط الخطيب المنظر الحضاري لهذه الإشغالات المرقمة ضمن أكشاك مجهّزة بالكهرباء والماء، هذا المقترح, الذي سوف يقدّمه للمحافظ في الاجتماعات القادمة لمجلس المدينة, جاء نتيجة زيارة الخطيب لبلدان أوروبية عديدة والاطلاع على التخطيط الهندسي لمدنها.
وأضاف: لا تزال المدينة الطيبة تفتح ذراعيها كلّ يوم لوافد جديد وتفسحُ مكاناً آخر لمواطن قرّر ألّا ينكسر لرغيف خبز، وهنا يجد موظفو شعبة إشغالات الأرصفة أنفسهم بين مطرقة التقصير بنظر مرؤوسيهم، وسندان مصادرة لقمة العيش بنظر شارع أنهكته 5 سنوات من أزمة مسَت كل نواحي حياته.