مكتب اللاذقية – سيريانديز – رشا ريّا
في مطلع القرن الماضي لم يكن الشارع السوري يهتم فيما إذا كانت ماري عجمي (رائدة الصحافة السورية) ومثيلاتها في ذلك الزمان جميلات المظهر فقط ، فماري" حين وقفت في وجه "جمال باشا السفاح تفاخرت بها دمشق .
اليوم قد يبدو هذا الكلام رومانسياً ، إذا ما جرت مقارنته بصور بعض المرشحات إلى مجلس الشعب, فيما يبدو لنا من خلال تلك الصور ، وآثار عمليات التجميل الواضحة ، أن التجميل قد تحول إلى ضوء أخضر مؤهل للفت انظار المارة أو يهدف إلى تمثيلهم تحت قبة البرلمان.
بين فضاء التجميل من جهة وعالم السياسة من جهة أخرى، نشأت علاقة ارتباط وثيقة، بعد أن كانت عمليات التجميل مصدر خجل أوحذر، وها هي اليوم تصل حد الإدمان.
الشارع منقسم في هذا الأمر بين مؤيد ومعارض , البعض يجد هذه العمليات كثغرة يستطيع الإعتماد عليها للتشهير بهذه المرشحة أو تلك فيما يصر البعض على إمكانية الفصل ما بين المظهر والأداء .
حنان التي تحدثت لسيريانديز ليست الوحيدة في تبني هذا الرأي, فهي عبرت ببساطة لا تخلو من عمق وقالت : "لا أستطيع أن أحكم عليهن من خلال شكلهن, فمظهرهن هو حرية شخصية, ما يعنيني ألا تذهب ميزانية الدولة إلى جيوب أطباء التجميل"
يقف قصي على الضفة الأخرى, ويعلق على الأمر باختصار وباللغة الدارجة "المكتوب مبين من عنوانو".
هذه الظاهرة شكلت مادة دسمة تدور حولها أحاديث في مجالس شبابية, فإذا ما سألت إحدى (الصبايا) فعليك أن تتهيأ لرد رافضٍ من شفاهٍ تشي أنَّ ذات اليد الجراحية مرّت عليها, في حين أعلن معظم (الرجال) عودته عن قرار اعتزال المشاركة في الإنتخابات, ومنهم من لم يتوانى في نشر صور بعض المرشحات على صفحات التواصل الإجتماعي, مرفقة بتعليق طريف, ومن بينهم منير الذي مازح سيريانديز بالقول : "سأنتخب الجمال".
في حديث لسيريانديز مع أحد أطباء التجميل ، والذي فضل عدم ذكر اسمه تبيّن أن هذه الظاهرة ليست حكراً على طبقة دون أخرى, ففي الآونة الأخيرة بات واضحاً الإقبال الكبير عليها, وليس بالغريب على من ستجتاح صوره طرقات البلد أن يحرص على ظهوره بشكلٍ يطابق معايير ناخبيه الافتراضيين.
ولأن السلطة الرابعة لا ترمي التهم جزافاً , حاولنا جاهدين إقتفاء أثر إحدى المرشحات لإجراء لقاءٍ معها, يكون بمثابة فرصة تعطيها حق الرد على الأقاويل وأحاديث الألسن الطويلة , لكن كل تلك المحاولات باءت بالفشل.. فيما يبدو أنه إجادة للدور من قبل أن تكتب النصوص حتى.
خلاصتنا تقول : ربما إقناع المواطن بأحقية وصول مرشحة دون أخرى في زمن الصورة لا يحتاج غير بضعة حقنات " بوتكس أو " فيلر.. مع كمشة من الكاريزما والقليل من مساحة الذاكرة التي حفظت بعض الشعارات لتنساها وسط هذه الظروف.
وسؤالنا بلا تجميل يقول : هل يحق لشارع أضحت ثقافة التجميل جزء من يومياته أن يطلب من ممثليه المفترضين الايمان بالقاعدة القديمة التي تقول : الجمال جمال النفس ؟